الوقت- كانت الاحتجاجات التي حدثت في ديسمبر 2018 في مشهد وطهران وبعض المدن الأخرى من بين الأحداث القليلة التي سمحت للولايات المتحدة وأعداء إيران الآخرين بتكرار دعايتهم حول "معارضة الشعب للجمهورية الإسلامية". وكان هذا الموضوع سبباً لنشر عشرات التقارير في مراكز الدراسات الأمريكية التي حاولت إعادة اللجوء إلى مواضيع كحقوق الإنسان والديمقراطية لرسم صورة غير حقيقية من الداخل الإيراني.
وقد خصصت مجلة "Perspectives of the Operational Environment" أو "OEWATCH" التابعة لمركز الدراسات العسكرية الخارجية التابع للجيش الأمريكي،والتي دائما ما تُخصص بعض تقاريرها عن الشرق الأوسط حول إيران، تقريرا صادرا في فبراير / شباط 2018 موضوعه الرئيسي حول إيران. وفي التقرير المعنون "إيران: وجهات نظر أجنبية"، تم تضمين أكثر من 10 مقالات حول إيران، وكلها تقريبا تمحورت حول الاحتجاجات الأخيرة، على الرغم من التطرق إلى مواضيع اخرى مثل العلاقات الايرانية الصينية ضمن هذه التقارير. وفيما يلي ملخص لأحدث عدد من مجلة "OEWATCH" الأمريكية عن إيران.
تكتيك جديد: التعرف على المُحتجين..
تشير "OEWATCH" في مقالها الأول حول احتجاجات إيران الأخيرة، إلى تكتيك قد استُخدم في الاحتجاجات الأخيرة، وفقا لمايكل روبين (شخصية معروفة معادية لإيران). ويعتقد روبين أن نشر بعض التغريدات والرسائل في شبكات التواصل الاجتماعي من قبل وسائل الإعلام، التي يصنفها هذا الخبير الأمريكي بأنها تتعلق بالحرس الثوري، تعني لجوء الحرس إلى تكتيك "التعرف على المُحتجّين" (استخدام مستخدمي الإنترنت للتعرف على الأشخاص المسببين للاحتجاجات).
ويوضح الكاتب أن نشر هذه الرسائل واستخدام الحكومة الإيرانية لمواقع التواصل الاجتماعي للتعرف على قادة الاحتجاجات تحمل في طياتها رسائل عدة. أولا، "على الرغم من أن الحكومة الإيرانية قد حسنت تدريجيا قدرات التعرف على الوجوه"، ولكن هذه القدرات لا تزال تواجه بعض أوجه القصور. ومن ناحية أخرى، فإن هذا الخيار في الشبكات الاجتماعية يوفر حافزا للحكومة الإيرانية على قطع إمكانية وصول الناس إلى مواقع التواصل الاجتماعي عند حدوث احتجاجات.
وفي مقال آخر، تدرس هذه المجلة الأمريكية، مسألة الحد من الوصول إلى الشبكات الاجتماعية في إيران، بما في ذلك التلغرام والانستغرام، بتفاصيل أكثر بالتزامن مع حدوث الاحتجاجات، وتتطرق إلى شرح ما تسميه "وجهة نظر الحكومة الإيرانية".
ويذكر المقال، أن الحكومة الإيرانية تعتقد أنه "يجب السيطرة على الإنترنت وخاصة في أوقات حدوث التوتر"، وتشير إلى أن المسؤولين الإيرانيين يعتقدون أن إساءة استخدام البرامج المستخدمة بكثرة مثل التلغرام والانستغرام يمكن أن تؤدي إلى مشاركة عدد أكبر من الناس في الاحتجاجات وانجرارها إلى العنف.
ونقلت الصحيفة عن المدعي العام، محمد جعفر منتظري، قوله إن الحكومة الايرانية لا تريد حرمان الناس من الوصول الى الانترنت، ولكن يجب ان يكون لها سيطرة كاملة على الانترنت لان نشر بعض الرسائل ومقاطع الفيديو علنا سيؤدي الى العنف. ولذلك، فإن من واجب الحكومة منع اتساع الاحتجاجات عن طريق الحد من الوصول المؤقت إلى الإنترنت. وأخيرا، يعترف كُتّاب هذا المقال بأن التلغرام هو أكثر أهمية بالمقارنة بين التلغرام والانستغرام، لأنه يحتوي على قدرة التشفير ويمكن استخدامه لتنسيق الاحتجاجات.
أوجه الشبه بين احتجاجات 2018 واحتجاجات منتزه غيزي بتركيا
وتطرقت "OEWATCH" في مقال آخر إلى بعض الآراء المطروحة في مجلات تركيا باعتبارها إحدى الدول المجاورة لإيران وبلدا مهما في الشرق الأوسط حول الاحتجاجات وأعمال الشغب في إيران. وتتطرق كارين كايا، رئيسة تحرير "OEWATCH" وكاتبة المقال هذا إلى مقالين في صحيفتي "صباح" و"يني شفق" التركية، اللذين يقيسان احتجاجات إيران مع احتجاجات عام 2013 في تركيا ضد تدمير منتزه غيزي.
وتقتبس في بادئ الأمر عن جريدة صباح بعنوان "مؤامرة غيزي، هذه المرة في إيران" قولها: "لقد أصبحت الاحتجاجات في إيران، والتي كانت في البداية ضد ارتفاع الأسعار، حدثا دمويا على نطاق البلد متأثرةً بالأخبار المزيفة وتدخلات القوى الخارجية. وهذه الأحداث تذكرنا بمؤامرة غيزي".
وكما ذكرت كايا، فقد ذهبت صحيفة "يني شفق" في تقرير بعنوان "من يشعل في إيران نار الاحتجاجات؟" إلى أبعد من ذلك وحمّلت علناً، الولايات المتحدة والكيانالصهيوني مسؤولية الاحتجاجات في إيران، وتقول: "هنالك مؤامرة تحدث في إيران، وتم كتابة السيناريو الخاص بها في واشنطن. إن أحداث إيران هذه الأيام ترتبط ارتباطا وثيقا باحتجاجات غيزي التي رأيناها في [تركيا] قبل خمس سنوات! وان المحور الإسرائيلي الأمريكي هو من تسبب في احتجاجات إيران، وبعبارة اخرى فإن وكالة المخابرات المركزية تقوم بعملية عميقة في إيران مع الموساد".
تعزيز العلاقات الإيرانية الصينية
وتتطرق المجلة في مقال آخر إلى موقف الصين من احتجاجات إيران بعنوان "العلاقات الصينية الإيرانية: أقوى من أي وقت مضى". وجاء في بداية هذا المقال: "لقد كان للصين علاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة مع إيران منذ الخمسينيات".
ونقل الكاتب عن صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" في مقال بعنوان "لماذا تعزز الصين دعمها لإيران رغم الطلب الأمريكي باتخاذ إجراء بشأن الاحتجاجات في إيران"، قائلاً "من غير المرجح ان تكون الاحتجاجات (في إيران) حاجزا أمام (الاستثمار أو تعزيز العلاقات) أكبر مستثمر أجنبي في هذا البلد وهي الصين، بل بإمكانها تقريب بكين إلى طهران ... فإيران لاعب رئيسي في مشروع "حزام واحد، طريق واحد" للصين، الذي سيصل الصين بإفريقيا وأوروبا عبر التجارة والبنى التحتية".
وتابعت الصحيفة الصينية إن "إحدى علامات هذا الاستثمار المستمر، هي إعلان شركة السكك الحديدية المملوكة للدولة في الصين يوم الأربعاء "بدايات يناير 2018" إبرام صفقة بقيمة 5.3 مليار(مليارات) دولار (538 مليون دولار) مع إيران ... كما أن الاستثمار الحكومي "سيتيك" الصينية وفرت خط ائتمان بالغ 10 مليارات دولار إلى البنوك الإيرانية بهدف تمويل مشاريع المياه والطاقة والنقل. وعقب هذا الاستثمار، قدم بنك التنمية الصيني أيضا قرضا آخر بقيمة 15 مليار دولار إلى إيران. كما تشير التقارير الى ان المؤسسة الوطنية للبترول الصينية تعتزم ان تحصل على حصة شركة توتال الفرنسية في مشروع تطوير حقل بارس الجنوبي إذا خرجت الشركة من العقوبات المفروضة على إيران".
ونقلت ذات الصحيفة عن "يين غانغ"، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن الصين لن تخضع لأي قرار قد تفرضه الولايات المتحدة على الأمم المتحدة. وقال خبير في "OEWATCH": "من الواضح أن إيران مصدر مهم للطاقة ومركز مهم في مشروع "حزام واحد، طريق واحد". وبالنظر الى الحجم الحالي للعلاقات بين البلدين فإن دعم أي عقوبات من الأمم المتحدة ضد إيران سيكون ضد مصالح الصين".