الوقت- تعرضت قضية الإدمان بين المواطنين العاديين وكذلك جنود الكيان الصهيوني لانتقادات عديدة في وسائل الإعلام العبرية، ومؤخرا كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الصادرة في تل أبيب في تقرير لها أن عددا من جنود الجيش الإسرائيلي في قاعدة عسكرية قرب منطقة حرب غزة نقلوا إلى المستشفى بعد تناول بسكويت يشتبه في احتوائه على الحشيش.
وذكر التقرير أن الجنود الإسرائيليين تناولوا طعاما مخصصا لأفراد الجيش ثم أصيبوا بالتسمم، وأضاف التقرير إن الجنود غادروا المستشفى بعد عدة ساعات من تعافيهم، مشيرة إلى أن الشرطة العسكرية بدأت تحقيقا في الحادث، وفي الوقت نفسه، يُقال في استمرار هذا التقرير إن العثور على الحشيش في البسكويت يشير إلى احتمال زيادة مدمني الحشيش والمخدرات بين جنود الجيش.
الجنود المدمنون
هذه ليست المرة الأولى التي تصبح فيها قضية تعاطي المخدرات بين الجنود الإسرائيليين مثيرة للجدل، وحتى قبل سنوات قليلة من حرب غزة، في عام 2019، قرر أفيف كوخافي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك، تشكيل لجنة خاصة لمكافحة الزيادة في تعاطي المخدرات بين الجنود الإسرائيليين، وفي ذلك الوقت، أكدت بعض التقارير أن أكثر من نصف الجنود الإسرائيليين يدخنون الحشيش.
وذكرت قناة I24، وهي إحدى القنوات الإخبارية الإسرائيلية الشهيرة، حينها أن كوخافي أمر بتشكيل لجنة خاصة بهذا الشأن بعد ارتفاع عدد الحالات المتعلقة بزيادة تعاطي الجنود الإسرائيليين للمخدرات أثناء وجودهم في السجون.
وأفادت التقارير بأن عدد الجنود الإسرائيليين المدمنين على المخدرات آخذ في التزايد على الرغم من التدابير الصارمة للقضاء على هذه العادة بين الجنود، لكن بعد مرور 5 سنوات على تشكيل هذه اللجنة، لا تزال قضية الإدمان تعتبر أزمة في الجيش الصهيوني، والتي انتشرت حتى في منتصف حرب غزة.
الإدمان على أي مواد؟
بناءً على نتائج الأبحاث التي أجريت في التسعينيات بين الجيش الإسرائيلي، تم الحصول على نتائج مهمة حول العلاقة بين الجيش الإسرائيلي والمخدرات في ذلك الوقت، وكان لدى ما بين سبعين إلى خمسة وثمانين بالمئة من الجنود الصهاينة موقف سلبي تجاه تعاطي المخدرات ومتعاطيها، لكن هذا لا يعني عدم تعاطي المخدرات بين الصهاينة العسكريين، على الرغم من أن عدد الإدمان العسكري في التسعينيات كان أقل بكثير من المعدل اليوم.
في التسعينيات، كانت المخدرات الرئيسية المستخدمة بين الجنود الصهاينة هي الحشيش والماريجوانا والمسكنات، ونادرًا ما يتم الإبلاغ عن تعاطي الأفيون والهيروين والكوكايين، كما أن استهلاك التدخين والكحول مرتفع جدًا، حيث أبلغ 44.6% و69.0% من جنود الجيش عن استهلاك الكحول والتدخين، على التوالي.
ووفقا لهذا التقرير، فإن تعاطي المخدرات بين الجنود الصهاينة يرتبط بشكل كبير بعدد الأشخاص في كل أسرة، وقلة الرضا عن الخدمة العسكرية والموقف الإيجابي تجاه تعاطي المخدرات، لكن في الوقت الحالي تغير نمط تعاطي المخدرات وارتفع عدد مدمني المخدرات في الجيش الإسرائيلي من أقل من 10% إلى أكثر من 50% بين الجنود الصهاينة.
الأمراض العقلية ونمو تعاطي المخدرات بعد حرب غزة
تشير تقارير جديدة إلى أنه بسبب نمو الاضطرابات النفسية وأزمة الإدمان بين الصهاينة بعد عملية اقتحام الأقصى في الـ 7 من أكتوبر 2023، زاد تعاطي المخدرات بين عامة الناس في "إسرائيل" بشكل رهيب، وقال "شاول لوران" المتخصص في الأمراض العقلية في مدينة نتانيا لوكالة فرانس برس في مقابلة إنه بعد حرب غزة، "شهدنا زيادة كبيرة في استخدام المهدئات، إن المخدرات الموصوفة، والمخدرات غير المشروعة أو المشروبات الكحولية، والسلوكيات الإدمانية مثل المقامرة بين الإسرائيليين هي استجابات طبيعية للتغلب على الضغوط النفسية للحرب".
وأضاف في حديث لفرانس برس: "أجرى فريق مركز الإدمان والصحة النفسية دراسة على نحو 1000 شخص من مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي، تظهر أن تعاطي المخدرات بينهم ارتفع بنسبة 25% تقريبا بعد حرب غزة، وفي الواقع، زاد واحد من كل إسرائيلي من تعاطي المخدرات منذ بداية حرب غزة".
وأكد هذا المتخصص في الأمراض النفسية أنه بعد الحرب على غزة، زاد استهلاك الأدوية المنومة والمهدئة بنسبة 180% و70% على التوالي في نوفمبر وديسمبر من العام الماضي، والعديد من المرضى هم الذين ذهب أطفالهم إلى غزة للعلاج، ويقولون إنهم لا يستطيعون النوم بسبب القلق.
"يوني" هو اسم شاب صهيوني تم استدعاؤه للخدمة في الجيش، تأخر دخوله الجيش بسبب إدمانه الشديد للمخدرات، يقول هذا الشاب البالغ من العمر 19 عاماً، إنه بدأ بتعاطي المخدرات منذ ظهور فيروس كورونا، لكن بعد بدء حرب غزة ساءت حالته الصحية، وأضاف: "إن تعاطي المخدرات هو في الواقع وسيلة للهروب من الواقع، وفي الأشهر الأولى من الحرب، بدأت باستخدام أدوية النشوة مثل الإكستاسي، MDM، LSD، وتزايد هذا الاستهلاك تدريجيًا، "الآن أعلم أنني مدمن وأحتاج إلى الذهاب إلى مركز إعادة التأهيل".
وقال ياشير ماتان وهو عنصر آخر في جيش الاحتلال الإسرائيلي لوكالة فرانس برس في غزة، إنه من خلال تعاطي المخدرات أحاول أن أنسى كل شيء، لأننا نعلم أن الحرب لا فائدة منها، ولكن علينا المشاركة فيها، وقال الدكتور لوران أيضًا أنه وفقًا للبحث، فمن الواضح أننا على حافة وباء كارثي لتعاطي المخدرات وأن تصاعد إدمان المخدرات سيغطي جزءًا كبيرًا من المجتمع الإسرائيلي.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت صحيفة هآرتس الناطقة بالعبرية مؤخرًا، نقلاً عن بحث أجراه علماء النفس في الجامعات الإسرائيلية، أن ما لا يقل عن 40% من الإسرائيليين سيعانون من أمراض عقلية وروحية مثل الاكتئاب بعد الـ7 من أكتوبر 2023.
كما تتحدث وسائل الإعلام العبرية مرارا وتكرارا عن الزيادة الهائلة في المشاكل النفسية بين الجنود الصهاينة المشاركين في حرب غزة، وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد أعلنت مؤخرا أن انتشار الأمراض العقلية بين جنود الكيان الصهيوني دفع السلطات الطبية في الجيش إلى إنشاء قسم خاص للتأهيل العقلي للقوات العسكرية ودعوة العديد من الأطباء النفسيين للتعاون، وتضيف هذه الصحيفة الصهيونية: إن أحد أسباب هذا القرار هو الزيادة الحادة في الرغبة في الانتحار بين الجنود الإسرائيليين.
ارتفاع مستوى التدخين
وفي تقرير عن تزايد التدخين في "إسرائيل" منذ حرب غزة، ذكرت صحيفة تاميز إسرائيل أنه نظراً لقلق الإسرائيليين المستمر بشأن القتال في غزة، فليس من المستغرب أن يبدو أن المزيد والمزيد من الناس قد تحولوا إلى التدخين، لأن الحياة في "إسرائيل" أصبحت أكثر إرهاقا من أي وقت مضى.
ووفقا لخبراء الصحة العامة الإسرائيليين، عندما ترتفع مستويات التوتر، يزداد عدد الأشخاص الذين يكتسبون العادة غير الصحية والإدمانية المتمثلة في إشعال السجائر، كما قال "البروفيسور حجاي ليفين"، رئيس الجمعية الإسرائيلية لأطباء الصحة العامة، "إننا في وقت مليء بالتحديات، التدخين ليس صديقنا، ولسنا بحاجة إليه، لكنني أفهم تمامًا أن إدمان التدخين حاليًا في إسرائيل تأثر بظروف الحرب".