الوقت- لم تستطع الإمارات أن تختبئ خلف اصبعها بعد "اتفاق الرياض" الذي تم توقيعه منذ 3 أشهر بين الحكومة اليمنية و"المجلس الانتقالي الجنوبي" الموالي للإمارات، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبموجب هذا الاتفاق كان من المفترض أن تستقر الأوضاع في جنوب اليمن بعد أن نشر أتباع الامارات هناك الفوضى وسيطروا على مراكز ما يسمى بـ"الشرعية" وهي الجهة التابعة للسعودية، وكادت الاوضاع بين الرياض وأبو ظبي ان تنفجر لولا هذا الاتفاق الذي كان بمثابة تهدئة للطرفين، ولكن يبدو اليوم أن الامارات خدعت السعودية في هذا الاتفاق لأن أنصارها عادوا لممارسة أفعالهم "الانقلابية" السابقة، وهذا يضعنا امام تساؤل كبير حول سبب صمت الرياض عن أفعال أبوظبي ومجلسها الانتقالي الجنوبي.
ماذا يفعل أنصار الإمارات في اليمن؟
أولاً: رفض "المجلس الانتقالي الجنوبي" تسليم الأسلحة الثقيلة للشرعية بناءً على "اتفاق الرياض" وتواجه اللجنة السعودية في عدن مشكلة عدم تجاوب "المجلس الانتقالي" والمليشيات التابعة له مع طلب تسليم السلاح الثقيل الذي وصلهم من الإمارات، بعدما نصّ اتفاق الرياض على ضرورة تسليمه إلى قيادة التحالف ممثلة باللجنة السعودية المكلفة بتطبيق الاتفاق. ويرفض "الانتقالي" تسليم هذا السلاح وحتى الكشف عن أماكن وجوده، مقابل تشديد الشرعية على ضرورة تسليمه حتى لا تتحوّل مليشيات "الانتقالي" مع هذا السلاح إلى دولة داخل الدولة وتعمل على زعزعة الاستقرار.
وهناك معلومات متواردة بأن "الانتقالي" وبعلم إماراتي، نقل جزءاً كبيراً من السلاح الثقيل إلى مناطق في يافع وردفان والضالع، ويحاول إقناع السعوديين بأنه لا يمتلك سلاحاً ثقيلاً، وما في حوزته موجود في الجبهات، مع أن ذلك السلاح يتم إخفاؤه بعيداً عن الأنظار وبإشراف مباشر من رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزبيدي.
المصادر، والتي من بينها قيادات عسكرية في "الانتقالي"، أكدت أن المجلس لن يسلّم السلاح الثقيل أو المتوسط، ولن يسمح بعودة الشرعية إلى عدن أو تحكّمها بالوضع، متحدثة عن معركة فاصلة هذه المرة، وأن هذا السلاح أصبح ملكاً للمجلس، وبدعم من الإمارات لشعب الجنوب، لطرد الحكومة الشرعية، ولن يسمحوا للسعودية بإعادتها إلى عدن.
حتى اللحظة لم تتمكن قيادة التحالف السعودية من سحب السلاح الثقيل من مليشيات "الانتقالي"، في الوقت الذي يواصل فيه قادة الأخير إعادة بعض ما تم نهبه من مؤسسات الدولة ومعسكرات الشرعية، عدا عن إعادة عشرات المليارات التي تم نهبها أخيراً من قبل مقربين من رئيس المجلس، وبأمر منه، من سفينة راسية في ميناء عدن. وكانت الإمارات وأتباعها قد منعوا إدخال هذه الأموال لتغطية الرواتب وتنفيذ المشاريع وتوفير الخدمات، وبقيت في البحر لأشهر عدة قبل أن تتدخّل القيادة السعودية في عدن وتجبر رئيس "الانتقالي" على إلزام أحد رجالاته بتسليم هذه الأموال إلى البنك المركزي اليمني وتحت إشراف الحكومة.
ثانياً: هناك تصعيد عسكري ممنهج يقوم به أنصار الامارات في كل من سقطرى شرق اليمن وشبوة وسط البلاد، وحول هذا الموضوع أعلن محافظ سقطرى، رمزي محروس، يوم الثلاثاء، أن السلطة المحلية في المحافظة فوجئت الاثنين بإعلان عناصر من كتيبة الشواطئ التابعة للواء الأول مشاة بحري في الجيش اليمني، التمرد على الشرعية، والولاء للانفصاليين في "المجلس الانتقالي الجنوبي". ووصف ما جرى بأنه "سابقة خطيرة من نوعها في المحافظة"، وحصل "بحضور عناصر من مليشيا الانتقالي نفسه وبدعم واضح وصريح من الإمارات". وأكد أن "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذا التصرف"، معلناً مهلة 24 ساعة لـ"المتمردين" للتراجع، وإلا "سيتم فرض النظام والقانون وحماية مؤسسات الدولة وامن وسلامة المواطنين وأملاكهم".
وفي شبوة، اتهم المحافظ محمد صالح بن عديو، الإمارات بتمويل مخطط جديد للفوضى في المحافظة، بالتزامن مع أنباء عن تحركات مسلحة للمحسوبين على "الانتقالي"، بهدف التصعيد ضد القوات الحكومية. وقال بن عديو في بيان أمس "مؤسف جداً أن تموّل الإمارات الفوضى في شبوة بميزانيات ضخمة وأن يتم استغلال حاجة الناس للزج بهم ليكونوا ضحايا لتحقيق أطماع نفوس مأزومة".
ثالثاً: حرب اعلامية على القيادة السعودية في عدن، وهي المكلفة بالإشراف على تنفيذ اتفاق الرياض، ما دفع ببعض القيادات السعودية للخروج عن صمتها، وفي هذا السياق رد المسؤول الإعلامي المرافق للقيادة السعودية في عدن، ناصر حبتر، عبر حسابه في "تويتر"، على الحملة الإعلامية التي تعرّض لها شخصياً والقيادة السعودية، والتي اعتبرها تكشف عن أصحابها ومن يقفون خلفها، ملمّحاً في أحد منشوراته بطريقة غير مباشرة إلى أنه تعرّض لتهديد، لكنه أكد أنه لا يخاف إلا من الله، مشدداً على أن اتفاق الرياض سينفذ من قبل جميع اليمنيين ولا مفر منه.
هذا الأمر أثار تساؤلات في الشارع الجنوبي حول أسباب الحملة التي يقوم بها الذباب الإلكتروني المدعوم والمشكّل من الإماراتيين وأتباعهم، فضلاً عن ردة فعل المتحدث باسم القيادة السعودية في عدن. وكان لافتاً التساؤل الذي نشره الناشط الإعلامي في الحراك الجنوبي أنيس البارق، وهو "ما سبب الحملة التي يشنّها أيتام الإمارات على القيادة السعودية وناطقها الإعلامي؟". واستخدم البارق مصطلح أيتام الإمارات في إشارة إلى أن مغادرة أبوظبي لعدن بعد اتفاق الرياض، جعلت "المجلس الانتقالي" وناشطيه ومناصريه بلا من يرعاهم، وهو مصطلح بات يستخدمه الكثير من الناس.
الحملة الاعلامية غايتها واضحة جدا وتتمثل في محاولة الضغط على السعوديين لعدم تمرير بعض القرارات التي تنهي انقلاب أبوظبي وأتباعها وتدخّلاتهم وفق اتفاق الرياض وتعيد دور الحكومة ومؤسسات الدولة إلى جنوب اليمن. وأشارت إلى أن هناك محاولات تمرد من قيادات بعض المليشيات المقربة من أبوظبي وقيادة "المجلس الانتقالي" على اللجنة السعودية المكلفة بتطبيق اتفاق الرياض. يضاف إلى ذلك بعض الإجراءات التي تقف حائلاً أمام تنفيذ هذا الاتفاق، مثل استمرار احتلال العديد من المؤسسات ورفض الانسحاب منها، فضلاً عن محاولات لإعاقة حركة الملاحة في ميناء ومطار عدن، ومنع دخول المواطنين اليمنيين لا سيما من المحافظات الشمالية، واستهدافهم، وملاحقة مؤيدي الشرعية، واستمرار تدخّلات المليشيات التابعة للإمارات في عمل المؤسسات ونهب الأراضي.