الوقت- أثبت الفتى السوري محمد الجندي أنه لايوجد شيء مستحيل، واستطاع الجندي ذو الـ 16 عام أن يرسم البسمة على شفاه مئات الأطفال بإمكانيات بسيطة جدا ناقلا إليهم كل ما يستطيع من علم ومعرفة عبر المدرسة التي أنشأها في مخيم اللاجئين في وادي البقاع، حيث كان يقوم بتدريس الأطفال الإنجليزية والرياضيات وهوايته المفضلة، التصوير، ليساعدهم على الشفاء والتعلّم والاستمتاع.
وتكريما لإنجازاته في تعليم 200 لاجئ وقيامه بمساعدات إنسانية أخرى بمساعدة الاهل والأصدقاء، تم تكريم محمد يوم "الاثنين" الماضي ومُنح جائزة السلام الدولية للأطفال 2017 ، خلال حفل أقيم داخل قاعة "الفرسان" في مدينة لاهاي الهولندية.
هذه الجائزة تخصص سنوياً منذ عام 2005 لفتيان قصر أثبتوا جدارة في الالتزام بحقوق الأطفال، وسلمته الجائزة الناشطة الباكستانية ملالا يوسفزاي، حاملة هذه الجائزة عام 2013 والحائزة على جائزة نوبل لعام 2014.
وعلقت ملالا "20 عاماً"، وتدرس في جامعة أوكسفورد البريطانية، على منح الجائزة للفتى السوري بالقول: "إن مستقبل سوريا بأيدي هؤلاء الأطفال، ومستقبلهم يبقى مرتبطا بتعليمهم"، وفق بيان صادر عن مؤسسة كيدس رايتس التي تمنح هذه الجائزة.
أما محمد فعلق بالقول بعد تسلمه الجائزة: "أقول للأشخاص الذين لا يريدون أن يكون اللاجئون هنا، بأننا لم نرغب في المجيء، إلا إنها الحرب".
ودعا بالمناسبة إلى أن ينظر العالم إلى مواطنيه من اللاجئين على أنهم قبل كل شيء "أشخاص طبيعيون".
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس في لاهاي حيث تسلم الجائزة، قال محمد : "لا نريد سوى ان يعطينا الناس فرصة لاثبات قدراتنا، وان يعاملوننا على اننا اشخاص طبيعيون"، وتابع "أؤكد لكم بأننا أشخاص مثلكم ونعيش في العالم نفسه".
وأضاف الشاب السوري في حديث هاتفي مع مؤسسة تومسون رويترز: "شعرت بالسعادة لأنني لم أكن مجرد مدرس، بل صديقاً، وأصبحنا أسرة - نحن أقوى معاً".
وتابع "ما فعلناه ليس مجرد تعليم القراءة والكتابة، ولكن إعطاء اللاجئين الشباب مساحة آمنة للتعبير عن أنفسهم". وأوضح الجندي "من المهم جداً إعطاء هؤلاء الأطفال تعليماً، وإلا فإنهم سيصبحون جيلاً مفقوداً".
أما الفكرة التي انطلق منها محمد عند تأسيس مدرسة للاجئين في لبنان فهي وحسب قوله " المستقبل غير واضح ولا يمكنني السيطرة عليه، لذلك توقفت عن القلق بشأن ذلك. أريد أن أركز على ما يمكنني القيام به الآن".
وكان محمد صغيراً، عندما لجأ مع عائلته قسراً إلى لبنان، وهرباً من الحرب المدمرة والمهددة للحياة. لم يستسلم أبداً لكنه قرر إنشاء مدرسة في مخيم للاجئين الذي استقر فيه في وادي البقاع. واستعان بأقاربه ومتطوعين للمساعدة في تشييد بناء يكون أساساً لمدرسة، وتعليم مجموعة من المواد من اللغة الإنكليزية والرياضيات إلى التصوير الفوتوغرافي.
وبعد ثلاث سنوات، بات في رصيد المدرسة التي بُنيت بجهود وإصرار محمد ومساعديه أكثر من 200 طالب، بعضهم لا يزيد عمرهم عن خمس سنوات، وعدد من المعلمين المحترفين، يقدمون دروساً عن المساواة بين الجنسين، وأخرى متخصصة بمحو الأمية للاجئين البالغين.
بدأ محمد مشروعه التعليمي وهو في الثانية عشرة من عمره، بإصراره على بناء مدرسة وتوفير التعليم لمئات الأطفال الذين فروا إلى لبنان للهروب من الحرب
الجدير بالذكر أن قائمة المتنافسين الأخيرة قبل إعلان الفائز أمس الاثنين، تضمنت فتاة تدعى فاي هازيان (15 عاماً) من إندونيسيا، والفتى تيمون رادزيك (16 عاماً) من بولندا إلى جانب محمد الجندي من سورية الذي رشحته للجائزة "الرابطة السورية للمواطنة". مع العلم أن قائمة المرشحين الطويلة ضمت 169 إسماً من 55 بلداً وهي القائمة الأطول هذا العام منذ تأسيس الجائزة. ويجدر الذكر أن الجائزة الدولية أطلقتها مؤسسة "كيدز رايتس" الهولندية وتخصص هذه الجائزة المهمة سنويا منذ العام 2005 لفتيان قصر أثبتوا جدارة بالالتزام بحقوق الاطفال.
وتبلغ قيمة جائزة السلام الدولية للاطفال 100 ألف يورو.
يشار إلى أنها ليست المرة الاولى التي يكرم فيها سوريون لانجازاتهم في التعليم، حيثت خصصت جامعة "مارلبورج" البريطانية منحة دراسية خاصة للاجئ السوري الشاب، أحمد رشيد، تقديرا لجهوده، في تعليم عدد كبير من الطلاب وتقديم مناهج دراسية صيفية لهم، ودروس في المساواة بين الجنسين ومساعدتهم في الاندماج مع المجتمع.