الوقت- تتوالى تداعيات الفشل المدوّي لمنظومات الدفاع الجوي الصهيوني في التصدي للصواريخ الفلسطينية فصولاً، فبعد سنوات على التغنّي الإسرائيلي بالقبّة الحديدة، أدركت القيادة العسكريّة الإسرائيلية بعد عملية "الحديقة المغلقة" في غزة والكميات الكبيرة من الصواريخ التي سقطت على الكيان، فشل القبة الحديدية.
عندما نتحدّث عن منظومة دفاع جوّي متعددة السطوح، فإننا نشير إلى ثلاث منظومات الأولى هي القبّة الحديدة، الثانية العصا السحرية المعروفة أيضاً باسم مقلاع داوود، والثالثة منظومة حيتس التي لا تزال في مراحلها التجريبية.
حرب غزّة الأخيرة أقنعت القيادة العسكرية بفشل منظومة القبّة الحديدة، وأما بالنسبة للعصا السحرية التي يصل ثمن كل صاروخ اعتراض إلى مليون دولار، فقد دخلت مجال التفعيل قبل عام تقريباً، وقد سقطت في أوّل اختبار لها عندما فشلت في اعتراض صاروخي أرض أرض أطلقا في يوليو (تموز) 2018 من سوريا، فقد تم تدمير أحد صواريخ الاعتراض ذاتياً، أما الثاني فسقط في سوريا.
منظومة حيتس التي تمّ تطويرها بمساعدة امريكية وتستهدف اعتراض صواريخ سكود قد تم استخدامها في الماضي ضد صاروخ من سوريا، ولكن الكيان الإسرائيلي لم يعلن إذا ما نجحت أم لا، تجدر الإشارة إلى أنّ ثمن كل صاروخ اعتراض 3 ملايين دولار.
ما هو البديل؟
توالي الفشل الإسرائيلي دفع بالمؤسسة العسكرية للتفكير جدياً باستئناف البحث والتطوير لمنظومات تعمل بواسطة أشعة الليزر لاعتراض الصواريخ، وفق صحيفة معاريف الإسرائيلي، وتوضح الصحيفة أن هذا التأخير قد دام حوالي عشرين عاماً والتفكير الجدي لدى "إسرائيل" في منظومات الليزر جاء بسبب النواقص في نجاح المنظومات الموجودة لدى سلاح الجو، خاصة في منظومة القبة الحديدية، التي أهينت حسب محللين "إسرائيليين" في التصعيد الأخير مع غزة، بالإضافة إلى المنظومتين "مقلاع داود"، وحيتس"2".
وتضيف "معاريف الإسرائيلية" إن "إسرائيل" تمتلك عشر بطاريات من القبة الحديدية تنتشر في أكثر المناطق سخونة، أو التي قد تتعرض لإطلاق صواريخ، وأن منظومة القبة تواجه صعوبات في اعتراض الصواريخ، خاصة القذائف قصيرة المدى، والتي تعتبر تكلفة تشغيلها باهظة الثمن مقارنة بتكلفة الصواريخ والقذائف التي تطلقها الفصائل الفلسطينية في غزة.
وحسب "معاريف"، فإنه نظراً لهذه المعضلة تبلورت في وزارة الجيش وسلاح الجو مؤخراً ضرورة دراسة إمكانيات أخرى أقل تكلفة لاعتراض الصواريخ، ومنها العودة إلى النظر في منظومة "ناوتيلوس" التي تعمل بأشعة الليزر، والتي جرى تطويرها وتحديثها منذ عرضها على الملأ للمرة الأولى قبل عشرين عاماً.
إذن، أدركت المقاومة الفلسطينية، ومن خلفها جميع حركات المقاومة أنها الخاصرة الرخوة للكيان الإسرائيلي، ولا شكّ أن المقاومة تستعد أيضاً لأي بديل صاروخي إسرائيلي، تماماً كما فعلت مع القبّة الحديدة، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى التالي:
أوّلاً: لطالما تغنّى الكيان الإسرائيلي بدرعه الصاروخية التي كان يطمح لبيعها بأسعار خيالية في صفقاته العسكريّة.
اليوم بعد تجربة غزّة لم يعد هذا الأمر متاحاً، تماماً كما حصل مع الميركافا الجيل الرابع التي كانت تعدّ مفخرة الصناعات الإسرائيلية التي دُمّرت على أعتاب وادي الحجير اللبناني.
إن القناعة الإسرائيلية اليوم بعد عشرين عاماً بضرورة العودة إلى سلاح الليزر تعني وضع جهود 20 عاماً على الرفّ كون الإسرائيلي فشل في تحقيق هدفه، لكن السؤال الأبرز: ما الذي يضمن أن تؤدي المنظومة الليزرية الغرض؟
ثانياً: من كان يستمع إلى التصريحات الإسرائيلية بعد استكمال الدرع الصاروخية، كان يعتقد بأنها ستطول حتى الذباب القادم من قطاع غزّة أو الجنوب اللبناني، لكن الواقع لم يكن كذلك تماماً. اليوم، قد تتكرّر هذه التجربة مع المنظومة الصاروخية التي تحدثت عنها صحيفة معاريف، ولاسيما أن عقول المقاومة تعمل بالتوازي لتعزيز قدرات الردع، وإيجاد البديل لأي بديل إسرائيلي.
لا يعدّ فشل القبة الحديدة هو الأول من نوعه، رغم أنه الاختبار الأكبر، بل يأتي بعد سنوات من التغنّي باستكمال الدرع الصاروخي متعدّد السطوح، وهنا من حقّنا أن نسأل عن جدوى هذه الدرع الصاروخيّة إذا ما أطلقت حركات المقاومة آلاف الصواريخ نحو العمق الإسرائيلي والمنشآت الاستراتيجية.
باختصار، يمكن القول أن الكيان الإسرائيلي يسعى للانتقال اليوم من محطةّ فاشلة إلى محطة أخرى يأمل ألّا تكون كذلك، فهل ستكون المنظومة البديلة للقبة الحديدية هي فشل بديل للفشل؟ قد تكون الإجابة اليوم غير واضحة، ولكن ما هو مؤكد أن المقاومة تعمل على البديل الناجح لأي بديل إسرائيلي.