الوقت- دخلت العلاقات الايرانية السعودية المتوترة اصلا مرحلة جديدة من التصعيد بعد اعدام "آية الله الشيخ نمر باقر النمر"، وهناك من يعتقد بأن هذا التصعيد مرتبط ايضا بما تقوم به السعودية في المنطقة في ظل حكم "الملك سلمان" و طاقمه المغامرين، ونظرا الى اهمية هذا الموضوع وضرورة البحث حوله اجرى موقع الوقت التحليلي الاخباري حوارا مع السفير الايراني السابق في العراق "حسن كاظمي قمي" وفيما يلي نص هذا الحوار :
مراسل الوقت: كيف تقيمون السياسة الخارجية السعودية في عهد "الملك سلمان"؟
كاظمي قمي : لقد تغيرت السياسات السعودية الداخلية والاقليمية والدولية وخاصة سياساتهم تجاه ايران بعد موت "الملك عبدالله" بشكل جذري حيث كسر السعوديون الخطوط الحمراء المرسومة بين البلدين وبعدها شن السعوديون عدوانا على الشعب اليمني كما نشط السعوديون بشكل واسع في دعم الارهاب وبات هناك حلف بين الاخوانية والوهابية وحكام السعودية واصبحت السعودية تقترب من الكيان الاسرائيلي بشكل اسرع وهذا تسبب بفوضى في المنطقة حيث افتتح الاسرائيليون مكتبا تجاريا لهم في الامارات وجمعية لحماية اليهود في الأربيل.
ان السعودية دخلت المواجهة مع محور المقاومة رغم ان المخطط لهذه المعركة هي امريكا و ان السعوديين هم جنود مشاة انضم اليهم الاتراك والقطريون والاردنيون ايضا ولذلك لايتم ادانة الجرائم السعودية في اليمن امام المحافل الدولية كما رأينا قيام الامريكيين بعقد صفقة سلاح مع السعودية بقيمة 1.3 مليار دولار مؤخرا.
ان سياسات السعودية وحماتها تسببت بانشغال كل دول المنطقة بخطر الارهاب وتم التغافل عن الكيان الاسرائيلي والان نرى ان المنطقة تذهب نحو التقسيم و نجد ان داعش يأخذ قسما كبيرا من العراق ويطرح موضوع الخلافة ومن جهة اخرى يعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ان العراق سيقسم وان تل ابيب ستدعم استقلال كردستان، وهذا كله يدل على مخطط تقسيم المنطقة.
مراسل الوقت: ما هي الدول الرئيسية التي تحدث الفوضى في المنطقة؟
كاظمي قمي : ان هذه الفوضى ستشغل ايران لسنوات بموضوع صد الارهاب الذي سينتشر في كل مكان فداعش يمتد الان في ليبيا وفي باكستان وافغانستان ومن جهة اخرى يبرر الامريكيون تواجدهم في المنطقة بوجود وانتشار داعش والان قد تحولت ايران الى دولة رائدة في مواجهة الارهاب كما ان روسيا ايضا دخلت على هذا الخط، ان مثلث الكيان الاسرائيلي وامريكا والدول الرجعية بالمنطقة اوجد داعش ومن ثم شكل الحلف الدولي لضرب داعش وهو غطاء لتنفيذ مآربه ومن المؤكد ان هؤلاء سيستخدمون داعش في مناطق اخرى ومن الممكن ان تنضم اليهم تركيا ايضا لكن تركيا ستتضرر بشكل كبير وستتلقى ردا عنيفا من داعش.
ان امريكا تنتفع اليوم من الفوضى الموجودة في المنطقة وهذا يدخل في اطار المخطط الذي رسموه في عام 2003 بهدف الحفاظ على امن الكيان الاسرائيلي، ان ذلك المخطط كان يرمي الى احتلال دول المنطقة لكنه استبدل الان باحداث الفوضى في المنطقة واشعال الحرب بين جيوش المنطقة من جهة والارهابيين من جهة اخرى كما ان السعودية ايضا تعمل الان للاضرار بمصالح شعوب المنطقة ومصلحة ايران وذلك ضمن مخطط استكباري امريكي صهيوني وهدفهم هو ابعاد ايران التي تحارب الارهاب في المنطقة عن اهدافها الرئيسية و إلهائها بقضايا اخرى مثل الافعال التي تقوم بها السعودية واشعال حرب بالوكالة بين محور المقاومة والمحور السعودي الامريكي تؤدي الى احداث فتنة شيعية سنية ويمكن لنا ان نضع اعدام الشيخ النمر في هذا السياق ايضا وهذا كله يدل ان هناك مخطط خطير جدا تم وضعه.
وفي الفترة الاخيرة ايضا شهدنا اعتقال ايران للبحارة الامريكيين في الخليج الفارسي بكل حزم وانني اعتقد ان هذا الحزم وجه رسالة الى السعودية بأن ايران حازمة في اجراءاتها وقراراتها لكن رغم ذلك يجب ان لا نغفل عن الدور السعودي لأن امريكا تريد ان تضع السعودية في مواجهة ايران، ان الخلاف الأهم بين ايران والسعودية هو خلاف تاريخي ديني وان الشيعة كانت علاقاتهم متوترة مع السنة خلال فترات تاريخية والآن جاء الوهابيون وانني اعتقد ان مصدر هذا التوتر هو هذه الخلافات العقائدية.
مراسل الوقت : صحيح ان الفكر الوهابي يعيد التوتر بين السنة والشيعة ولكن من اوجد الوهابية؟ ألم يكن للاستعمار دور في هذا الأمر؟
كاظمي قمي : عندما ندقق في الأمر نجد ان البريطانيين يقفون خلف ذلك كله وهل يقف خلف الحكام المستبدين الا القوى الكبرى؟ ألم يكن الامريكيون والبريطانيون هم من اوجدوا السعوديين والوهابيين؟ كيف يقف كل اعضاء جبهة الكفر امام الجمهورية الاسلامية الايرانية؟ ان ظهور داعش والجماعات الارهابية الاخرى يأتي في هذا الاطار لأننا لم نرى اية عملية لداعش ضد الكيان الاسرائيلي.
مراسل الوقت : هل تعتقد ان السعودية ستدخل في حرب تقليدية مع ايران أم لا؟
كاظمي قمي: اعتقد ان السعوديين لايستطيعون الدخول في حرب عسكرية مع ايران لأن هذه الحرب ليست حربا جوية تقليدية بل انها حرب برية، ان السعوديين ليست لهم حدود برية معنا لكنهم لايملكون جيشا بريا ومن جهة اخرى ان السعودية غارقة في ازمات داخلية وفي اليمن وفي البحرين وهي ليست قادرة على القتال في كل هذه الجبهات لكن هناك احتمال ان يقوم الفريق السعودي الحاكم والذي يفتقد للخبرة وهو عميل وخبيث باطلاق صواريخ باتجاهنا لكي يجروا ايران الى مواجهة مع السعودية وهذا يفيد الامريكيين، ان الامريكيين لايحتاجون الى نفط هذه المنطقة لكن أمن الصين التي تعتبر دولة منافسة لهم سيتضرر بالتأكيد.
مراسل الوقت : ما هي سبل مواجهة هذه الخطط والمؤامرات؟
كاظمي قمي: على ايران ان ترد بحكمة ومنطق وعقلانية على هذه الفتنة، علينا ان نعلم ان العدو يريد جرنا لمواجهة مع السعودية ومن ثم صب الزيت على النار لكي تغفل ايران عن القضايا الأخرى، فيجب عدم قطع الحبل الدبلوماسي كما يجب ممارسة العمل الدبلوماسي السري ايضا.
مراسل الوقت- كيف ستكون الاستراتيجية الامريكية في مرحلة ما بعد تنفيذ الاتفاق النووي؟
كاظمي قمي : 1- ان امريكا ستسعى اولا الى خفض القدرات الدفاعية والردعية الايرانية كما شهدنا في قضية الاختبار الصاروخي الايراني الاخير والذي فرض الامريكيون عقوبات على ايران بسببه.
2- سيسعى الامريكيون الى حفظ شاكلة العقوبات المفروضة على ايران والاضرار بالاقتصاد الايراني و ان خفض اسعار النفط يأتي في هذا الاطار.
3- سيحاول الامريكيون الحد من قدرات ونفوذ ايران في المنطقة وربما سيجرون ايران الى حرب استنزاف تضعف قدراتها.
4- سيعمد الامريكيون الى التدخل في الشأن الداخلي الايراني والتغلغل والنفوذ في داخل ايران بذرائع مختلفة مثل دعم الديمقراطية وما شابه ذلك.