الوقت- شارك آلاف الأردنيين في مظاهرات ضخمة انطلقت بعدة مدن في الأردن قبل عدة أيام، تضامناً مع قطاع غزة وتنديداً بمجازر الإبادة الجماعية المستمرة عليه منذ أكثر من عام، والمتصاعدة شمال القطاع، وللمطالبة بوقف الإبادة في مخيم جباليا ومناطق الشمال.
وشهدت العاصمة الأردنية عمان، مسيرة انطلقت من أمام المسجد الحسيني، للتعبير عن التضامن الأردني الواسع مع غزة والمقاومة الفلسطينية، وتنديدًا بالعدوان المتواصل على شمال قطاع غزة وحرب الإبادة.
وتحت شعار "أوقفوا إبادة جباليا، وألغوا معاهدة وادي عربة" جاءت المظاهرة بدعوة من الحركة الإسلامية والملتقى الوطني لدعم المقاومة، وردد المشاركون في المسيرة هتافات تحيّي المقاومة ووصفوا "صمود" الشعب الفلسطيني في شمال قطاع غزة، وحيّوا رفضه للاستسلام لمؤامرة التهجير التي يسعى لها الاحتلال بكل وسائل الإرهاب والتطهير العرقي، وطالب الأردنيون بتحرك عاجل للضغط حتى وقف الإبادة وإراقة الدماء المتواصلة منذ أكثر من عام بحق أهالي قطاع غزة وكل أرض فلسطين.
كما دعوا الحكومة الأردنية إلى الاستجابة للإرادة الشعبية المطالبة بإلغاء وادي عربة التي تم إفراغها من مضمونها وأصبحت حبرًا على ورق، كما أكدوا على ضرورة إعادة خدمة العلم والتجنيد الإجباري وتسليح الشعب الأردني استعدادًا "لمواجهة حكومة التطرف الصهيونية التي تعبر عن أطماعها التوسعية نحو الأردن". وشدد المتظاهرون على ضرورة إسناد الشعب الفلسطيني بكل أدوات الدعم التي تعزز صمودهم وتثبتهم على أرضهم أمام آلة الحرب "الإسرائيلية."
كما شهد محيط السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية اعتصامات لعشرات الآلاف، وبدأت منصات إعلامية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي «داخلية وخارجية» تدعو للمشاركة في تلك الوقفات الاحتجاجية التي تتصدرها شعارات مؤيدة لحماس وكتائب القسام، وتستعيد تسجيلات لقياداتها التي تطالب أهل الأردن بالتحرك، وهذه الاحتجاجات تختلف عن تلك التي خرجت في الأيام الأولى من الحرب، والتي كانت احتجاجات شعبية عفوية ولا تتبع تنظيمات سياسية بعينها، بل إن تلك العفوية هي التي استدعت الأحزاب للحاق بها.
مخاوف صهيونية من إلغاء اتفاق السلام
لا يخفي الإسرائيليون إحباطهم، وهم يحيون ثلاثين عاما على توقيع اتفاق السلام مع الأردن في مثل هذه الأيام من عام 1994، حيث ما زالت العلاقات باردة، و80% من الجمهور الأردني يعارض التطبيع مع دولة الاحتلال، بالتزامن مع بعض التصريحات السياسية العدوانية من الجانبين، ولا سيما وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي ما انفك مؤخرا عن مهاجمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووصفه بالخطر.
تال شنايدر مراسلة الشؤون الفلسطينية، أكدت أنه "بعد ثلاثين عاما على توقيع ذلك الاتفاق، فما زال الواقع الأردني يقابل أي حديث عن التطبيع مع إسرائيل بالغضب والقسوة والنقد، بل يخرج الجمهور الأردني في مظاهرات عاصفة ضدها، ويطالب بإلغاء اتفاقيات المياه والغاز معها، ويتفاعل بغضب عندما يشارك سلاحه الجوي في صدّ الهجمات الصاروخية الباليستية الإيرانية".
وأضافت في تقرير لها: إن "الوضع لا يقتصر على الشارع الأردني، فالإسرائيليون أنفسهم لم يعودوا يتعاطفون مع الأردن، وغالبًا ما يهاجمون سياسات المملكة، وفي السنوات الأخيرة، مع تزايد القوة السياسية للمستوطنين، فإن هناك دعوات متزايدة لتغيير العلاقة معها بشكل جذري، رغم أن اتفاق السلام مع الأردن ركيزة استراتيجية حاسمة في وضعية دولة الاحتلال في المنطقة، فضلا عن ما يشكله من دفاع فعال عن أطول الحدود المقدرة بـ 310 كم، وحاجزاً ضد الغزوات المسلحة من الشرق".
وأشارت إلى أنه "رغم أن الاحتلال لديه نقطة ضعف استراتيجية من خلف الجبل في وادي الأردن، إلا أن تصرفات قوات الأمن الأردنية تجعل من الممكن تجنب نشر قوات متعددة على طول الحدود، رغم الهجمات المسلحة الأخيرة في الشهور الماضية..، لكن بالمقارنة مع ما يحدث على حدود لبنان وسوريا وغزة، فإن هذا حدث غير عادي تحاول عمان إخفاء تعاونها مع تل أبيب لعدم تكرارها، لكن الموقف العام تجاه العدوان الجاري على غزة تغير بشكل كبير مع مرور الوقت، حتى إن جنازة منفذ عملية المعبر الحدودي في سبتمبر، شارك فيها شخصيات بارزة".
تظاهرات عربية واسعة دعما لغزة ولبنان
شهدت العديد من الدول العربية، اليوم الجمعة، تظاهرات واسعة لدعم قطاع غزة ولبنان ضد حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" بدعم أمريكي مطلق منذ الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومن بين الدول التي خرجت فيها المسيرات اليمن والمغرب والأردن وتونس وموريتانيا.
وخرج عشرات الآلاف من المواطنين اليمنيين عقب صلاة الجمعة للتظاهر في عدة محافظات، مثل صنعاء وصعدة والحديدة، رافعين شعارات التضامن مع غزة ولبنان وصورا لقادة المقاومة الإسلامية "حماس" وحزب الله اللبناني.
كما رددوا شعارات تدعم المقاومة وتستنكر "المجازر الوحشية" في غزة، وأكد المتظاهرون – في بيان موحد صادر عن المسيرات- أن اليمن مستعد لأي تصعيد يلجأ إليه "العدوان الأمريكي والإسرائيلي" مهما كانت التحديات والتضحيات، وجاء البيان تعبيرا عن موقف شعبي يرفض "الإجرام والوحشية" التي يتعرض لها المدنيون في غزة ولبنان، وشدد على استمرارهم في الخروج بمسيرات مليونية أسبوعية دعما للشعبين الفلسطيني واللبناني ووفاء للشهداء القادة.
وأضاف البيان إن "الشعب اليمني لن يتخلى عن دوره المساند للمقاومة ولن يتراجع عن موقفه في دعم غزة ولبنان حتى تحقيق النصر"، مؤكدين على أهمية تضامن الشعوب في وجه العدوان الإسرائيلي، وتواصل أنصار الله استهداف السفن المرتبطة بـ"إسرائيل" بالصواريخ والطائرات المسيرة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، إضافة إلى إطلاق هجمات صاروخية على تل أبيب، دعما للمقاومة في قطاع غزة.
أما في المغرب، فيستمر حراك طلابي واسع يرفض التطبيع مع "إسرائيل" ويعبّر عن تضامنه مع الفلسطينيين في غزة، ونظم طلاب الجامعات أكثر من 400 مظاهرة على مدار العام الماضي وشاركوا في إضرابات عن الدروس، وألغوا محاضرات كان من المقرر أن يلقيها أكاديميون إسرائيليون في الجامعات المغربية، ويجسّد هذا الحراك رغبة طلابية واسعة في مقاطعة "إسرائيل" على المستوى الأكاديمي في المغرب ودعم الفلسطينيين
كما شهدت العاصمة التونسية مسيرة ضخمة تندد بالهجمات الإسرائيلية في شمال غزة، التي دعت إليها "تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين"، وانطلقت المسيرة من ساحة الجمهورية إلى شارع الحبيب بورقيبة، وهتف المشاركون بشعارات تندد بالدعم الأمريكي والفرنسي لـ"إسرائيل"، وطالبوا بوقف العدوان.
وفي نواكشوط، شارك آلاف الموريتانيين في مسيرة انطلقت من الجامع الكبير وتوجهت نحو ممثلية الأمم المتحدة، حيث رفعوا أعلام فلسطين ولبنان وموريتانيا، ودعوا لتكثيف الجهود الشعبية في العالم للضغط على "إسرائيل" لوقف العدوان على غزة ولبنان.
وتشير هذه التظاهرات في أنحاء العالم العربي إلى موجة من التضامن الشعبي المتصاعدة مع غزة ولبنان في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية، مع مطالبات واسعة بقطع العلاقات مع "إسرائيل"، وإنهاء اتفاقيات التطبيع، وزيادة الدعم للقضية الفلسطينية.
وأسفرت الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد أهالي قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.