الوقت- وفقًا لمعلومات حديثة، تشير الوقائع إلى أن المقاومة الفلسطينية وفصائلها في قطاع غزة لا تزال ملتزمة بالمواجهة، وذلك في إطار استراتيجية جديدة تعتمد على ما يعتبره الجيش الإسرائيلي "المرحلة الثالثة" في سياق الحرب، والتي كان من المفترض أن تتمحور بشكل خاص حول العمليات الاستخبارية، وتركز المرحلة الحالية على توجيه ضربات جوية نحو المناطق العسكرية لفصائل المقاومة، وتحديداً نحو مواقع تنفيذ العمليات لحركتي حماس والمقاومة الفلسطينية، ومع ذلك، تشير تقارير أمريكية وغربية إلى أن هناك انتباهًا متزايدًا لعمليات قصف المناطق المدنية، وتدمير البنية التحتية والممتلكات المدنية، حيث بدأ هذا النوع من الهجمات يميز ما يعرف بالمرحلة الثالثة من قبل الجيش الإسرائيلي، وقد تسببت الهجمات التي استهدفت المناطق المدنية في إثارة استياء الإدارة الأمريكية وفريق المتابعة الأمريكي، الذي يعمل على الحصول على تفسيرات، وخاصة بعد توبيخ المسؤولين الإسرائيليين بشأن عدم اتخاذ تدابير للحد من الخسائر بين المدنيين خلال ما يعرف بالمرحلة الثالثة.
مرحلة جديدة للمقاومة في غزة
حسب المعلومات المتوافرة، دخلت فصائل المقاومة الفلسطينية، بناءً على معلوماتها الميدانية، في إطار مرحلة الثالثة من الاشتباك والتصدي، وتمت إعادة تنظيم مكونات أساسية من لواء الشمال في قطاع غزة، وتم تنسيق عمليات على مستوى العمل الميداني من خلال إنشاء غرفة عمليات مشتركة، ويأتي هذا في سياق حرب الاتصالات المحجوبة بين المقاتلين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبقية الفصائل، وتم نقل العديد من العناصر المدربة، ولا سيما من القوات الضاربة وفرق العمليات، في إطار تنظيم لإقامة خلايا ثنائية، وفقًا لتقارير تأتينا من داخل قطاع غزة، تُظهر هذه المعلومات صحة تحرك بعض القوات وتوزيعها هنا وهناك، في مواجهة للعدو الإسرائيلي وتحقيق استدامة الخسائر البشرية، مؤكدةً أن قدرات المناورة ما زالت تتوافر في أيدي فصائل المقاومة.
ومن الجدير بالذكر أن الفصائل المقاومة تواجه تحديًا وحيدًا، وهو توفير الطرق والإجراءات الملائمة للتخفيف من تأثير الهجمات على المدنيين، وخاصةً في ظل تفوق سلاح الجو الإسرائيلي، ومع ذلك، أظهرت الآليات الجديدة المعتمدة في عمل الخلايا الثنائية الميدانية - الخفيفة والرشيقة - بالأسلحة الفردية نجاحًا وفعالية متزايدة، ونتج عن هذا الوضع عشرات الخسائر، سواء بين القتلى أو الجرحى، بالإضافة إلى تضرر أكثر من 65 آلية عسكرية إسرائيلية في إطار العمل المشترك، وتحديدًا في مدينة غزة ومحيطها، وفي مناطق الشمال أيضًا، خلال فترة لا تتجاوز أسبوعًا واحدًا، ووفقًا لمصادر تابعة لقيادات في فصائل المقاومة، والتي تتعلق بتقارير ميدانية من كتائب القسام وغرف العمليات، أكدت أن إدارة المعركة لا تزال تسير بشكل ميداني حتى في شمال قطاع غزة، حيث تظل السيطرة في يد المقاومة، وخاصة بعد تعافي لواء الشمال وعودته إلى خطوط القتال.
وقام المقاومون وخبراء في قطاع العمليات بتفسير عمليات القصف التي استهدفت مقار وبنايات متبقية في منطقة بيت لاهيا، وتحديدًا على الحدود بين غزة وأرض فلسطين المحتلة، بأنها محاولة لتعويض النقص الحاصل في العمليات بسبب انسحاب العديد من قوات الجيش الإسرائيلي، وتتعامل قوات المقاومة مع الأنقاض في المدن والأحياء التي دمرها الإسرائيليون، والتي يعتبرها خالية من السكان حاليًا، إذ تُعتبر هذه المناطق مواقع تحصين فعّالة حاليًا، وتنطلق العديد من العمليات الفدائية من تحت الركام، الذي أصبح يشكل حواجز إضافية لصالح المقاومة، وتم التوصل إلى اتفاق في غرف العمليات بين حركتي الجهاد الإسلامي وحماس بشأن استخدام الركام في مناطق التماس الحدودي مع غلاف قطاع غزة، حيث يعتبرونها سواتر طبيعية، دون الحاجة إلى استخدام شبكة الأنفاق، وما زالت هذه الشبكة فعّالة بنسبة تتجاوز 90% وفقًا لأحدث التحديثات.
تقارير المقاومة تشير إلى استمرار القدرات الميدانية في محيط مدينة غزة ومخيماتها، وفي المناطق الشمالية، حيث يتم التركيز على القصف والمدفعية الإسرائيلية في مدينة خانيونس ومحيطها، وحتى الآن، لم تتجرأ قوات اللواء الرئيسي في خانيونس، الذي يُعتبر الأبرز عسكريا في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، على المشاركة في الاشتباكات، وإن قادة ورموزاً في فصائل المقاومة أكدوا أن قدرات المقاومة مستمرة حتى الآن، والتضحيات التي قدمت لا تزيد على 10% من كادرها البشري، على الرغم من دخول العدوان العسكري في شهره الرابع، وتشير التقارير إلى استمرار المناورات الميدانية لمصلحة المقاومة، على الرغم من أن مخزون السلاح، وخاصة القذيفة ياسين 105، لا يزال بفائض ولم يتأثر بسبب استمرار القدرات التصنيعية في الأنفاق المُخصصة لأغراض التصنيع، وفي إشارة إلى التحديات التي تواجه القوات المحتلة، كما أكدت تقارير إعلامية أمريكية مؤخراً أن استمرار تزويد المقاومة بالتصنيع العسكري تحت الأنفاق يشكل لغزًا يُراقبه الاحتلال بتوتر.
معادلة لمصلحة الفلسطينيين
لا شك أن المنطقة الشمالية في قطاع غزة شهدت تراجعًا في وتيرة القتال، ولكنها ما زالت تستمر حيث عادت قوات الاحتلال إلى ثلاث نقاط ارتكاز للمواجهة، ما يعزز المعادلة الإيجابية لمصلحة فصائل المقاومة، وعلى الرغم من انسحاب 3 فرق من جيش الاحتلال من المنطقة الشمالية، فإن هناك ألوية لا تزال متواجدة في هذه المنطقة، وأشار محللون إلى أن الفرقة الـ36 لم تكمل انسحابها بعد من الشمال، وما زال جزء كبير منها متواجدًا إلى الشرق من منطقة جحر الديك، وخاصة أن قوات الاحتلال المتواجدة في المنطقة الشمالية ما زالت في وضع استعداد قتالي، حيث تم إرسال كتيبة مدرعات بالتزامن مع كتيبة مشاة من لواء نحال وسرية مدفعية إلى مناطق محددة نظرًا لوجود تطورات غير عادية تتعلق بحركة المقاتلين.
وإن طريقة التعامل التي تتبعها المقاومة مع تلك القوات قد تغيرت بشكل كبير عن السابق، يتم ذلك من خلال إرسال جماعات استطلاع تعتمد على مقاربة الذئاب المنفردة أو الجماعات الصغيرة، تتعامل هذه الجماعات مع القوات المعادية فور دخولها إلى نطاق محدد، حيث تقوم بأدوار متعددة تتضمن المراقبة والاستطلاع وجلب المعلومات، وفي المرحلة التالية، يتم اعتماد آلية استدراج لتلك القوات إلى "مناطق التقتيل"، تبدأ هذه المرحلة بتفجير الحشوات والعبوات ووضع الألغام، إذا نجحت القوات المعادية في تجاوز هذه العقبات، تأتي المرحلة الثالثة، التي تتضمن المواجهة المباشرة ومعركة الصد، وتحقق هذه الاستراتيجية معادلة مربحة بالنسبة لفصائل المقاومة، حيث تواجه القوات الإسرائيلية التحدي البقاء في الغلاف وتنفيذ عمليات القصف بشكل متكرر بواسطة الطائرات العمودية والطائرات دون طيار، أو بواسطة القصف المدفعي والصاروخي، وفي هذا السيناريو، تتعرض المقاومة للضربات دون أن تكون لديها إمكانية فعّالة للرد.
وفي ظل مقاطع الفيديو الجديدة التي أظهرتها المقاومة من الشمال، يوجد تطورين رئيسيين، الأول يتعلق بطبيعة الأماكن التي يخرج منها مقاتلو المقاومة، حيث تمثلت في استخدام الأنفاق بدلاً من الخروج من بين الأنقاض أو من الأراضي الزراعية، كما كان ذلك في المقاطع السابقة، أما التطور الثاني، يتمثل في جودة تصوير المشاهد وتضمنها لتفاصيل جديدة، فقد فتحت هذه الجودة الباب أمام المشاهد لتتبع مسار المقذوفات وحركتها بشكل أفضل، كما تمثلت التحسينات أيضا في تصوير عمليات استهداف آليات جيش الاحتلال وقواته بشكل متقدم، مع تبني العمليات المزدوجة كأسلوب آخر في الاستهداف.