الوقت- في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة لأكثر من شهرين، يدور الحديث الإسرائيلي حاليًا عن إمكانية تنفيذ صفقة تبادل أسرى جديدة بين تل أبيب وفصائل المقاومة الفلسطينية، ويرغم الوضع الحالي دبلوماسيين على استبعاد تحقق هذه الصفقة في "أسابيع عدة"، بينما تصف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأحاديث حولها بأنها "مناورة"، تهدف إلى تضليل الرأي العام الإسرائيلي، وفي سياق ذلك، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية تصريحًا من مصدر رسمي، يشير إلى استعداد الحكومة الإسرائيلية للاستماع إلى مقترحات الوسطاء المحتملة بخصوص إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل جديدة مع حركة حماس، وأشارت قناة 12 الإسرائيلية إلى أن الظروف قد "نضجت" لبدء النظر في إمكانية إتمام صفقة تبادل للأسرى والمحتجزين في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة، وقال مصدر مطلع إن رئيس الموساد، ديفيد برنيع، تلقى توجيهات بالبدء في الاستماع لما تقوله الأطراف الوسيطة، بما في ذلك دولة قطر، دون أن تطرح "إسرائيل" أي منحى من جانبها.
وقف العدوان شرط أول
ووفقًا لتقديرات القناة، لا يمكن الحديث عن إتمام الصفقة في الأسبوع المقبل، ولكن يمكن أن يشهد ذلك إعادة فتح مسار الحوار، وأشارت القناة إلى وجود مخاوف لدى "إسرائيل" بشأن فقدان الاتصال بين قيادة حماس والقادة الميدانيين، مع التأثير المحتمل على قدرة الوصول إلى المحتجزين الإسرائيليين، وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن مزيدًا من الضغط من قبل الجيش الإسرائيلي قد يؤدي إلى اقتراحات جديدة بشأن وقف إطلاق النار تدرسها الحكومة، وأضاف إن "إسرائيل" مفتوحة على إمكانية التوصل إلى اتفاق مع حزب الله اللبناني، بشرط أن يشمل الاتفاق إقامة منطقة آمنة على الحدود وتوفير ضمانات مناسبة.
وفي هذا الخصوص، أضاف الوزير الإسرائيلي: "إذا سمح حزب الله بعملية اتفاق، فلن أدخل الآن في تفاصيلها، لكن من الواضح أنها يجب أن تتضمن وضعًا يكون فيه مسافة آمنة من سياجنا بالنسبة للقوات، التي يمكن أن تطلق النار على الأراضي الإسرائيلية، أو القوات التي قد تنفّذ عملا داخل "إسرائيل"، إذا كان ذلك ممكناً مع الضمانات المناسبة، فيمكننا التحدث عن ذلك"، وتأتي تصريحات غالانت في الوقت الذي أكدت فيه صحيفة غارديان البريطانية أن دبلوماسيين، في منتدى الدوحة السنوي في قطر، لا يتوقعون إعادة إطلاق محادثات وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس إلا بعد مرور أسابيع.
ورجّح المصدر، وفقًا للصحيفة، أن استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار قد يكون مرتبطًا بقدرة "إسرائيل" على تحقيق "إنجاز عسكري"، مثل الإعلان عن قتل أو اعتقال بعض قادة حركة حماس البارزين، وفي تعليق على الأنباء المتداولة في "إسرائيل"، أكد القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، أن الحركة لن تبرم أي صفقة تبادل مع الاحتلال الإسرائيلي قبل وقف العدوان على غزة بشكل تام ونهائي، وأشار حمدان إلى أن تسريبات حكومة الاحتلال حول وجود مفاوضات حول استعادة المحتجزين هي مجرد مناورة لمغالطة الرأي العام الإسرائيلي وتخفيف الضغط.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي ماجد أبو دياك أن ما تحدثت عنه وسائل إعلام إسرائيلية حول استعداد الاحتلال لاستئناف التفاوض والهدن الإنسانية يأتي بعد الخسائر الفادحة التي تعرض لها الجيش في خان يونس جنوب غزة، وفي جباليا وحي الشجاعية في شمال القطاع، وأكد أن "إسرائيل" تريد إعادة ترتيب صفوف قواتها بالاستفادة من الهدن الإنسانية، وإرسال رسالة إيجابية لأهالي الأسرى الذين يتظاهرون بشكل شبه يومي ضد الحكومة، مطالبين بالعودة للتفاوض باعتباره الطريقة الوحيدة لاستعادة الأسرى، وقال إنه مستبعد أن تستجيب حماس لهذه الدعوة، لأنها أعلنت بعد استئناف العدوان أنها لن تتفاوض على صفقة جزئية أو كلية إلا بعد وقف إطلاق النار.
استعدادات لسيناريوهات مختلفة
يأتي الحديث عن صفقة التبادل المحتملة في وقت أشار فيه منسق السياسات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إلى أهمية التوصل إلى هدنة جديدة لإخراج المحتجزين في قطاع غزة، ومع ذلك، صرحت وزارة الخارجية الأمريكية بأن موقف واشنطن يركز على التوصل إلى هدنة إنسانية، وليس وقف إطلاق النار في القطاع، ويذكر أن هدنة مؤقتة بدأت في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استمرت لمدة 7 أيام بين حماس والاحتلال الإسرائيلي بوساطة دولة قطر وتنسيق مصري أمريكي، خلالها تم الإفراج عن 80 إسرائيليًا مقابل 240 أسيرًا فلسطينيًا.
بالمقابل، أكد عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي، علي أبو شاهين، موقف المقاومة الواضح بشأن رفض أي مفاوضات تحت ضغط النار، وذلك في تصريحاته التي جاءت في سياق حديث الإعلام الإسرائيلي عن تحرك في مفاوضات الأسرى، وأضاف أبو شاهين إن أي تطور في مسألة مفاوضات الأسرى ينبغي أن يتزامن مع وقف شامل لإطلاق النار، وفي حديث لقناة عربية، نفى عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي، علي أبو شاهين، ما تداولته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، مؤكدًا عدم وجود اتصالات حالية بشأن مفاوضات الأسرى، وأشار أبو شاهين إلى أن موقف الفصائل المقاومة الفلسطينية متحد وأن الأولوية الآن هي لوقف العدوان ووقف القتل الجماعي للشعب الفلسطيني.
وأوضح المسؤول السياسي في "الجهاد" أن الإدارة الأمريكية تدير الحرب على غزة، وأن الحديث عن هدن إنسانية يأتي بهدف استعادة الأسرى، لكنه أكد أن أي هدنة يجب أن يتبعها استئناف العدوان على غزة، وشدد على أنه لا يوجد حديث الآن بشأن هدن إنسانية، مؤكدًا موقف المقاومة من رفض أي مفاوضات تحت ضغط النار وأنهم قد كيّفوا أنفسهم مع السيناريوهات الجديدة من المواجهة، مشيرًا إلى أن عنصر الصدمة من جانب الاحتلال قد فقد تأثيره.
وأعلنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عن شروط واضحة، مفادها "عدم إجراء أي مفاوضات تحت ضغط النار أو تبادل للأسرى ما دام العدوان الإسرائيلي مستمراً على غزة"، وقد أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، أن المقاومة مستعدة لكل السيناريوهات الإسرائيلية العسكرية، بما في ذلك الحرب البرية والجوية، وأضاف إن هذه الجاهزية تضع الاحتلال أمام خيار وحيد، وهو العودة إلى المفاوضات، وفقًا لتصريحات حركة الجهاد الإسلامي.
وأعرب زاهر جبارين، المسؤول عن ملف الأسرى في حركة حماس، عن رفضه للمفاوضات إلا بعد وقف العدوان وجرائم الحرب في قطاع غزة، قائلاً: "فلتكن معركة كسر عظم"، يأتي هذا في سياق استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي استأنف في ديسمبر بعد فترة قصيرة من هدنة دامت لمدة أسبوع، تضمنت الهدنة 7 دفعات من تبادل الأسرى بموجب شروط تتضمن إطلاق سراح 3 أسرى فلسطينيين مقابل كل أسير إسرائيلي لدى المقاومة في غزة.