الوقت- مع إعلان مكتب الإحصاءات الوطنية عن تجاوز عدد الوفيات بسبب فيروس "کوفيد 19" في بريطانيا حاجز 40 ألفاً، حلَّت بريطانيا في المركز الأول لوفيات کورونا مقارنةً بالدول الأوروبية الأخرى، وهو ما أثار مناقشات بشأن عدم فعالية سياسات حكومة جونسون المحافظة للتغلب على الأزمة.
الحكومة البريطانية، التي اتبعت في البداية استراتيجيةً غريبةً تمثلت في السماح للفيروس بالانتشار بحرية، والحصول على الحصانة العامة من قبل ما لا يقل عن 60 في المائة من السكان، واجهت انتقادات واسعة النطاق توقعت عدد الضحايا بين 250 و300 ألف شخص، الأمر الذي دفعها إلی التراجع عن خطتها المثيرة للدهشة.
ووفقًا لهذا التقرير، حتى 9 مايو، تم الإبلاغ عن 35 ألف و44 حالة وفاة مرتبطة بفيروس کورونا في بريطانيا وويلز، ومع إضافة أحدث الأرقام والإحصاءات من اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، ارتفع العدد الإجمالي لضحايا الکورونا في بريطانيا إلی 40 ألف و11 شخصاً.
هذه الأرقام تبقي بريطانيا على رأس قائمة الدول الأوروبية التي بها أكبر عدد من ضحايا كورونا، تليها إيطاليا بـ 30.739 حالة وفاة، وإسبانيا بـ 26744 حالة، وفرنسا بـ 26604 حالة.
إحصائيات متناقضة للوفيات في دور رعاية المسنين
وبينما تشير التقارير إلى أن الأزمة مستمرة وأن بريطانيا أصبحت المركز الرئيسي لانتشار المرض في أوروبا، قال وزير الصحة في الحکومة المحافظة "مات هانكوك" في مقابلة مع إذاعة "بي بي سي 4" يوم الثلاثاء، ومن أجل تضخيم الإجراءات والإنجازات الحكومية بشأن مكافحة المرض، قال إنه يمكن أن يكون فخورًا بأن حصيلة القتلى من وفيات کوفيد 19 في دور رعاية المسنين تقتصر على "الربع" فقط من جميع الوفيات المرتبطة بالفيروس، مضيفاً أن هذا العدد "أقل بكثير من العديد من البلدان الأخرى".
وادعى هانكوك أيضًا أن عدد قتلى فيروس کورونا بين العاملين في مجال الرعاية الصحية، لم يكن أعلى من المتوسط العام، وتابع قائلاً: "أعتقد أن هذه حقيقة جيدة".
ومع ذلك، فإن الإحصاءات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، غير متسقة مع تلك التي أبلغ عنها وزير الصحة البريطاني. حيث وفقًا لهذه الإحصاءات، فقد وصل معدل الوفيات الناجمة عن فيروس کورونا في دور رعاية المسنين في بريطانيا وويلز إلى 8312 شخص بحلول الأول من مايو، مما يعني أن 40٪ من الوفيات المرتبطة بكورونا حدثت في دور رعاية المسنين.
وفي وقت سابق، نشرت تقارير مختلفة عن التجاهل المتعمد لكبار السن الأوروبيين بسبب تحديد الأولوية العلاجية للمرضى، نتيجة المرافق الطبية المحدودة، بما في ذلك أسرة العناية المرکزة وأجهزة التنفس الصناعي.
وهذا الأمر، بالنظر إلی کثرة العدد السكاني لكبار السن في الدول الأوروبية، جعل کورونا يسبِّب في ضحايا فادحة بين دور رعاية المسنين، والآن يعتزم وزير حکومة جونسون إظهار عدد القتلى بأنه عادي.
هذا في حين أن 1053 شخصًا من ضحايا کورونا في هذا الأسبوع، و2379 شخصًا في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي (أبريل) في بريطانيا، کانوا من سكان دور رعاية المسنين. کذلك، لقي 350 شخصاً حتفهم في دور رعاية المسنين في ويلز و1،201 شخصاً في اسكتلندا في منازل المسنين، والذي يشكل 43٪ من ضحايا کوفيد 19 في اسكتلندا.
وأصبحت هذه الإحصائية الآن فرصةً لحزب العمل كحزب معارض في البرلمان البريطاني، لانتقاد الأداء الصحي لحكومة جونسون، بحيث قال "كير ستارمر" الأمين العام الجديد لحزب العمال الأسبوع الماضي: "تشير الإحصاءات إلى أنه على الرغم من انخفاض عدد الوفيات في المستشفيات لحسن الحظ، إلا أن الوفيات في دور رعاية المسنين في ارتفاع. عليّ أن أسأل رئيس الوزراء عن سبب عدم معالجة الحكومة لهذه القضية؟"
إستراتيجية مناعة القطيع؛ من التنفيذ إلى النفي
إرتفاع معدل الوفيات الناجمة عن كورونا، كان المأزق الذي ربما لم تأخذه حكومة جونسون على محمل الجد أو لم تتوقعه. علی أية حال، لم يكن كثير من الناس محظوظين مثل رئيس الوزراء البريطاني لينجوا من مرض كورونا.
تصدُّر بريطانيا قائمة وفيات کورونا في الدول الأوروبية، يبدو أنه جعل هذا البلد مثالاً واضحًا على عدم فعالية استراتيجية مناعة القطيع، بحيث أن منتقدي الحكومة البريطانية، من إيطاليا إلى أستراليا، يتهمون لندن بالتقليل من خطر کورونا إلی حد كبير.
وخارج أوروبا، ازدادت الانتقادات في أستراليا ونيوزيلندا. حيث وصف رئيس الوزراء الأسترالي "سكوت موريسون" استراتيجية مناعة القطيع بأنها " حكم الإعدام"، وقال إن أي دولة اتبعت هذه السياسة لم تحقق أهدافها.
وهذا الأمر دفع حکومة جونسون الآن إلی نفي أي نية لتبني مثل هذه السياسة في الأساس. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية: "إنه وباء عالمي غير مسبوق، وقد اتخذنا الخطوات الصحيحة في الوقت المناسب، مع أفضل الإرشادات العلمية." وأضاف: "إن الحكومة تعمل ليلاً ونهاراً لمكافحة فيروس کورونا، ولم تكن مناعة القطيع سياسةً أو هدفاً أبداً".
کذلك، کثفت حكومة بريطانيا المحافظة، إلى جانب البيت الأبيض، اتهاماتها ضد أداء الصين في انتشار هذا الوباء، وهو ما يعتبره المنتقدون محاولةً للتغطية علی التأخير في تنفيذ سياسة تقييد حركة المرور.
وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت حالة الطوارئ في 23 مارس الماضي وفرضت حظر التجوال لمنع انتشار فيروس کورونا، ولكن تم الإعلان عن الوفاة الأولى الناجمة عن کورونا في هذا البلد في 5 مارس.