الوقت- منذ منتصف الأسبوع الماضي، كانت هناك بعض الاحتجاجات تجوب الشوارع العراقية للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، والتي تضاءلت شدّتها في العديد من مناطق العراق ووصلت حالياً إلى وضع مستقر.
ومع ذلك، فقد استغلت بعض الأطراف الأجنبية كامل إمكاناتها لإثارة الاضطرابات في عدد من المدن العراقية، ومن بين تلك الأطراف الاجنبية تربعت السعودية على القمة.
في الواقع، ومع بدء الاحتجاجات في العراق، حشد السعوديون جيشهم الإلكتروني للركوب على موجة المطالب الشعبية في البلاد لصرفها عن مسارها الرئيس، ومن أجل خلق نوع من الفوضى وانعدام الأمن في أجزاء مختلفة من العراق.
وخلال الأيام القليلة الماضية، قام المتصيدون والذباب الالكتروني التابع للسعودية بتوزيع صور ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعية نُسبت للاحتجاجات العراقية، ولقد ركّزت تلك الصور والفيديوهات على إهانة المزارات الشيعية، بما في ذلك مراسم الأربعين الحسينية، وكذلك قادة محور المقاومة بما في ذلك "حزب الله" والحشد الشعبي العراقي، ولكن الحقيقة هي أن هذه الصور وملفات الفيديو لا علاقة لها بسلسلة المظاهرات الأخيرة التي خرجت في العراق، والتي كانت في البداية شعبية فقط لتحسين سبل العيش والوضع الاقتصادي.
لذلك، لقد استحوذ هذا السؤال المهم على ذهن الرأي العام، ما هي قصة الصور وملفات الفيديو التي أهانت المقدسات الشيعية، ومراسم الأربعين الحسينية، وقادة محور المقاومة التي نشرها المتصيدون والذباب الالكتروني خلال المظاهرات العراقية؟ وهنا يؤكد العديد من الخبراء بأن جوهر هذه القصة يتمحور حول الأمراء السعوديين، وعلى رأسهم "محمد بن سلمان"، الذين قاموا بتوظيف مئات المتصيدين والذباب الالكتروني للقيام بفبركة الأحداث في العراق.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "إن المتصيدين والذباب الالكتروني قاموا بنشر الكثير من المعلومات المفبركة بناء على طلب من السلطات السعودية وإنهم يعملون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر وينشرون أيضاً معلومات على منصتي الواتساب والتلغرام وإن أولئك المتصيدين والذباب الالكتروني يتلقّون حوالي 3000 دولار شهرياً، وإن السلطات السعودية هي التي أطلقت هذه الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد منتقدي الحكومة السعودية منذ ربيع عام 2010."
ووفقاً لآخر التقارير الإخبارية، فإن هناك مئات الأشخاص يعملون في العاصمة السعودية الرياض في أماكن تسمى "مزارع نشر الإشاعات"، في الفضاء الإلكتروني لعكس الحقائق الموضوعية والميدانية.
وفيما يتعلق بما حدث في العراق خلال الأيام القليلة الماضية، فلقد قام جيش المتصيدين والذباب الالكتروني، بنشر الكثير من الصور ومقاطع الفيديو المزوّرة لإهانة المقامات المقدسة الشيعية وقادة محور المقاومة، وبذلوا كل جهودهم للركوب على موجة المطالب الشعبية المشروعة للعراقيين وحرفها عن مسارها الرئيس.
وفي هذه العملية، عمل جيش المتصيدين والذباب الالكتروني أيضاً على التجسس على حسابات ناشطي الشبكات الاجتماعية العراقيين وتقديم تقارير كاملة عنهم إلى القادة السعوديين، وبالطبع، يستخدم السعوديون هذه الطريقة بشكل أساسي لإسكات أصوات المعارضة الداخلية في السعودية وهو أيضاً ما فعلوه وقت اغتيال الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي".
لذلك فمن الواضح أن جميع تلك الصور وملفات الفيديو ملفّقة ومفبركة وأن من قام بتصميمها هم جيش المتصيدين والذباب الالكتروني التابعين للقادة السعوديين، وفي هذا السياق، تؤكد العديد من المصادر الإخبارية، بأن السعودية استغلّت كل إمكانات "البلطجة الإلكترونية" لخلق فوضى في العراق وتلفيق الكثير من الأكاذيب التي تزعم بأن الغرض الرئيس من تلك الاحتجاجات لم يكن للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، بل كانت من أجل معارضة مراسم الأربعين الحسينية وما إلى ذلك.
وفي غضون ذلك، اتخذ جميع المسؤولين والشخصيات السياسية في العراق مواقف ذكية لإحباط هذه المؤامرة السعودية الضخمة التي استعانت بالإعلام الجماهيري والفضاء الإلكتروني لنشر الفتنة بين أبناء الشعب العراقي.
وعلى نفس هذا المنوال، أكد زعيم حركة الحكمة الوطنية، السيد "عمار حكيم"، على أنه ينبغي أن تكون تلك الاحتجاجات سلمية وأنه يجب على المتظاهرين تجنّب الشعارات الطائفية.
ومن جهته قال "قيس الخزعلي" الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" العراقية،: "إن الاحتجاج على الوضع الاقتصادي كان حقاً للشعب، ويجب ألّا تخرج الاحتجاجات عن تلك المطالب".
لذلك، أصبح من الواضح أن السعودية لم تنجح في توجيه جيش المتصيدين والذباب الالكتروني لفبركة الحقائق الميدانية في العراق من خلال تزوير الصور ومقاطع الفيديو الطائفية، رغم أنها استعانت حتى بقدرات "مركز الاعتدال" الذي أسسته السعودية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات مضت.
ووفقاً لبعض الدراسات الاستقصائية، كان التركيز الرئيس لذلك المركز، هو الترويج لبعض التغريدات الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر واللعب بأفكار الرأي العام في الفضاء الإلكتروني. ويمكن تتبع دور هذا المركز وتأثيره على جميع عمليات العنف والحملات الدعائية التي وقعت وانتشرت في المنطقة وحتى في بعض الدول غير العربية.
وفي التطورات الأخيرة في العراق، تشير الأحداث الميدانية إلى الدور الخبيث الذي لعبه ذلك المركز السعودي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بالتزامن مع إخفاق جيش المتصيدين والذباب الالكتروني السعودي في نشر الفوضى وأعمال العنف في المدن العراقية، لم تنجح أيضاً وسائل الإعلام السعودية، بما في ذلك قناتي "العربية" و"الحدث"، في إتمام تلك المهمة وفشلت أيضاً في تحقيق أهدافها الخبيثة في هذا البلد.
يذكر أن سلسلة الأخبار الكاذبة والمفبركة الواردة من وسائل الإعلام الرجعية التابعة للسعودية لم تمنع القوات العراقية من السيطرة على الأوضاع في المدن العراقية ولم تمنعها أيضاً من إلغاء مراسم ذكرى الأربعين الحسينية.
وما يبدو واضحاً في وقتنا الحالي، هو أن وسائل الإعلام الغربية والعربية والعبرية ووسائل الإعلام الالكترونية، وحتى جيش المتصيدين والذباب الالكتروني التابعين للأمراء السعوديين قد فشلوا في إخفاء هذه الهزيمة.