الوقت- على الرغم من التقارير الإعلامية التي تتحدث عن استمرار الحرب في غزة، فقد نُشرت في الوقت نفسه تقارير عديدة عن انسحاب القوات العسكرية الصهيونية من غزة، ومن بين أمور أخرى، أعلنت "إذاعة الجيش الإسرائيلي" مؤخرًا أن قوات جيش هذا الكيان تخطط لتسريح 5 ألوية مقاتلة، كما أعلن موقع "والا" العبري أنه وفقا للتطورات الميدانية في غزة، من المتوقع أن يتم تسريح القوات الإضافية التي تم استدعاؤها للخدمة خلال الأسبوع المقبل.
بداية التراجع
وفي الأسبوع الماضي، أفادت مصادر إخبارية إسرائيلية وفلسطينية بأن الجيش الصهيوني سحب جزءًا آخر من قواته من غزة بعد فشله في التقدم ضد هجمات المقاومة الفلسطينية، كما أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأن الفرقة 36 للجيش الإسرائيلي تنسحب من غزة، وتضم هذه الفرقة الفرقتين السادسة والسابعة والفرقة 188 ووحدة الهندسة وقوات لواء جولاني، وتزعم مصادر صهيونية أن الفرقة 36 غادرت غزة لاستعادة قدراتها وتدريبها وزيادة قوتها، ولم يعرف بعد إلى أي منطقة ستنتقل، ومع انسحاب الفرقة 36، لم يبق في قطاع غزة سوى ثلاث فرق من الجيش الإسرائيلي: الفرقة 162 التي ستهاجم شمال غزة، والفرقة 99 التي تحتل الممر الذي يقسم غزة إلى قسمين شمال وجنوب، والفرقة 99 التي تشغل الممر الذي يقسم غزة إلى قسمين شمال وجنوب، والفرقة 98 المسؤولة عن الهجوم على مدينة خان يونس.
لماذا التراجع؟
الأخبار الواردة من غزة هي أن القوات المسلحة للكيان الصهيوني لم تتمكن من تحقيق أهدافها المرجوة بعد ثلاثة أشهر ونصف من الحرب على غزة، حيث أعلن الصهاينة في بداية الحرب عن هدفين، أحدهما تدمير حماس وإطلاق سراح جميع أسراهم من الأسر في غزة، لكن لم يتحقق أي من هذه الأهداف حتى الآن.
وتواصل المقاومة الفلسطينية إطلاق الصواريخ على المناطق والمستوطنات المحتلة، ولا يزال أكثر من 130 أسيراً صهيونياً في أيدي القوات الفلسطينية، ولم تتمكن الأجهزة الاستخباراتية والأمنية الصهيونية حتى من اكتشاف أماكن أسراها، وبهذا المعنى فإن يد تل أبيب مغلقة تماما عن إطلاق سراح أسراها في غزة، ولذلك فإن الفشل في تحقيق الأهداف هو أحد الأسباب الواضحة لانسحاب قوات الاحتلال من غزة.
الضغوط الداخلية والخارجية
في المقابل، لا يمكن إغفال أن هناك ضغوطا كبيرة على نتنياهو بهدف وقف الحرب في غزة، وخلال الأسبوع الماضي، نظم آلاف المواطنين الصهاينة مظاهرات عديدة وكبيرة في ميدان كابلان بتل أبيب وفي مدينة القدس أيضًا، مطالبين بإنهاء الحرب في غزة ومفاوضات نتنياهو مع حماس لإطلاق سراح السجناء.
وفي الفضاء الدولي أيضاً، هناك ضغوط كبيرة على نتنياهو بسبب ارتفاع الخسائر البشرية في حرب غزة إلى أكثر من 25 ألف شهيد و7000 مفقود، وحتى الداعمون الغربيون والأوروبيون لنتنياهو يعتقدون أن دعم نتنياهو لاستمرار الحرب في غزة سيكلفهم غالياً، ولذلك ارتفعت الأصوات ضد استمرار حرب غزة في أوروبا وحتى في أمريكا، وتقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية ل"إسرائيل" بقيمة 3.8 مليارات دولار كل عام، مثل قنابل كاسحة الألغام وطائرات مقاتلة، لكن أعضاء مجلس الشيوخ مثل بيرني ساندرز أعلنوا في الكونجرس أن الحرب التي بدأتها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية تسببت حتى الآن في تفاقم الوضع، وأكبر دمار في القرن الـ 21، والدمار الذي حدث في غزة بعد 100 يوم يفوق الدمار الذي شهدناه في مدينة دريسدن (الألمانية) خلال الحرب العالمية الثانية، كما دعا رئيسا إسبانيا وفرنسا في أوروبا إلى استبدال الحرب في غزة بالمفاوضات، كما خرجت مظاهرات ضخمة في ألمانيا وإنجلترا للمطالبة بوقف الحرب في غزة، وبناء على ذلك، فإن معارضة نتنياهو لإيقاف مواصلة الحرب في غزة وصلت الآن إلى المستوى السياسي للنظام الدولي، وتزايدت الضغوط الخارجية على نتنياهو لوقف الحرب في غزة.
نتنياهو يغير تكتيكاته في غزة
حسب ما قيل، فإن مشكلتي عدم تحقيق الأهداف في غزة، إلى جانب الضغوط الداخلية والخارجية، جعلت نتنياهو يفكر في سحب جزء من قواته من غزة، كما قال عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، عن طبيعة هذه الانسحابات، إن "إسرائيل" لن تخرج أبدًا من الحرب في غزة بوجه منتصر، حتى لو تمكنت من اغتيال يحيى السنوار، لأن الفلسطينيين لن يستسلموا.
ولذلك، فمن خلال سحب جزء من قوات الجيش من غزة، يبدو أن نتنياهو يحاول تغيير تكتيكاته في الحرب من العمليات المكثفة والقصف الأعمى واسع النطاق إلى العمليات المستهدفة بهجمات نقطية، ولذلك فمن المتوقع أن نشهد في المرحلة الثانية من العمليات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي في غزة عمليات مفاجئة في غزة، وبالطبع من المحتمل أن يرى الصهاينة في استهداف قيادات المقاومة وسيلة لتحقيق أهدافهم، رغم أن قوى المقاومة أظهرت أن اغتيال القادة والقادة الميدانيين يحل محل قوات جديدة، ومن غير المرجح أن تكون العمليات الإسرائيلية الموجهة ضد قادة المقاومة مثمرة لتل أبيب.