الوقت ـ بالرغم من جمیع الإدعات التی سوقتها الولایات المتحدة الأمریکیة طیلة العقود الماضیة خاصة العقد المنصرم من أن الهدف الرئیسی لسیاستها فی العالم خاصة الشرق الاوسط، اشاعة الحریة و الدیمقراطیة بین الشعوب، لکن التقاریر الواردة فی هذا السیاق، تشیر الی أن ما حصدته الولایات المتحدة من هذه السیاسة لم یکن سوی مزیدا من الکراهیة والحقد من قبل مختلف شعوب العالم لأن هذه السیاسة کانت علی عکس ما روجت لها واشنطن و لم یکن هدفها إلاّ فرض المزید من الهیمنة و نهب ثروات الشعوب و ممارسة أبشع الانتهاکات فی مجال حقوق الانسان.
معظم شعوب دول المنطقة بدءاً من فلسطین و العراق و الیمن وصولا الی باکستان و مصر و لبنان و إیران تزایدت فیها نسبة الکراهیة تجاه سیاسات واشنطن بسبب ازدواجیتها وکیلها بمعایر مختلفة فی تعاملاتها فی ما یخص قضایا مختلفة وفق ما نشرته جریدة «وول ستریت جورنال» الأمریکیة فی الآونة الأخیرة.
من أبرز مصادیق النفاق السیاسی الذی عرفته شعوب المنطقة فی ما یخص السیاسة الأمریکیة، تعامل واشنطن تجاه القضیة الفلسطینیة و الاحتلال الصهیونی لأراضی الشعب الفلسطینی طیلة اکثر من 6 عقود. حیث أصبحت الازدواجیة الأمریکة حول هذه القضیة واضحة وضوح الشمس بالنسبة للشعوب العربیة و الاسلامیة و الأمثلة علی ذلک کثیرة للغایة.
وفقا لهذه السیاسة أصبح الإرهاب الاسرائیلی تجاه الشعب الفلسطینی الأعزل دفاعا عن النفس و مقاومتة إرهابا یجب معاقبته و محاسبة من یقف ورائه، و استخدام الکیان الصهیونی الاسلحة المحرمة دولیا کالفسفور الابیض کما حصل فی حرب غزه عام 2008/2009 وشوه أجسام العدید من الاطفال و النساء، فهذا دفاعا عن النفس وفقا لسیاسات واشنطن!!، اما التصدی لهذه السیاسة الإجرامیة من قبل المقاومة الفلسطینیة حتی إذا کان ذلک من خلال صواریخ یدویة الصنع فهذا هو الإرهاب بعینه.
إذا هذه السیاسة هی التی جعلت شعوب العالم و المنطقة تشمئز من الولایات المتحدة الامریکیة و لا تکنُّ لها سوی المزید من الکراهیة المتزایدة یوما بعد یوم. ومهما حاولت واشنطن تلمیع وجهها القبیح و غسل أیدیها المتلطخة بدماء الملاین من أطفال العراق و افغانستان و فلسطین فأن ذاکرة شعوب هذه الدول لم تنس الجرائم التی اقترفتها الولایات المتحدة بحقها و ستظل هذه الجرائم محفورة فی أعماق التاریخ.
انتهاکات حقوق الانسان فی سجن ابوغریب من قبل الجنود الأمریکیین التی یندی لها جبین الانسان ارتکبت بأسم دعم الحریة و تخلیص الشعب العراقی من الدکتاتوریة، مجازر القتل التی تنفذها الطائرات بدون طیار الأمریکیة فی کل من الیمن و أفغانستان و باکستان،تأتی جمیعها تحت شعار محاربة طالبان و تنمیة الدیمقراطیة والحریة فی هذه البلاد!، ولم تکن نتیجة هذه المجازر إلاّ اراقة مزیدا من دماء الابریاء و مازال الارهاب فی معظم هذه الدول یسرح و یمرح بفضل التواجد الأمریکی فیها.
قضیة البرنامج النووی السلمی الإیرانی هی إحدی القضایا الأخری التی یمکن التطرق الیها بإعتبارها أحد أبرز السیاسات المزدوجة الأمریکیة بالنسبة لشعوب الشرق الاوسط. حیث تعتبر واشنطن البرنامج النووی الإیرانی وبالرغم من الشفافیة الکاملة التی تهیمن علیه، بأنه ینتهک القانون الدولی، بینما تغمض واشنطن عینیها حیال الترسانة النوویة العسکریة التی یمتلکها الکیان الإسرائیلی و التی أصبحت لیس تهدیدا لأمن و استقرار المنطقة فحسب بل صارت تهدیدا لأمن العالم بأسره أمام مرآی و مسمع الجمیع.
فالولایات المتحدة الأمریکیة أتت لتدخل فی العالم خاصة دول الشرق الاوسط من باب إدعاء أنها ترید بث بذور الدیمقراطیة ودعم فضاء الحریة و إنماء الحریات العامة، لکن ما نتج عن هذه الإدعاءات هو إنتهاک حقوق الانسان بأبشع صورة ممکنة و إنماء الارهاب و الفوضی الخلاقة و اراقة الدماء، لذا لم تحصد واشنطن من سیاساتها هذه سوی مزیدا من الکراهیة والعداء من قبل شعوب العالم بالاخص شعوب المنطقة.