الوقت- تناولت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم الإثنين، أنفاق قطاع غزة في مقال بحثي بعنوان "الأنفاق تحت غزة خلقت من أجل البقاء"، وزودت قراءها بمعلومات متنوعة في هذا الشأن.
وحسب هذا الإعلام العبري، فإن أول الأنفاق تم حفرها في قطاع غزة عام 1967، ويوما بعد يوم تزايدت قدرات العاملين في حفر الأنفاق، وتتزايد جهود الجيش الإسرائيلي لتدميرها والحياة الجديدة التي تشكلت تحت الأرض على مدى السنوات الماضية فشلت جميعها.
وجاء في بداية هذا المقال أن جميع المسؤولين على مختلف المستويات والوحدات في الجيش الإسرائيلي قد وجدوا اليوم رأياً مشتركاً مفاده بأن شبكة الأنفاق التي تم حفرها في قطاع غزة كانت أكبر بكثير ولها فروع أكثر مما تصورته "إسرائيل".
وتضيف هآرتس في هذا الصدد، بالإضافة إلى ذلك، هناك تصور لدى القادة العسكريين في الجيش بأنه لن يكون من الممكن تدمير جميع الأنفاق، وليس فقط أننا لا نستطيع تدمير جميع أنفاق حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، لكننا لن نتمكن من الوصول إلى معظمها.
ويضيف كاتب المقال: بينما يقوم الجيش الإسرائيلي بتقليص قواته في قطاع غزة بعد ثلاثة أشهر من الحرب، نشأ شعور متناقض غير مسبوق بين المسؤولين والقادة، فمن ناحية، هم سعداء بالوصول وتدمير بعض الانفاق، ولكن من ناحية أخرى، فإنهم يشعرون بالاستياء وخيبة الأمل لأن المزيد من هذه الأنفاق لا تزال قائمة وربما لا تزال قيد الاستخدام، وينبغي القول هنا إن الأنفاق الموجودة تحت قطاع غزة كانت موجودة حتى قبل تشكيل حماس عام 1987 ثم سيبقون على حالهم حتى نهاية الحرب الحالية.
جزء آخر من المقال يشير إلى أنه في عام 2005 تم اكتشاف أول نفق بالقرب من ممر آيرز، فقامت الإدارة الحربية ببناء حواجز تحت الأرض وتجهيز الحاجز تحت الأرض بأجهزة استشعار للخرسانة والاهتزازات، وتم الإعلان عن بناء الجدار الحاجز في عام 2021 بوعود كثيرة تتعلق بالتوسيع الأمني، وأكد مسؤولون وقادة في المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، أنها ستحيد كل الهجمات واسعة النطاق ضد "إسرائيل"، وبالتالي، لم يعودوا يشعرون بالحاجة إلى التحرك ضد الأنفاق الموجودة داخل قطاع غزة.
وقال مصدر استخباراتي يتابع نشاط حركة حماس منذ عدة سنوات: إن بناء الجدار العازل تسبب في تلاشي الاهتمام والمتابعة للأنفاق داخل قطاع غزة بشكل كامل في دوائر الجيش الإسرائيلي، ولكن كان يجب أن تكون إزالة هذه الأنفاق من أولويات الأجهزة الاستخباراتية، ولم يكن ذلك يعني أننا نسينا هذا الموضوع تماماً، ولكن هذا الشعور نشأ في الهياكل الأمنية والعسكرية بأن هذه الأنفاق طالما لم تتجاوز الخط الحدودي فإنها ستشكل تهديدا أقل بكثير بالنسبة لنا.
لكن الجدار العازل فشل في اختبار 7 أكتوبر، وتم اختراقه على سطح الأرض، فابتلعت الأنفاق في قطاع غزة 250 أسيراً إسرائيلياً.
في البداية، كان يُعتقد أن حماس ستستخدم هذه الأنفاق لنصب كمين للجيش الإسرائيلي، لكن تدريجياً سُمع اعتراف بين هيكل الجيش الإسرائيلي بأن شبكة الأنفاق في قطاع غزة أكبر بكثير وأكثر تشعباً مما توقعنا حتى الآن، لقد كان لدينا، وعلى عكس فكرة استخدامه، فهو لا يستخدم في الأعمال الهجومية والعدوانية، بل للحفاظ على القوات.
كانت هناك أيضًا هذه الفرضية القائلة بأن مجرد احتلال السطح وعلى الأرض يمكن أن يتسبب في انهيار جميع الأنفاق، لأنه في مثل هذه الحالة، سيكون هناك نقص في الأكسجين والماء والغذاء في الأنفاق، وسيتعين على الحاضرين أن يضطروا إلى تركها والاستسلام.
لكن هذا التقييم كان خاطئا بعد الهجوم البري على قطاع غزة، وتبين أن الأنفاق كانت مجهزة بشكل جيد للغاية لإقامة طويلة الأمد، بل سمحت لسكانها بالتنقل بين مناطق مختلفة من نفس المدينة وربما حركة المرور في قطاع غزة.
ومنذ فترة طويلة، كانت وسائل الإعلام تنقل عن الجيش الإسرائيلي إعلانه أنه دمر وحدات من حماس واحدة تلو الأخرى، ولكن بعد فترة، لاحظنا أن كتائب جديدة اشتبكت مع الجيش الإسرائيلي في مناطق وأماكن أخرى، وكلما وصلتنا معلومات عن وجود سجين أو أكثر داخل نفق معين، عند وصولنا إلى تلك النقطة، لاحظنا أن هؤلاء الأشخاص قد أخلوا النفق المذكور منذ فترة طويلة.
وفي استمرار لهذا المقال الطويل، تؤكد صحيفة هآرتس أن قوات الهندسة القتالية التابعة للجيش الإسرائيلي زادت من قدراتها من خلال تجهيزها بتقنيات جديدة وقنابل خاصة للمشاركة في حرب الأنفاق.
لكن هذا لا يكفي، فقد أدرك القادة الميدانيون أن التخطيط لتدمير عدة مئات من الأمتار من الأنفاق في بعض الحالات يتطلب أياماً وحتى أسابيع، وفي الوقت نفسه، يضطر مئات الجنود الإسرائيليين إلى الوجود في النفق ودعم قوات الهندسة.
إلى جانب ذلك، تم تنفيذ خطة أتلانتس لإغراق أنفاق غزة على أمل خروج المقاتلين من الأنفاق عند دخول المياه، لكن هذا المشروع لم يسجل أي خسائر خاصة لحماس والفصائل الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، غيّر الجيش الإسرائيلي إجراءاته في هذه الحرب وأصدر أمراً بمنع دخول قوات النخبة إلى الأنفاق وأعلن أنه لا يوجد أي خطر في هذا الصدد ويجب استخدام الكاميرات أو الكلاب المدربة فقط لفحص النفق.
وفي النهاية، يؤكد الكاتب، أن على المؤسسات العسكرية أن تتوصل إلى نتيجة مفادها بأن تدمير الأنفاق كان أحد الأهداف التي بدت غير واقعية منذ البداية.
قد يتمكن الجيش الإسرائيلي من التفاعل مع الفلسطينيين كتهديد عسكري، لكنهم سيبقون تحت الأرض، ولعل هذا هو السبب الذي يجعل قائد الدفاع الجوي الإسرائيلي يقول في هذا الصدد: "إسرائيل" لديها التفوق الكامل في السماء وتستخدم دائما معظم التقنيات المتقدمة التي في حوزتها، وربما لهذا السبب جرّتنا حماس إلى تحت الأرض للحرب.