الوقت- معاداة السامية تحولت لذريعة لدى بني صهيون لارتكاب ما يحلو لهم في هذا العالم من قتل وتدمير وتهجير وتهديد فلا قانون رادع ولا إنسانية توقف وحشيتهم، وفي كل جريمة يقترفونها تقف الولايات المتحدة الأمريكية لتدعم الكيان أمام انتهاكاته للقانون الدولي والإنساني، لكن الجنائية الدولية هذه المرة تحاول أن تثبت للعالم أن قادة كيان الاحتلال الغاصب ليسوا فوق القانون، وفي هذا السياق، تساءل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، عن غياب المساواة في تطبيق القانون الدولي على الفلسطينيين، مشدداً على ضرورة أن يكون القانون "سواسية" للجميع، بغض النظر عن المنطقة الجغرافية.
يذكر أن المحكمة لم تحرك ساكنًا إلى اليوم، ولم تصدر بعد مذكرة الاعتقال التي طالب بها مدعيها العام كريم خان بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وذلك بسبب الضغوط الشديدة التي يتعرض لها قضاة المحكمة من قبل كيان الاحتلال وحلفائه في الولايات المتحدة والدول الغربية، فبات السؤال يُطرح بقوة حول حيثيات تمادي كيان الاحتلال الغاصب في الاستمرار في سياسة الإبادة الجماعية الممنهجة.
لا تراجع
تساءل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، عن غياب المساواة في تطبيق القانون الدولي على الفلسطينيين، مشدداً على ضرورة أن يكون القانون "سواسية" للجميع، بغض النظر عن المنطقة الجغرافية.
وأكد خان أن المسؤولين الإسرائيليين "ليسوا فوق القانون الدولي"، رافضاً اتهامات "معاداة السامية" الموجهة ضده، مشيراً إلى أن الهدف هو تحقيق العدالة لكل الضحايا، ورداً على اقتراح تأجيل التحقيقات، قال خان بحزم: "هل يجب أن أنتظر حتى يموت الجميع؟ إذا كان الضحايا من أحبائك، هل كنت تريدني أن أنتظر؟"، وأضاف: "لماذا لا يُطبق القانون الذي يُطبق على الأوكرانيين والسودانيين على الفلسطينيين؟ وهل يصح استثناء منطقة جغرافية معينة من القانون؟".
كما أشار إلى غياب المحاسبة داخل جيش الاحتلال على الجرائم في الأراضي المحتلة، وأوضح خان أن معظم الدول الأعضاء في المحكمة، باستثناء كندا، تعترف بفلسطين كدولة، كما أكد أن المحكمة تتعرض لضغوط وتهديدات متواصلة لمنعها من استكمال التحقيقات، قائلاً: "يجب ألا نستسلم للترهيب، فالمسألة تتعلق باستقلالية القانون".
وفي هذا السياق أكد كريم خان أن العدالة يجب أن تطال الجميع، منوهاً بأن العدالة لن تتجزأ، وأنها تتطلب تطبيق القانون بشكل مستقل ومنصف.
وتأتي هذه التصريحات بعد طلب خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت، بتهم تشمل "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" و"الإبادة".
اتهامات معاداة السامية
وردا على أسئلة المراسل المتكررة بأن "إسرائيل دولة ديمقراطية وأنه لا ينبغي المساواة بين المسؤولين الإسرائيليين وحماس"، قال خان: "كل الضحايا متساوون، سأظهر نفس الاهتمام والحب للطفل الفلسطيني كما أفعل للطفل اليهودي، هذه مسألة مساواة أمام القانون".
ورفض خان اتهامات المسؤولين الإسرائيليين ضده بمعاداة السامية، قائلاً: "هناك الكثير من الإساءات والتهديدات والألاعيب التي تدور بين القادة السياسيين ووكالات الاستخبارات وجماعات المصالح، لكنني أعرف نفسي".
وتابع: "هناك ميل متزايد لتهميش الناس بمجرد وصفهم بمعادين للسامية، بصراحة، ما يهمني حقا هو ما ينتظره الضحايا من القانون ومطالبتهم بتطبيق القانون بالتساوي في كل مكان في العالم".
ولفت خان إلى مقتل المدنيين في غزة، قائلا: "ماذا كان سيحدث لو أنني أصدرت مذكرة اعتقال بحق حماس فقط، بينما هناك ما بين 30 إلى 40 ألف قتيل وأمهات تعانين من الإجهاض والجوع؟ عندها سيقال: هذه المحكمة غير المحترمة هي في جيب الولايات المتحدة وألمانيا وغيرها من الدول القوية".
لحظة خطيرة
في الوقت الذي شدّد كريم خان مؤخراً خلال تصريحاته على "أنّها لحظة خطيرة دوليًا وما لم نتمسّك بالقانون، فلن يكون لدينا ما نتمسّك به"، وسأل خان: "هل الدول القوية صادقة في قولها: إنّ هناك هيئة قانونية أم إنّ هذا النظام القائم على القواعد هو عبارة عن هراء وأداة لحلف شمال الأطلسي وهو عالم ما بعد الحقبة الاستعمارية، من دون أي نوايا بتطبيق القانون بشكل متساو؟".
رأى أعضاء مجلس الشيوخ أن كل هذا يشكل خطرا على أمريكا، حيث تلاحق المحكمة "إسرائيل" التي لا تنتمي إليها بسبب أفعالها في غزة التي ليست دولة، في حرب دفاعية ضد الإرهابيين -حسب تعبيرهم-، وغداً قد تفعل الجنائية الدولية الشيء نفسه مع الولايات المتحدة، وهي دولة أخرى غير عضو.
ومن الجدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية لم تغلق بعد تحقيقاتها في حرب أفغانستان
ضغوطات لا تنتهي
في ظل الضغوطات المستمرة على الجنائية الدولية أشار أعضاء مجلس الشيوخ إلى مزاعم تحرش جنسي ضد خان، وقد رد عليها ضمناً بأنها مؤامرة إسرائيلية، ما لا ينهي أسئلة التحيز، وخاصة أن اتحاد موظفي المحكمة الجنائية الدولية لا يثقون في هيئة الرقابة الداخلية للمحكمة -حسب الصحيفة-، وبالتالي يدعو المشرعون الأمريكيون إلى "تحقيق سريع ومستقل وشامل بقيادة لجنة خارجية".
وقالوا إن "أي إجراء تتخذه المحكمة فيما يتصل بمذكرات الاعتقال الصادرة بحق مسؤولين إسرائيليين دون الاستفادة من تحقيق كامل في الاتهامات الخطيرة التي تلاحق المدعي العام خان من شأنه أن يلقي بظلال من الشك على تصرفات المحكمة، ويعرّض مصداقيتها للخطر على نطاق أوسع"، مشيرين إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تواجه ضغوطا من الجماعات والدول المعادية لـ"إسرائيل" لتشويه سمعتها، وفي سياق متصل، لفت خان إلى تعرض المحكمة وموظفيها للعديد من التهديدات ومحاولات الترهيب.
واستطرد: "تردد صدى بعضها على الرأي العام، والبعض الآخر لم يتردد صداها، وأخشى أن تستمر هذه التهديدات، ومع ذلك، فإننا يجب ألا نستسلم، وقد يختلف البعض مع قراراتي، لكنني أعتقد أننا متحدون في الرغبة في الحفاظ على التطبيق المستقل للقانون".
يذكر أن هذه التهديدات ليست الأولى في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية، إذ منعت الولايات المتحدة المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا ونائبيها من دخول البلاد وجمدت أصولهم أثناء إجراء تحقيقات بشأن أفغانستان.