الوقت- في الوقت الذي تعيش فيه أمريكا جدلاً سياسياً كبيراً جراء قضية المهاجرين وإجراءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يخصها عبر إعلان حالة الطوارئ من أجل تمويل بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، يدينه منتقدوه بالعنصرية وفرض سياسات تمييزية ضد الأقليات غير البيض أيضاً.
وفي هذا السياق، أعلن السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، المنافس الأبرز للرئيس ترامب خلال الانتخابات الأمريكية القادمة، منذ يومين تأييده لخطوات مارتن لوثر كينغ زعيم مناهضة العنصرية في أمريكا، رافضاً سياسات ترامب التي تزيد من التفرقة بين أبناء الشعب الأمريكي.
وقال ساندرز في اجتماع يسمى شبكة العمل الوطنية: "نعلم جميعاً أن أمامنا طريقاً طويلاً لإنهاء العنصرية التي تؤثر على جميع جوانب المجتمع الأمريكي تقريباً".
كما تحدث عن أسباب انتشار هذه العنصرية متهماً سياسة ترامب بذلك قائلاً: "ليس من الجيد بالنسبة لي على الإطلاق أن لدينا الآن رئيس في بلدنا عنصري، إنه عدو البشر، إنه غريب، إنه فرد ضيق الأفق في المسائل الدينية، كنت أتمنى ألا يكون لدي مثل هذا التصريح، لكن هذه حقيقة سيئة".
وقال ساندرز: "إنه لهذا السبب، إذا تم انتخابه رئيساً لأمريكا فستكون مكافحة العنصرية إحدى أولوياته".
من جهة أخرى، وفي أوائل يناير 2019، قالت الکساندریا اوکاسیو کورتز، وهي عضو في الحزب الديمقراطي، والتي تعد من مؤيدي بيرني ساندرز في انتخابات عام 2016، في مقابلة مع وكالة سي بي إس الإخبارية: إن "الكلمات التي يستخدمها الرئيس تستند إلى كلمات عنصرية تعود تاريخياً إلى لغة العنصرية التي كان يعتمدها البيض ضد السود في أمريكا". وعندما سئلت كورتيز عمّا إذا كانت تعتبر الرئيس عنصرياً، قالت النائبة البالغة من العمر 29 عاماً: "نعم، نعم، بلا شك".
شرايين العنصرية في مواقف ترامب
قد يقول البعض إن المرشحين للانتخابات قد يعتمدون لغة الهجوم والانتقاد ضد بعضهم البعض من أجل تضعيف الطرف الآخر وزيادة فرصهم في الوصول إلى كرسي الرئاسة، إلا أنه في حالة ترامب وبسبب سياساته وإجراءاته العنصرية لم يترك الرجل مجالاً للدفاع عنه، بل فتح أبواب الانتقاد عليه.
وفي هذا السياق وصف المحامي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مايكل كوهين، موكله السابق بـ "العنصري والمخادع". وقال كوهين، في إفادته العلنية أمام للكونغرس:"إن ترامب كان على علم مسبق بتسريب رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالحزب الديمقراطي قبيل الانتخابات الرئاسية عام 2016".
وأضاف: "سألني ذات مرة ماذا أقول عن بلد (يقصد أمريكا) يحكمها رجل أسود (يقصد باراك أوباما)، وقال (أليس هذا أمر مقزز)". كان هذا عندما كان باراك أوباما رئيساً لأمريكا.
"بينما كنا نسير مرة في حي شيكاغو الذي يعاني بشدة، علق بأن السود فقط هم الذين يستطيعون العيش بهذه الطريقة"، "وقد أخبرني أن السود لن يصوتوا له أبداً لأنهم كانوا أغبياء للغاية. ومع ذلك تابعت العمل معه".
كما قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: "إن ترامب يدمر سمعة أمريكا"، وأشارت إلى الوصف اللاذع الذي أطلقه على بلدان قدم منها مهاجرون إلى بلاده واصفاً إياهم بالحثالة الذين يدمرون أمريكا، مضيفة إن ترامب ليس مجرد عنصري وجاهل وغير كفء وغير مرغوب فيه، بل إنه أيضاً كاذب، ويعتبر الرئيس العنصري الأول في البلاد، الذي يشن حملة تعصب وإقصاء واستياء ضد المهاجرين.
وبالرغم من كل هذه الانتقادات، ينفي الرئيس ترامب كل ذلك ويقول إن هناك حملة هوجاء لتشويه صورته قبل الانتخابات الرئاسية عام 2020، وقال "أنا لست عنصرياً، أنا أقل شخص عنصري يمكن أن تقابله على الإطلاق".
هذه الانتقادات لم تقتصر على أعضاء الحزب الديمقراطي فقط، بل إن هناك أيضاً أعضاء من حزبه يرون أنه عنصري، وعلى سبيل المثال انتقد مجموعة من أعضاء الحزبين عدم إدانة ترامب لهجوم المتطرفين البيض أي اليمين المتطرف على تظاهرة ضد العنصرية بالشكل المطلوب، حيث قامت سيارة يقودها يميني متطرف بصدم متظاهرين في مدينة "شارلوتزويل" في ولاية فرجينيا الأمريكية ما أدى إلى جرح 15 شخصاً على الأقل.
وبعد الحادث، أدان ترامب في جملة قصيرة العنف والكراهية بشكل عام وطالب بضبط النفس من جانب الأطراف، إلا أن هذه الإدانة لم تكن كافية بنظر معارضيه وحتى مؤيديه، إذ حث الكثيرون الرئيس على جعل إدانته أكثر تحديداً بما في ذلك الجمهوريون البارزون مثل أعضاء مجلس الشيوخ ماركو روبيو، وكوري جاردنر، وحاكم نيو جيرسي كريس كريستي، بالإضافة إلى عدد كبير من الديمقراطيين.
وغرّد السيناتور الجمهوري كولورادو كوري جاردنر على "تويتر" قائلًا: "سيدي الرئيس، يجب أن نسمي الشر باسمه، كانوا هم القوميون البيض، وهذا هو الإرهاب المحلي" .
وصرح السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو: "من المهم جداً أن يسمع الشعب حديث الرئيس دونالد ترامب، ويجب أن يسمي ما حدث بالعمل الإرهابي" .
كما كتبت نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس، على تويتر: "كرر دونالد ترامب بعدي: أن التعصبية للبيض هي ليست من القيم الأمريكية".
كما تجلت عنصرية ترامب وانحيازه لذوي البشرة البيضاء حينما سألته إحدى الصحفيات عن مجزرة نيوزيلاندا التي ذهب ضحيتها أكثر من 50 مسلماً، عن أنه إذا كان قد قرأ بيان المتطرف اليميني الذي يبلغ 74 صفحة، أجاب بكلمة واحدة وهي "لا"، وحول سؤال إذا كان المتطرفون البيض يزدادون ويشكلون تهديداً في أمريكا، قال إنهم قلائل ولديهم مشكلات خاصة.