الوقت - تشير التقارير الواردة من العاصمة السورية دمشق الى أن وقف إطلاق النار بين القوات السورية والجماعات المسلحة الذي تم الإتفاق عليه بموجب خطة روسية - أمريكية أقرها مجلس الأمن الدولي ودخل حيز التنفيذ قبل يومين يسير على ما يرام رغم الخروقات البسيطة التي حصلت من قبل بعض الأطراف.
وهذه هي المرّة الأولى التي يتم فيها تطبيق هدنة لوقف القتال في سوريا منذ إندلاع الأزمة في هذا البلد قبل نحو خمس سنوات. وقد رحبت الأمم المتحدة على لسان مبعوثها الخاص الى سوريا "إستيفان دي میستورا" بهذا الإنجاز، فيما لاحت بوادر لحل هذه الأزمة عبر الطرق الدبلوماسية التي تسعى روسيا وإيران لتفعيلها بعد أن حققت القوات السورية إنتصارات هامّة على الجماعات الإرهابية لاسيما في شمال غرب البلاد، وتحديداً في محافظة حلب.
وأعربت الكثير من الدول والمنظمات الدولية عن أملها في أن يهيء وقف إطلاق النار الأرضية لإستئناف المفاوضات لتسوية الأزمة السورية، مؤكدة على أهمية إستثمار هذه الفرصة لإيصال المساعدات الإنسانية الى المناطق التي تضررت من النزاع المسلح في هذا البلد طيلة السنوات الخمس الماضية.
وفي وقت سابق أعلن المبعوث الدولي الى سوريا ان المفاوضات الدبلوماسية لتسوية هذه الأزمة ستستأنف في جنيف يوم السابع من مارس /آذار القادم شريطة أن تستمر الهدنة بين القوات السورية والمعارضة المسلحة.
في هذه الأثناء ذكرت مصادر ميدانية أن خروقات بسيطة قد حصلت خلال اليومين الماضيين في بعض المناطق لاسيما المحاذية للحدود التركية، فيما أشارت مصادر أخرى الى أن حوالي 100 مسلح دخلوا الأراضي السورية عن طريق تركيا وسيطروا على الأحياء الشمالية من بلدة "تل أبيض" شمال محافظة الرقة، وذلك بدعم من المدفعية التركية.
وتعتقد أنقرة ان وقف إطلاق النار في سوريا لايخدم مصالحها لأنه يتعارض مع مشروعها الرامي الى إسقاط حكم الرئيس "بشار الأسد" من خلال دعم الجماعات المسلحة، في حين يرى الكثير من المراقبين بأن الهدنة في سوريا وتوقف تدفق النازحين من هذا البلد من شأنه أن يخفف الضغط على تركيا والعديد من الدول الأوروبية التي يقصدها هؤلاء النازحون.
وكانت روسيا قد هددت تركيا في وقت سابق أنها ستقوم بإغلاق حدودها مع سوريا بالتنسيق مع القوات الكردية في هذا البلد في حال لم تمتنع أنقرة عن التدخل في الشأن السوري وواصلت دعمها للمعارضة المسلحة هناك.
في غضون ذلك أعلن الفريق "سيرغي كورالينكو" رئيس المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع في سوريا أن وقف إطلاق النار في هذا البلد لا يزال صامداً بشكل عام، لكنه تم رصد 9 حالات لخرقه خلال 24 ساعة، مؤكداً أن القوات السورية لم ترد على قصف دمشق من جوبر والغوطة الشرقية، الذي حصل السبت، وذلك إستجابة لطلب من مركز المصالحة الروسي.
وتجدر الإشارة الى أن وقف إطلاق النار في سوريا الذي إتفقت علية روسيا وأمريكا يتيح المجال لضرب أي طرف يخل بهذا الإتفاق، ما يعني أن موسكو وواشنطن باتتا مقتنعتين بضرورة الحفاظ على الهدنة لتهيئة الأرضية لإستئناف مفاوضات التسوية السورية.
ولا تسرى الهدنة على تنظيم "داعش" وجبهة النصرة" في وقت أكدت فيه الحكومة السورية وموسكو إنهما لن توقفا القتال ضد هذين التنظيمين.
و اشار وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" من جانبه الى أن هناك فرصة جيدة لتثبيت التحول الإيجابي الذي تم إحرازه في التسوية السورية، وحدد 3 إتجاهات أساسية لتحسين الوضع الإنساني في سوريا، وتثبيت شروط التهدئة، وإطلاق عملية سياسية شاملة.
وشدد الوزير الروسي على أن نجاح الإتفاق مرهون بعوامل عدة منها قدرة اللاعبين الخارجيين على تقديم مصالح الشعب السوري على المصالح الجيوسياسية، وممارسة الضغوط من قبل المجتمع الدولي على الأطراف السورية المعتمِدة على الدعم الخارجي لدفعها نحو تطبيق شروط وقف إطلاق النار.
هذا ومن المقرر أن تلتقي الدول التي تدعم عملية السلام في سوريا يوم السبت القادم في جنيف لتقييم وضع وقف العمليات القتالية في هذا البلد.