الوقت- في ختام قمة دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي التي عقدت الثلاثاء في الدوحة تم الاعلان عن تشكيل "قوة بحرية خليجية مشتركة"، بالاضافة الى تشكيل قوات شرطة مشتركة ، وستسمى القوة البحرية المشتركة "قوة الواجب البحري الموحدة 81 " ولم يشر البيان الختامي للقمة الى مقر هذه القوة لكن من المتوقع أن تدار من البحرين ، فما هي الاهداف من وراء تشكيل هذه القوات البحرية وقوات الشرطة المشتركة ؟
يعتبر مستشار وزير الدفاع الكويتي اللواء حمد يوسف الملا ان هذه القوة البحرية سيتم إنشاؤها بما يتماشى مع تكوين قوة "درع الجزيرة" ولكن باتجاه بحري، موضحا ان العمليات البرية والبحرية أو الجوية الخليجية ستكون باتجاه الحفاظ على أمن واستقرار منطقة الخليج الفارسي , لكن الملا لم يحدد الاخطار التي تواجهها الدول العربية في الخليج الفارسي ولم يذكر ما هي الجهات التي تقف خلف هذه الأخطار وكيف تريد الدول العربية التعامل مع هذه الاخطار ؟
ويشير البيان الختامي لقمة الدوحة الى القيادة العسكرية الموحدة والشرطة الخليجية، ويعبر عن تقديره للإنجازات والخطوات التي تحققت لبناء القيادة العسكرية الموحدة ووجه بتكثيف الجهود وتسريعها لتحقيق التكامل الدفاعي المنشود بين دول المجلس في مختلف المجالات ، لكن البيان لم يذكر نماذج لهذه الانجازات المزعومة كما لم يذكر المجالات المختلفة التي تسعى الدول العربية في الخليج الفارسي لتحقيق التكامل الدفاعي فيها .
ويقول وزير الخارجية القطري فيما يتعلق بالقوة الخليجية المشتركة التي مازالت المشاورات جارية بشأنها وما إذا كانت بداية لحلف استراتيجي على غرار حلف شمال الاطلسي (ناتو)، "هذا ما نتمناه في مجلس التعاون الخليجي، وهو ما نعمل من أجله.. لدينا خطوات كثيرة ومتقدمة في هذا المجال وإن شاء الله تكتمل وتكون لدينا قوة على غرار حلف الناتو" ، لكن العطية لم يشر الى الخطر الرئيسي الذي تريد الدول العربية في الخليج الفارسي مواجهته عبر تشكيل هذا الحلف العسكري الذي سيشبه حلف الناتو حسب العطية .
وتقول الدول العربية في الخليج الفارسي ان القوات البحرية المشتركة التي تريد تشكيلها هي بمواجهة تصاعد المخاطر البحرية وان لها دورا فعالا في استكمال منظومة الدفاع المشترك والمساهمة في تقديم الدعم والمساندة المطلوبة للحفاظ على الأمن البحري وحماية المصالح الحيوية لدول مجلس التعاون ومواجهة تصاعد المخاطر البحرية التي أخذت أبعادا وصورا أكثر خطورة وأكثر تأثيرا على المصالح الحيوية للمنطقة والعالم أجمع ، لكن السؤال المطروح هنا هو هل يمكن تسمية الجهة التي تهدد الملاحة البحرية في الخليج الفارسي والمصالح الحيوية لدول الخليج الفارسي ؟
ويمكن للمتابع لشؤون الخليج الفارسي ان يكتشف بسهولة ان دول الخليج الفارسي وهي ايران والسعودية والامارات والكويت وقطر والبحرين وعمان كلها لديها مصالح مشتركة في الحفاظ على أمن هذا الخليج وأمن بحر عمان لأن هذه الدول تصدر نفطها الى الاسواق العالمية عبر الخليج الفارسي كما لاتوجد هناك حالة حرب بين اي من الدول الـ 7 التي ذكرناها فما هو مصدر التوتر والاخطار الأمنية التي تهدد الخليج الفارسي ؟
ان حالة التوتر الوحيدة الموجودة في الخليج الفارسي وبحر عمان هي الموجودة بين السفن الحربية الأمريكية وبين ايران وان هذا التوتر قد نجم عن تدخل القوات البحرية الامريكية في الحرب التي شنها النظام العراقي السابق على ايران في الثمانينيات من القرن الماضي لصالح العراق ومنذ ذلك التاريخ تجوب السفن الحربية الامريكية وحاملات الطائرات مياه الخليج الفارسي وبحر عمان وهو ما يشكل تهديدا لأمن ايران وهذا ما يلخص حالة التوتر وعدم الاستقرار في الخليج الفارسي .
وكانت ايران تدعو دوما الى المشاركة مع الدول العربية في الخليج الفارسي في الحفاظ على أمنه وأمن بحر عمان ، وكانت تقول دوما انه من الضروري ان تقوم دول الخليج الفارسي بالحفاظ على الأمن بأنفسهم دون وجود قوات من خارج المنطقة .
ان خلق اجواء متوترة في الخليج الفارسي عبر استعداء دولة تشارك الآخرين في مصالحهم في منطقة الخليج الفارسي ومن ثم تشكيل قوات بحرية وقوات شرطة مشتركة والتحدث عن تشكيل قوات مشتركة على غرار حلف الناتو لايخدم الا أهداف الاطراف الخارجية التي جلبت اساطيلها الى هذه المنطقة وخططت للبقاء فيها طويلا تحت ذرائع مختلفة وعبر ايجاد وتأجيج الخلافات الوهمية بين دول الخليج الفارسي ومحاولة اظهار نفسها كشرطي من الواجب بقائه في المنطقة دوما .
ويقول الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي ان الخطوة التي تم الإعلان عنها من قبل دول مجلس التعاون بتشكيل قوة بحرية مشتركة للدفاع عن مياهها الإقليمية هي خطوة مهمة وايجابية وتصب في اتجاه مطالب تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك التي تضم جميع الدول العربية من أجل حماية الأمن القومي العربي ، لكن العربي لم يذكر بأن التهديدين الاساسيين اللذين يهددان أمن كافة الدول العربية بشكل خطير هما الكيان الصهيوني والتيارات الارهابية التكفيرية وان مناطق تواجدهما تقع بعيدا عن مياه الخليج الفارسي بل قريبة من مياه البحرالأبيض المتوسط فلماذا لم تتوحد مصر والدول العربية ضد هذين الخطرين الرئيسيين في منطقة البحر الابيض المتوسط ؟
واذا تم مراجعة الأعمال التي قامت بها قوات درع الجزيرة التي تم تشكيها في الماضي نجد ان هذه القوات لم تنفذ عمليات تذكر سوى عندما ارسلت وحدات منها الى البحرين اثر اندلاع الثورة البحرينية من أجل قمع الشعب البحريني وقد قامت هذه القوات بممارسة القتل والتعذيب ومنعت حدوث تغيير عبر الحراك السلمي للشعب البحريني ولذلك فان تشكيل قوات بحرية مشتركة كشق بحري لقوات درع الجزيرة لاتحمل نوايا حسنة .
ان الخليج الفارسي بحر للجميع وان الحفاظ على أمنه ومنع حدوث التوترات فيه يفيد كافة الاطراف المشتركة في هذا البحر وكان يمكن للدول العربية في الخليج الفارسي ان تستجيب لنداءات ايران حول تشكيل منظومة مشتركة للحفاظ على الأمن في هذا الخليج دون حضور وتواجد القوات الأجنبية وهذا ما يضمن وجود أمن مستدام في المنطقة وحينها تتظافر الجهود لمواجهة الأخطار الحقيقية التي تهدد المنطقة الاسلامية والعربية .