الوقت- بعد الإنجازات العملياتية لأنصار الله اليمنيين في استهداف عمق الأراضي المحتلة وإظهار نشاط بركان الجبهة الجنوبية للمقاومة ضد "إسرائيل"، في الأيام الأخيرة، وباعترافها بمقتل جنديين صهيونيين وجرح آخرين، أصيب 25 آخرون في هجوم بطائرة مسيرة للمقاومة العراقية على أراضي الجولان المحتل، كما أظهرت الجبهة الشرقية للمقاومة، قدراتها العملياتية لإزعاج تل أبيب في الأسابيع والأشهر الحاسمة المقبلة؛ حيث يبدو أن قادة تل أبيب لم يتوقعوا مثل هذه الضربة بسبب الوجود العسكري الأمريكي الكبير في العراق.
وذكرت إذاعة الجيش الصهيوني أن التحقيقات الأولية في الهجوم أظهرت أن طائرتين مسيرتين مفخختين انطلقتا من العراق فجر الخميس ودخلتا منطقة الجولان، إلا أن أنظمة الدفاع الجوي لم تتمكن من إسقاط إحداهما والتي انفجرت في قاعدة عسكرية شمال الجولان.
وأثارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أيضا احتمال أن تقوم المجموعات العراقية، بتنفيذ هجمات أقل على الأراضي المحتلة مقارنة بالأطراف الأخرى في محور المقاومة، التي كثفت هجماتها بشكل متزايد، ويقول رائد الحامد، الباحث العراقي في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة: إن "المجموعات العراقية تحاول الآن أن تلعب دورا محددا في إطار ما أعيد تسميته مؤخرا بجبهات الدعم"، ووفقاً للتقرير، فإن واقع العراق المسالم نسبياً قد يتغير بسرعة، نظراً لتزايد احتمال نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط بعد عام من طوفان الأقصى (كما يسميه الصهاينة السبت الأسود) في الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول.
وتعهدت فصائل المقاومة العراقية، المتحالفة مع جبهات أخرى في محور المقاومة، بدعم حركة حماس في غزة منذ الـ 7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وكثفت هجماتها في الآونة الأخيرة، وفي هذه الهجمات، هاجم العراقيون مراراً وتكراراً المواقع العسكرية والمراكز الاقتصادية للكيان الصهيوني، وخاصة في موانئ حيفا وإيلات، وتمثلت جهود الجيش والحكومة الصهيونية في فرض رقابة على جميع الأخبار والمعلومات حول كمية الخسائر والضحايا جراء هذه الهجمات.
وحسب تاميز إسرائيل، فإن "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤولة عن نحو 170 هجوما على أهداف في الأراضي المحتلة، وقع أكثر من 70% منها فقط في سبتمبر/أيلول 2024، في نفس الوقت الذي تصاعد فيه التوتر بين "إسرائيل" وحزب الله.
وفي هذا التقرير، ومع التعريف بقدرات بعض فصائل المقاومة الإسلامية في العراق، ومنها كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق (التي انفصلت عن التيار الصدري عام 2006)، ومنظمة بدر التي حسب هذا الإعلام الصهيوني يعود أصل تشكيلها إلى الحرب العراقية الإيرانية والتي تتكون من المنفيين العراقيين الذين قاتلوا ضد صدام حسين.
يذكر أن هذه الجماعات أطلقت طائرتين مسيرتين باتجاه مدينة إيلات في الـ 25 من سبتمبر/أيلول الماضي، كما أرسلت 6 طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات وصواريخ كروز إلى شمال "إسرائيل" مطلع الأسبوع الماضي، وصباح الأحد الماضي، انطلقت صفارات الإنذار في مدينة إيلات.
خلال الأيام القليلة الماضية وبعد استشهاد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان، أظهر قادة وأعضاء فصائل المقاومة العراقية، مثل معظم أبناء هذا البلد ودول المنطقة، وقوفهم إلى جانبهم وقدموا دعم غير محدود لحزب الله في لبنان، بل إن بعضهم طلب متطوعين على شبكات التواصل الاجتماعي للقتال إلى جانب قوات حزب الله، وعلى سبيل المثال، أعلن "أبو العلاء الولائي" الأمين العام لـ "كتائب سيد الشهداء"، قبل أيام، استعداده لإرسال 100 ألف مجاهد عراقي للقتال إلى جانب حزب الله اللبناني.
التدابير الوقائية
الهجوم الأخير الناجح بطائرات دون طيار للمجموعات العراقية، والذي أثبت مدى القدرات العسكرية للمقاومة الإسلامية العراقية في تفعيل الجبهة الشرقية للأراضي المحتلة أكثر من ذي قبل في استمرار للتطورات، دفع وسائل الإعلام الإقليمية للحديث عن احتمال قيام الكيان الصهيوني بإجراءات انتقامية ضد هذه الجماعات في العراق، ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مصادر أن إسرائيل "تخطط للتحرك ضد الجماعات المسلحة في العراق بعد مقتل وجرح 26 جنديا".
كما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر في العراق، أن الأطراف تلقت تقريراً أمنياً "إطاراً تنسيقياً" حول عشرات الأهداف التي حددتها "إسرائيل" للهجوم عليها في العراق، وحتى قيادة الجيش أبلغت القادة شفهياً بذلك، وحذرت هذه الجماعات من احتمال القيام بأعمال عسكرية إسرائيلية.
وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»: إن "الفصائل العراقية وفصائل المقاومة الإسلامية متأكدة من أن إسرائيل، نتيجة التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تتواجد في العراق منذ عقدين، تمتلك كماً هائلاً من المعلومات، بما في ذلك إحداثيات الأماكن والأشخاص"، في غضون ذلك، يبدو أن المقاومة والحكومة العراقية استعدتا لإجراءات وقائية ضد محاولة إسرائيلية محتملة لمهاجمة المقر وضرب القدرات العسكرية لمجموعات الحشد الشعبي.
وفي هذا الصدد، أشار اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم الجيش العراقي، السبت الماضي، إلى أن "العراق لديه القدرة على مراقبة الأجواء وتتبع دخول وخروج الطائرات، وقد اتخذت القوات العراقية كل الإجراءات اللازمة لحماية الأجواء العراقية".
وكتبت صحيفة "العربي الجديد" أيضاً نقلاً عن مصدر في الحكومة العراقية، إن فصائل ومجموعات المقاومة العراقية، وهي تتخذ إجراءات احترازية لتأمين مقراتها في عموم العراق أبلغت الحكومة موقفها بأنه إذا هاجمت "إسرائيل" المصالح الأمريكية سيهاجمون بقوة.. وسيواصلون مهاجمة "إسرائيل" أيضا.
وفي غضون ذلك، أكد كاظم الفرطوسي المتحدث باسم رابطة سيد الشهداء، أن الدستور العراقي لا يمنع الفصائل من الرد على الانتهاكات الإسرائيلية، وقال الفرطوسي في لقاء تلفزيوني: "لدينا أسلحة مهمة"، وأضاف "يمكننا أن نهدد قضية الطاقة، تماما كما عطلت روسيا سوق الغاز العالمية في حرب أوكرانيا"، وتابع: "إذا لم يتوقف هذا الكيان عن القتل فسوف نقطع شوطا طويلا ويمكننا استهداف القواعد العسكرية في الخليج الفارسي، وسيكون موضوع الطاقة هو العامل الحاسم".
وفي هذا الصدد، هددت كتائب حزب الله أيضًا أنه "بمجرد أن تبدأ حرب الطاقة، سيخسر العالم أكثر من 12 مليون برميل من النفط يوميًا"، وقال المتحدث باسم الحركة في منصة "إكس" إن المنطقة أمام خيارين: "إما أن يستمتع الجميع بالأشياء الجيدة أو أن يحرم الجميع".
في غضون ذلك، أعربت بلومبرج، عن قلقها من أنه إذا وصلت الحرب إلى الموانئ وحقول النفط، فسوف يتعطل تصدير النفط من المصادر الرئيسية في الشرق الأوسط، نقلا عن التقديرات الأولية لشركة "كلير فيو إنرجي بارتنرز" التي ذكرت أنه إذا ومع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد إيران، قد ترتفع أسعار النفط بمقدار 7 دولارات للبرميل أو 13 دولاراً إذا هاجمت "إسرائيل" البنية التحتية للطاقة في إيران.
وبالنظر إلى هذا الوضع، يبدو أن تحركات الكيان لتوسيع الحرب نحو لبنان جعلت فصائل المقاومة العراقية أكثر إصراراً على تفعيل جبهة المقاومة ضد الأراضي المحتلة، وفي هذه الأثناء تتراجع استراتيجية الكيان بتنفيذ إجراءات انتقامية أيضاً.