الوقت - شكَّلت نتائج الإنتخابات في الكويت، نموذجاً للوضع القائم في الدول الخليجية. فالإنتخابات التي جرت منذ أيام، وأفضت الى تغييرات جذرية، ما تزال أصداؤها تضرب إعلام الدول الخليجية، بسبب حجم التغيير الذي أفرزته، وفضحِها لوجود شرخٍ بين الطبقة الحاكمة والشعب. فماذا في النتائج والتغيير الواضح؟ وكيف تعاطى الإعلام الخليجي مع النتائج؟ وما هي الحقائق التي يجب معرفتها حول النظام السياسي في الكويت؟ وماذا في الدلالات والتحليل؟
النتائج
كشفت النتائج الرسمية لانتخابات مجلس الأمة الكويتي (الإنتخابات البرلمانية) تغييراً جذرياً لتركيبة المجلس بنسبة وصلت الى 60%. وهو ما حصل مع عودة وجوه كانت معارضة للحكومة. وأعلنت اللجان الرئيسية في الدوائر الأربع النتائج الرسمية للفائزين بالإنتخابات منذ يومين، بنسبة تغيير وصلت إلى 50% في الدائرة الأولى،40% في الثانية،70% في الثالثة و80% في الرابعة.
التغيير الواضح
فازت المعارضة الكويتية وحلفاؤها بقرابة نصف أعضاء المجلس عبر فوزها بـ 24 مقعداً من أصل 50 مقعداً يتشكل منها البرلمان. وبحسب التحليلات فإن هذه النتائج تُثير مخاوف من حصول تعطيلٍ سياسيٍ جديد. وتجدر الإشارة الى أن هذه الإنتخابات هي الإنتخابات الأولى التي تشارك فيها المعارضة منذ انتخابات شباط 2012.
التعاطي الإعلامي مع صدمة التغيير
خرجت الصحف لتُعبِّر عن حال الصدمة التي خلَّفها التغيير. وهنا نُشير لبعض الآراء الإعلامية:
- صحيفة "الجريدة" الكويتية وصفت ما جرى بأنه انتفاضة شعبية أطاحت بأغلبية مجلس عام 2013. معتبرةً ذلك ترجمة واضحة لغضب الجماهير وانتفاضتها الشعبية ضد أداء المجلس الماضي.
- صحيفة "القبس" أشارت الى أن الشعب الكويتي قال كلمته عبر المشاركة التي لم تعهدها اي انتخابات ووصلت إلى نحو 75%، وأفرزت مجلساً يوحي بمرحلة سياسية مقبلة ساخنة خصوصاً مع نسبة تغيير وصلت إلى 62%.
حقائق حول الكويت يجب معرفتها
عدة حقائق يجب معرفتها لفهم الواقع السياسي في الكويت قبل التحليل. وهو ما سنُشير له بالتالي:
- شهدت الكويت اضطرابات سياسية بين عامي 2006 و2013، ارتفعت وتيرتها خلال الأعوام الخمسة الماضية خصوصاً بعد اشتعال الإحتجاجات في الدول العربية عام 2011. هذه الإضطرابات تسببت في استقالة حكومات عدة وحل مجلس الأمة ست مرات.
- بسبب التباينات بين البرلمان والحكومة على خلفية قرار رفع أسعار المشتقات النفطية اتخذ أمير الكويت "صباح الأحمد الصباح" والذي يحكم البلاد منذ 2006، قراراً بحل مجلس الأمة والذهاب للإنتخابات، والتي أفضت الى التغيير الحاصل.
- بالنسبة لأهم سمات النظام السياسي في الكويت، فإن وزراء الحكومة يشغلون مقاعد أيضاً في مجلس الأمة (البرلمان). وفي وقتٍ يقوم النظام السياسي على المواءمة بين النظام البرلماني والحكم الأميري الذي يتمتع بصلاحيات واسعة، يشغل أفراد أسرة الصباح المواقع الرئيسية في الحكومة.
- على الرغم من مساحتها الصغيرة، تتمتع الكويت بأحد أعلى مستويات الدخل الفردي في العالم، بمعدل 28500 ألف دولار للفرد سنوياً، بحسب تقارير صندوق النقد الدولي عام 2015. وهو ما جعل الإنتفاضة الشعبية تحتدم نتيجة التغيير الواضح في السياسات، فأثَّرت على نتائج الإنتخابات.
دلالات وتحليل
عدة مسائل يمكن طرحها من خلال نتائج الإنتخابات نُشير لها بالتالي:
أولاً: جاءت الإنتخابات بعد سنواتٍ من الإحتقان السياسي الحاصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والذي تمثَّل في تعطيل مجالس النواب (الأمة) السبعة الماضية. فيما كان آخر مجلس أمة أكمل مدته الدستورية هو مجلس 1999- 2003. مما أفرز واقعاً شعبياً رافضاً للواقع السياسي الحالي.
ثانياً: تُعد هذه الإنتخابات بنتائجها ضربة للنواب الموالين للحكومة الكويتية والنظام الحاكم في المجلس حيث فشل كثير منهم في العودة الى البرلمان الجديد. وهو ما يُعتبر تغييراً جذرياً، ضد النظام السياسي الحاكم. فيما ذهب البعض للحديث عن أن عمر هذا البرلمان لن يكون طويلاً في ظل التركيبة المتناقضة للأعضاء الجُدد.
ثالثاً: سيشهد هذا البرلمان بحسب المراقبين، تحديات كبيرة، خصوصاً في ظل الاحتقان الكبير بين المعارضة المنتخبة والموالاة أي الحكومة. بعد تمكُّن المعارضة من تشكيل جبهة قوية داخل البرلمان في ظل واقعٍ سياسي متناقض.
رابعاً: تحصل هذه التحديات في ظل أزمة داخلية وخارجية. خارجياً تعاني الكويت من تراجع في العلاقات لا سيما داخل دول مجلس التعاون، بسبب غرقها في مشكلات داخلية تتمثَّل بأزمة مالية يعاني منها الكويت كما الدول الخليجية، وحصول تراجع في أسعار النفط. كل ذلك يتزامن مع قيام الحكومة برفع الدعم عن الخدمات في ظل عجز في الميزانية.
إذن قد يُشكل النظام الكويتي الموائم للنظام البرلماني والحكم الأمريكي، فرصةً لحصول تغيير يوضح حجم الهوة بين الحكام والشعب الخليجي. في حين يُنتظر رؤية معالم المرحلة المقبلة، والتي يبدو أنها ستكون ساخنة داخلياً. لنقول إن رياح الحراك السياسي والتي ضربت الحكم الأميري في الكويت، ما تزال عاصفة، فهل تمتد لباقي الدول الخليجية؟