الوقت- مؤخراً، أعلنت مصادر فلسطينية رسمية أن 170 طفلاً فلسطينياً تعرضوا للتعذيب في سجون الكيان الصهيوني، ومن المعروف بالنسبة للعالم أن المنظومة الأمنية التابعة للعصابات الصهيونيّة مستمرة في إرهابها بحق الفلسطينيين بأكملهم، وتُصر بشدّة على زيادة حجم المعاناة التي يعيشها السجناء والأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو الغاشم، والتضييق عليهم ومحاولة القضاء عليهم من خلال ظروف الاعتقال عبر البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم وخاصة في الفترة الماضية، مع تصعيد العدو الصهيوني المجرم ومخالفته للقانون الدولي وغضّه الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة، فالسجن شروطه قاسية جداً، وجزء من محاولة شيطنة السجناء –وإن كانوا أطفالا- والأسرى وتطويعهم وإعادة سلوكهم وترويضهم والكفر بقياداتهم وقضيتهم والخروج عالة على عائلاتهم وشعبهم، أو جثثاً هامدة بعد التعذيب الطويل.
حقبة دامية في فلسطين
في الفترة الماضية، نقلت وسائل الإعلام الفلسطينية عن وكيل وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية قوله إن الكيان الصهيوني عذب 170 طفلاً فلسطينياً في سجونه، وتأتي تلك الأنباء بمجرد إعطاء المساحة والصلاحيات للمتطرف الإسرائيليّ ايتمار بن غفير، حيث ظهرت الرغبة الإسرائيليّة على حقيقتها الكاملة وهي تسجيل حقبة دامية بحق الشعب الفلسطيني ومناضليه داخل السجون والمعتقلات حتى وإن كانوا أطفالا، وإنّ الأخير الذي يدعو لطرد العرب من بلادهم التاريخيّة، يبلغ (46 عامًا)، هو زعيم حزب “عوتسما يهوديت” (القوّة اليهوديّة)، وهو حزب يمينيّ-دينيّ متطرف، ويُعد ابن غفير أحد تلاميذ مئير كهانا، الحاخام العنصريّ الأمريكيّ المولد والذي تمّ منع حزبه (كاخ) في نهاية المطاف من دخول الكنيست، وقد هدد بترحيل الإسرائيليين غير الموالين للكيان، بمن فيهم نائبان عربيان حاليان، وحتى قبل بضع سنوات فقط، كانت لديه صورة معلقة في منزله لـ "باروخ غولدشتاين"، الـ”طبيب المُستوطِن” الذي أجرم في 29 فلسطينيًا فيما تعرف بـ "مجزرة الحرم الإبراهيميّ الشريف" بمدينة الخليل عام 1994.
والدليل على ذلك، أنّ الأخير منذ اللحظة الأول لتسلّمه حقيبة الأمن الداخليّ باشر بتنفيذ خطّته القاضية بتشديد التعامل مع الأسرى الفلسطينيين السياسيين، ومصادرة الإنجازات التي حققوها على مدار سنواتٍ من النضال ضدّ سلطات السجن بالكيان، الأمر الذي من شأنه تفجير الأوضاع داخل السجون، وهو الذي سينعكِس على الشارع الفلسطينيّ برمّته، وخاصة بعد أن خلصت تقارير دوليّة إلى أن الكيان الصهيوني هو "أبرتهايد" أيّ نظام فصل عنصريّ يرتكب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وإن الأنباء الأخيرة تفضح الصهاينة بشكل أكبر على الساحة الدوليّة التي تتهم فيها تل أبيب من قبل منظمات حقوقية بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، الشيء الذي يضع العدو الغاشم أكثر فأكثر في دائرة العنصريّة المقيتة ويفضحه دوليّاً.
من ناحية أُخرى، قال نائب وزير التنمية الاجتماعية في المؤتمر الإقليميّ لمنع انتهاك حقوق الطفل: إن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلهم الاحتلال الصهيوني وسجنهم منذ عام 2015 وحتى نهاية عام 2020 كان أكثر من 7500 طفل، والدليل ممارسة قوات الاحتلال العسكريّ لفلسطين أبشع جرائم الإرهاب بحق السجناء والأسرى الإداريين دون أيّ تهمة أو تقديم لائحة اتهام ضدهم، كما تقود تل أبيب بكل ما أوتيت من قوّة حرباً شنيعة بعيدة عن أعين العالم –ليس كل العالم- ضد الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بكل ما لدى قوات العدو من منظومات أمنية، ناهيك عن الحقد غير الموصوف والثأر النابع من أبعاد سياسية وأمنية ودينيّة، ضد الفلسطينيين، ناهيك عن انتهاك حقهم في الحصول على الرعاية الصحيّة والذي أدى إلى استشهاد الكثير منهم في انتهاك سافر للقانون الإنساني الدوليّ، وذلك بعد أن وضعت "إسرائيل" العصي في عجلات تلك القضية، إضافة إلى عقبات وشروط طويلة ومعقدة لشل أي صفقة أو حتى التوصل لأرضيّة مشتركة تبنى عليها مفاوضات جادة وحقيقيّة، باعتبار أنّ حصول أي صفقة سيؤدي إلى حلحلة في باقي الملفات الأُخرى، لكن حكومات العدو العنصريّ قررت تجميد ملف السجناء والأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام مطالب حماس وفصائل المقاومة، رغم أن الوسطاء وعدوا أكثر من مرة بتحريك هذا الملف عبر إجراء اتصالات ولقاءات وفي فترات مختلفة، لكن دون جدوى.
إجرام إسرائيلي مفرط
نعلم جميعاً أنّ الاحتلال الصهيوني يحاول دائمًا خلق مشاكل في حياة الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم وتهديدهم عمدًا، رغم مطالبة الفسطينيين بمحاسبة ومعاقبة المحتلين الصهاينة أمام المحاكم الدولية لانتهاكهم حقوق الطفل، لكن يُظهر الكيان الصهيونيّ الباغي عدم جديّتة في التعاطي مع هذه القضايا الحساسة، في ظل المعاناة التي يعيشها الكيان المتخبط والذي يولي مسؤولوه اهتماماً كبيراً لمصالحهم الحزبية على مصلحة كيانهم المتهالك، حيث يمنعون اتخاذ قرار كهذا خوفاً على مصالحهم الشخصيّة والحزبية، ليرموا المهمة إلى الحكومات المتعاقبة، ولا يخفى هذا الأمر على الشعب الفلسطينيّ الذي يدرك طريقة تفكير عدوه جيداً، وقد شاهدنا مراراً موقفه الثابت مقابل لغة التهديد والوعيد الإسرائيلية التي استمرت لسنوات، ولم تنفع مع المقاومة والفلسطينيين الذين يعلمون حجم المساعي الصهيونية لتدمير حياتهم وإبادتهم عن بكرة أبيهم.
وباختصار، تدور السياسة الإسرائيليّة حول "الإجرام المفرط"، ويدرك الفلسطينيون أنّ العدو لا يمكن في يوم من الأيام أن يغير منهجه الإباديّ، وخاصة فيما يتعلق بملف السجناء والأسرى الذي يعتبر بالنسبة لتل أبيب "المساحة الكبيرة" للتعبير عن استبدادها الذي بات يشبه "حُكم فرعون" ولكن بنكهة صهيونيّة احتلاليّة، لأنها ترغب في وضع الفلسطينيين في مأزق كبير ومستمر وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة، فيما تعج سجون العدو بآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون أسوأ وضع إنسانيّ، وبالتالي عشرات الآلاف من القصص التي تجسد إجرام الحكم العسكريّ للاحتلال الغاشم.
على صعيد آخر، تركز سلطات العدو الإسرائيليّ حملاتها القمعيّة على الفلسطينيين داخل السجون، وتفرض عليهم إجراءات انتقامية صارمة من اعتداءات وضرب وعزل انفرادي ومنع من الخروج، الأمر الذي يشعل الأوضاع بشكل متكرر داخل السجون، فيما تسير قضية الأسرى الفلسطينيين بلا شك نحو التصعيد وبالتالي تفجير الأوضاع بشكل كامل داخل المعتقلات وخارجها، حيث تعيش الأراضي الفلسطينيّة حالة من الغليان والتوتر المشحون، يهُدد بإشعال انفجار كبير في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر وحتى العاصمة الفلسطينيّة القدس، نتيجة ممارسات "إسرائيل" القمعيّة والتعسفيّة بحق الأبرياء.
تصعيد الخناق على السجناء
"أنا أسعى لاستهداف كلّ ما هو عربيّ وفلسطينيّ من خلال كل أنواع الجرائم"، رسالة بن غفير الوحيدة لهذا الشعب الذي يتعرض للإبادة في أرضه، وهذا يتضمن على وجه الخصوص الأسرى السياسيين الذين يقبعون خلف زنازين الكيان، والدليل أن مكتب بن غفير أوضح أن “سياسة الوزير تتمثل في حرمان الاسرى الأمنيين من المزايا "، في وقت لم يختر الكيان بن غفير لهذه المهمة عن عبث، بل إن إعطاء المساحة والصلاحيات للمتطرف الإسرائيليّ تهدف لتصعيد الخناق على كل الصعد، فايتمار يرغب باعترافه بتسجيل حقبة دامية بحق الشعب الفلسطيني ومناضليه داخل منازلهم ومعتقلاتهم، كما يدعو بكل وقاحة لطرد العرب من بلادهم التاريخيّة، وهو زعيم حزب “عوتسما يهوديت” (القوّة اليهوديّة)، وهو حزب يمينيّ- دينيّ متطرف، وهذه المخططات تشمل كل الإسرائيليين المتشددين، وهم على قناعة تامة بأنّه لا يمكن تحقيق أيّ سلام بين اليهود والمسلمين، إضافة إلى إيمانهم بأنّ الأمّة الإسلاميّة ستبقى عدواً لليهود ما دام القرآن كتابهم، ما يعنى أن منهج العداء واضح وجلي أكثر مما تتخيلون.
ويطالب الفلسطينيون المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لمواجهة وحشية بن غفير، وعدم تركه حراً في مخططاته العنصرية الإجراميّة، ولا سيما أنّه من أبرز الداعين للتطرف الصهيوني، ويمارس الإرهاب بحق المقدسات والشعب الفلسطيني بشكل ممنهج، وهو الداعم الأبرز لعصابات وجماعات المستوطنين الحاقدين، وخاصة عقب بدئه بتنفيذ خطّته القاضية بتشديد التعامل مع الأسرى الفلسطينيين السياسيين، ومصادرة الإنجازات التي حققوها على مدار سنواتٍ من النضال ضدّ سلطات السجن بالكيان، الأمر الذي من شأنه تفجير الأوضاع داخل السجون، وهو الذي سينعكِس على الشارع الفلسطينيّ برمّته.
إذن، دائماً ما تفشل "إسرائيل" في اختباراتها مع الفلسطينيين،حيث إن تصعيد سلطات الكيان لا يمكن أن يكون في صالح الكيان الذي يعتقل آلاف الفلسطينيين في سجونه، بينهم مئات المرضى والسيدات بحسب الأرقام التي تنشرها وسائل الإعلام، ناهيك عن الأرقام الحقيقيّة التي تتكتم عليها إدارة سجون العدو، كما أن العدو الصهيونيّ يمارس سياسة "القتل البطيء" مع الأسرى ويماطل بشكل سافر في حلحلة تلك القضيّة، وبغض النظر عن جرائمه التي لا تُحصى بحق الأسرى إلا أنّ الأشهر والسنوات الماضية بالتحديد كشفت اللثام عن جبروت العصابات الصهيونيّة على المستوى الدوليّ.