الوقت- تحول العجز الاقتصادي والتبعات الاقتصادية للحرب إلى كابوس يؤرق حياة مسؤولي الكيان الغاصب ومستوطنيه فالمعطيات الاقتصادية تمكننا من القول إن الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعيش أسوأ أيامه هو الخاسر الأكبر في هذه الحرب، وفي هذا الخصوص خفضت حكومة الاحتلال الصهيوني تقديرها لنمو الاقتصاد إلى 0.7 في الربع الثاني، ومن جانب آخر قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير حديث لها: إن "إسرائيل" تواجه خسائر اقتصادية جسيمة بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة وسوء إدارة الحكومة للسياسات المالية، فعلى الرغم من الحديث المستمر عن تحقيق "نصر كامل" من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن الواقع الاقتصادي يظهر صورة مختلفة تماما، حيث تعاني حكومة الاحتلال من ركود اقتصادي قد يستمر لفترة طويلة.
تخفيض تقديرات النمو
في ظل الترنح الاقتصادي نحو الوقوع في حفرة الانهيار الكامل ذكرت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية أنّ "إسرائيل" خفّضت تقديراتها لنمو الربع الثاني، بسبب تداعيات الحرب الجارية مع حركة حماس في غزة، والمواجهات الدائرة مع حزب الله في لبنان، والتي قالت إنها "ألحقت أضراراً بالاقتصاد تفوق التوقّعات السابقة".
ووفقاً للتقييم الثالث والأخير للمكتب المركزي للإحصاء، حسب ما ذكر تقرير "بلومبرغ" فقد "نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% فقط على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة حتى حزيران/يونيو الماضي، مع الأخذ في الاعتبار التعديلات الموسمية".
وكانت التقديرات السابقة، التي صدرت في آب/أغسطس، وأيلول/سبتمبر الماضي، تشير إلى "معدلات نمو أعلى بلغت 1.2% و0.7% على التوالي".
وأشار تقرير "بلومبرغ" إلى أنه "تمّ تعديل الرقم نحو الانخفاض بشكل رئيسي بسبب التغيير في استهلاك الحكومة"، والذي رأت أنه "ارتفع الآن بنسبة 5.3% في الربع الثاني مقابل 8.2% في التقدير السابق"، وكانت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية الاقتصادية، حصلت على مسحٍ أجراه كبير الاقتصاديين في وزارة المالية في كيان الاحتلال، في آب/أغسطس الماضي، تبيّن فيه أنّ كبار المستثمرين يغادرون سوق العقارات في "إسرائيل"، وأنّ الذين يشترون أعداداً كبيرة من الشقق يتخلّون عن سوق العقارات في كيان الاحتلال.
نفقات تتصاعد وعجز يتضاعف
ذكرت وزارة مالية الاحتلال الإسرائيلي في تقرير لها، قبل أيام أنّ "إسرائيل"، سجّلت عجزاً في الميزانية بلغ 8.8 مليارات شيكل (2.34 مليار دولار) في أيلول/سبتمبر الماضي، واستشهدت الوزارة بالنفقات المرتفعة، التي يتم إنفاقها على تمويل الحروب مع حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان.
وفي وقت سابق، ذكرت "بلومبرغ" أنّ الشيكل الإسرائيلي انخفض بنحو 3.4% مقابل الدولار منذ نهاية آب/أغسطس 2024، وهو أحد أصعب الأداءات على مستوى العالم، مشيرةً إلى أنّ علاوة المخاطر في "إسرائيل" هي أعلى مستوى لها منذ 12 عاماً.
كما أعلنت شركة "ستاندارد آند بورز"، أكبر شركة تصنيف ائتماني في العالم، قبل أيام، تخفيضاً فورياً للتصنيف الائتماني لكيان الاحتلال الاسرائيلي، مضيفةً توقّعاً سلبياً، وذلك بعد أيام قليلة من التخفيض المزدوج لوكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية.
من الجدير بالذكر أنه وعلى مدى عام من الحرب، خفضت جميع وكالات التصنيف الائتماني الكبرى –موديز وستاندرد آند بورز وفيتش– التصنيف الائتماني لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ما زاد من تعقيد الأمور الاقتصادية، وقد جاءت هذه التخفيضات بسبب ارتفاع معدلات العجز في الموازنة واستمرار الإنفاق الكبير على الحرب، وحذرت ستاندرد آند بورز من أن الاقتصاد الإسرائيلي قد يسجل نموا صفريا في عام 2024، بينما يتوقع نموا ضعيفا يبلغ 2.2% في 2025، وهي أرقام أقل بكثير من التوقعات السابقة.
التكلفة اليومية
تتصاعد التكلفة اليومية لحرب كيان الاحتلال الفاشي على قطاع غزة مع تصاعد حدة القتال وتعدد الجبهات لتشمل الضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن وسوريا وجزئيا إيران وسط توقعات بالمزيد من النفقات.
وعند حساب التكلفة اليومية التي تتكبدها حكومة الاحتلال النازي جرّاء الحرب يمكن أن نشير إلى أن معطيات بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية أظهرت أن تكلفة الحرب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى نهاية مارس/آذار 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل (73 مليار دولار)، بمعدل وسطي 427 مليون دولار يوميا، وقدر المسؤولون الإسرائيليون تكلفة الحرب حتى نهاية العام المقبل بنحو 66 مليار دولار، وهو مبلغ يعادل أكثر من 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوز الاقتراض الحكومي 200 مليار شيكل (53.5 مليار دولار) منذ بداية العام، وهي واحدة من أكبر عمليات الاقتراض على الإطلاق في البلاد.
بطبيعة الحال لا يمكن الاعتماد على أرقام محددة إلى الآن سواء رسمية أو غير رسمية في تحديد التكلفة اليومية التي تتكبدها حكومة الاحتلال الفاشي في الحرب بشكل دقيق.
تأثر الاقتصاد العالمي
فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، تشير العديد من التقارير إلى أن تأثير الحرب كان محدودا حتى الآن على الاقتصاد العالمي، باستثناء بعض الدول المجاورة مثل مصر والأردن.
لكن هآرتس تحذر من أن التصعيد مع إيران يمكن أن يغير الوضع بشكل جذري، إذا قررت حكومة الاحتلال الصهيوني استهداف منشآت النفط الإيرانية، يمكن أن يتوقف نحو 4 ملايين برميل من النفط يوميا عن التدفق إلى السوق، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالميا بمقدار يصل إلى 13 دولارا للبرميل، وفقًا لتقديرات متخصصين.
وفي المقابل، فإن هذا الارتفاع في أسعار النفط قد يتفاقم إذا قررت إيران أو جماعة أنصار الله اليمنية، استهداف منشآت النفط في السعودية أو الإمارات أو حتى إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي خمس الإنتاج النفطي العالمي.
ختام القول
أثبتت هذه الحرب أن نتنياهو وداعميه يعيشون في أحلام وردية فيما يخص القضاء على حركات المقاومة وضربها ولربما أن هذه الحرب جلت الغبار عن أعين هذا الكيان الغاصب وداعميه ليرون الحقيقة كما هي وأنهم أكبر الخاسرين إن كان اقتصاديا أو سياسياً أو حتى عسكرياً في هذه الحرب الطاحنة التي لم يترك الكيان الغاصب وداعميه أي وسيلة محرمة دولياً في محاولة إنجاز نصر واحد على الأقل على مجتمع المقاومة الذي بات يتمدد بفضل هذه الحرب، وما رأيناه بالفعل وحسب الإحصائيات الاقتصادية فإن التحديات الاقتصادية ستظل قائمة لفترة طويلة، فمن المتوقع حسب التقارير الاقتصادية انكماش الناتج المحلي الإجمالي للفرد في كيان الاحتلال هذا العام بنسبة 0.2%، وهو ما يعكس تدهور مستوى المعيشة، كما أن التضخم مستمر في الارتفاع، في نهاية المطاف فالتحديات الاقتصادية التي تواجهها حكومة الكيان الغاصب ستستمر في التأثير على البلاد لسنوات قادمة، وهو ما يجعل من الصعب تحقيق استقرار اقتصادي قريب في ظل الظروف الحالية، ما يزيد من الضغوط المتراكمة على الأسر الإسرائيلية التي أوجدتها لهم سياسات حكوماتهم الفاشية وممارساتها بحق أصحاب الأرض.