الوقت- لقد بذلت السعودية الكثير من الجهود لتعطيل اتفاق الحديدة، حيث إنها لم تلتزم ببنود اتفاق إنهاء الحصار المفروض على مدينة الحديدة ولم تسمح لقوات الجيش اليمني واللجان الشعبية "أنصار الله" بالدخول إلى صوامع الحبوب في البحر الأحمر ولم تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، يذكر أن الرياض قامت بكل هذه الأشياء بعدما أخذت الضوء الأخضر من واشنطن ولندن اللتين ترغبان في إطالة أمد الحرب في اليمن ليتسنّى لهما بيع معدات عسكرية أكثر لدول تحالف العدوان وعلى رأسهم السعودية والإمارات.
وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة في 18 فبراير/ شباط الماضي صرّحت في بيان لها أنه بعد عدة جولات من المحادثات، تمّ التوصل إلى اتفاق بين ممثلين عن "أنصار الله" وممثلين عن حكومة "عبد ربه منصور هادي" المستقيلة لتنفيذ الخطوة الأولى من اتفاق "ستوكهولم" ولكن للأسف الشديد هذه الخطوة ظلّت حبيسة الأدراج ولم يتم تنفيذها على أرض الواقع وأفادت مصادر محلية يمنية أيضاً بأن ذلك الاتفاق لم يرَ النور حتى يومنا هذا وذلك بسبب تعنّت بعض الأطراف اليمنية واختلاقها للكثير من الأعذار التي أدّت إلى تأجيل جميع بنود اتفاق السويد.
وتجدر الإشارة هنا، أنه بعد التوقيع على اتفاق "ستوكهولم"، ظهرت العديد من الخلافات بين طرفي الاتفاق حول مسألة من الذي سيسطر على مدينة الحديدة وموانئها في المستقبل، وكيف ستتم عملية إدخال المساعدات الإنسانية للناس ولكن طرفي النزاع في اليمن عقدوا اجتماعاً مصغّراً في 18 فبراير / شباط وتوصلوا إلى اتفاق جديد لحلّ جميع الإشكالات السابقة.
وهنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي، لماذا لا يزال مصير المرحلة الأولى التي تعدّ جزءاً بسيطاً من اتفاق السويد، مجهولاً؟ هل يمكن أن يكون السبب وراء ذلك هو عدم وجود ثقة متبادلة بين طرفي النزاع في اليمن؟
نفاد الصبر من الحرب
لقد تمّ التوقيع على اتفاق السويد بين طرفي النزاع في اليمن بعدما تعرّضت السعودية لضغوط شديدة من قبل المجتمع الدولي، خاصة بعدما أصبح الوضع الإنساني في اليمن كارثياً، وبعد الجريمة البشعة التي قام بها ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بحق الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي" الذي قُتل داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، ومن أجل التخلّص من كل هذه الضغوط، أعطت الرياض الضوء الأخضر للرئيس المستقيل "منصور هادي" لقبول اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة وهذا الأمر يعني فشل جميع محاولات تحالف العدوان الذي بذل الكثير من الجهود خلال الفترة السابقة للسيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي، فضلاً عن فكه للحصار أيضاً عن تلك المحافظة اليمنية.
إن الوقائع الميدانية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن السعودية مُنيت بالكثير من الهزائم على الساحة البرية على أيدي قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، وهذا هو السبب الذي دفعها لفرض حصار خانق على جميع الطرق البحرية والممرات المائية في الحديدة لمعاقبة كل أبناء الشعب اليمني.
وعلى هذا الأساس، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن قوات تحالف العدوان السعودي واصلت هجماتها البربرية بعد توقيع طرفي النزاع في اليمن اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك لأن قادة العدوان يرون بأن تنفيذ ذلك الاتفاق لن يصبّ في مصلحتهم.
إن تنفيذ اتفاق الحديدة يمكن أن يكون عوناً كبيراً لحكومة الإنقاذ الوطنية لتحسين سبل المعيشة وتوفير الخدمات الصحية لأبناء الشعب اليمني الذين عانوا خلال السنوات الماضية من ويلات الحرب.
وهنا تؤكد العديد من المصادر الإخبارية، بأن ممثل الأمم المتحدة و"أنصار الله" أكدوا على جهوزيتهم لتنفيذ ذلك الاتفاق، إلا أن حكومة "منصور هادي" المستقيلة والموالية للسعودية، ترفض سحب قواتها من مدينة الحديدة بناءً على أوامر قادة الرياض وواشنطن وفي كل مرة، تقوم حكومة الفار "هادي" باختلاق العديد من العراقيل الجديدة، وهذا الأمر يأخذ الكثير من الوقت ويضع الكثير من الصعوبات أمام عملية وقف إطلاق النار.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر إخبارية بأنه على الرغم من انتقاد الكونغرس الأمريكي الذي يقبع تحت سيطرة الديمقراطيين لمواصلة الحرب في اليمن، إلا أن الرئيس "ترامب" الذي يملك نظرة تجارية غير مستعد لوقف أو خفض الدعم الأمريكي عن "البقرة الحلوب" المتمثلة بالسعودية، ويرى بأنه يجب بيع أكبر قدر ممكن من الأسلحة للنظام السعودي الذي يمتلك أموالاً طائلة من النفط ولهذا فلقد قام الرئيس "ترامب" في أول زيارة خارجية له إلى السعودية بالتوقيع على عقود بمليارات الدولارات مع السعودية وفي الأسابيع الأخيرة، انتشرت العديد من التقارير الإخبارية التي تفيد بأن واشنطن تسعى إلى إدخال التكنولوجيا النووية إلى الرياض، حيث أعربت تلك المصادر الإخبارية بأن الجانب السعودي أرسل قبل عدة أسابيع وفداً رفيع المستوى إلى أمريكا للتباحث والتفاوض حول هذا الموضوع وأشارت تلك المصادر بأن البيت الأبيض وافق على مساعدة الرياض في تصنيع أسلحة نووية.
لقد تبنّى الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" استراتيجية صارمة وخبيثة للقضاء على محور المقاومة وإزالة إيران من المعادلات الإقليمية، ومنع وصول وانتشار موجات التحوّل الشيعي إلى السعودية ولهذا فلقد قام بتقديم الكثير من الدعم العسكري واللوجستي لتحالف العدوان السعودي وأيضاً قدّم لهم الدعم السياسي على مستوى الساحة الدولية وخاصة في مجلس الأمن.
وأخيراً يجب القول هنا بأن الاستراتيجية الخبيثة التي تتبعها الدول الغربية والمتمثلة في إعطاء الضوء الأخضر لتحالف العدوان السعودي لعرقلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن.