الوقت- يُجري حزب الله اللبناني، عصر يوم السبت، مناورة تسمى "الفتح المبين" في منطقة جبل عامل جنوب لبنان. ووفق ما جاء في إعلان المناورة، أنها تحاكي تجسيد “التحرير الكبير والنهائي لفلسطين”.
وأشار الإعلان إلى أن المناورة ستشهد “مشهد وسيناريو اقتحام الجدار الزائل ما بين جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة”. ولفت حزب الله إلى أن المناورة تأتي بمناسبة عيد المقاومة والتحرير الذي يوافق 25 مايو/ أيار من كل عام. وهذه المناورة الثانية من نوعها التي ينفذها حزب الله في أقل من عشرة أيام في ظل أجواء من التوتر التي تسود المنطقة جراء التهديد الإسرائيلي المتكرر مؤخرا للحزب والجمهورية الإيرانية. ونفّذ حزب الله الأحد الماضي مناورة عسكرية في جنوبي لبنان تحاكي اقتحام مقاتليه مدنًا ومستوطنات إسرائيلية، مستخدما فيها أسلحة متنوعة ومركبات ثقيلة.
وجاءت المناورة التي شارك فيها المئات من مقاتلي الحزب بمناسبة (عيد المقاومة والتحرير) في ذكراه الـ 23 لتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي في 25 مايو/ أيار 2000. وحسب القناة الـ13 العبرية، فإن هناك حالة تأهب قصوى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الشمالية خوفاً من التصعيد مع لبنان. ووفق ما جاء بالإعلام العبري، تهديدات حزب الله تُلزم إسرائيل بتنفيذ ضربة استباقية، وقد جاب سرب من الطائرات الحربية فجر السبت أجواء قطاع غزة بالتزامن مع جنوب لبنان خشية وقوع حدث غير اعتيادي. ونشرت “صحيفة يديعوت” تقريراً مطولاً لمراسلها العسكري “يؤآف زيتون” يتحدث من خلاله عن طرق تعامل الجيش الإسرائيلي مع تهديدات الطائرات دون طيار على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان والعراق وإيران، حيث تقول الصحيفة إن الجيش قام بنشر منطاد تجسس ضخم للغاية قرب طبريا للكشف عن أي تهديد.
وحسب الصحيفة، يبلغ طول المنطاد 117 متراً، ويعد هو الأضخم من نوعه في العالم، ويطير على ارتفاعات عالية للغاية، وقادر على مراقبة أراضي العدو من الداخل ، تم تركيب عشرات الكاميرات والرادارات في المنطاد. وأضافت “يديعوت”، على الرغم من النجاحات الكبيرة للمنطاد ولفرق التحكم في الجيش، إلا أن لحظة الحقيقة ستظهر خلال أي تصعيد عسكري أو حرب مقبلة على الجبهة الشمالية .. حيث تضع المؤسسة الأمنية من ضمن سيناريوهاتها للتصعيد المقبل على الجبهة الشمالية، أنه سيتم إطلاق آلاف الطائرات دون طيار من مختلف الأنواع من سوريا ولبنان وحتى ممكن من العراق، والصواريخ الدقيقة، وصواريخ الكروز السريعة، والصواريخ الثقيلة في الوقت نفسه.
وأعربت “يديعوت” عن قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من تنفيذ عمليات ضد قواعد الجيش الإسرائيلي العسكرية أو المنشآت الاستراتيجية من داخل البلاد ذاتها من خلال بعض الطيارات “بمعنى هناك مخاوف لدى الاحتلال من تنفيذ عمليات ضد قواعد للجيش عن طريق تسيير طائرات من بعض المطارات في الكيان، تجاه هذه القواعد، لذلك يتم التحقق بشكل دوري من الطيارين المدنيين في الكيان.
ولقد حملت المناورات العسكرية التي أجراها حزب الله بلبنان في طياتها رسائل تحذير لإسرائيل من أي محاولة لضرب الأراضي اللبنانية، في حالة تعكس ميزان الردع لحزب الله، وحالة التصعيد الأخيرة مع تل أبيب. وفي الوقت الذي امتنع فيه الجيش الإسرائيلي عن التعليق على مناورات حزب الله، التي تحاكي عملية أسر لجنود، وتوغل بري للحزب في منطقة الجليل الأعلى شمال فلسطين، وصد غزو إسرائيلي للجنوب اللبناني، أجمع محللون إسرائيليون على أن ذلك بمثابة تصعيد لحزب الله ومحاولة للردع. كما أجمع محللون إسرائيليون وتقديرات مراكز الأبحاث القومية والاستراتيجية على أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ومنذ انتهاء حرب لبنان الثانية عام 2006، امتنعت عن المواجهة مع حزب الله، وهو ما أدى إلى امتلاك الحزب ترسانة عسكرية وصواريخ يبلغ عددها 200 ألف، وفقا لتقديراتهم.
وأمام تصاعد التوتر على الجبهة الشمالية، تطرح مراكز الأبحاث الإسرائيلية تساؤلا حول احتمالات أن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة شاملة على عدة جبهات؟ ويتفق محللون وتقديرات مراكز الأبحاث على إمكانية حدوث ذلك، مع البحث عن إجابات لأسئلة أخرى مثل ما توقيت اندلاع هذه الحرب؟ وما نطاقها؟. وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن تل أبيب التي اختارت محاربة حزب الله فوق الأراضي السورية، وتشن الهجمات لمنع التموضع العسكري الإيراني في سوريا، "وجدت الآن ذاتها في معضلة مع لبنان وما يشكله حزب الله من تهديدات إستراتيجية". وأكد أن نصر الله يحسب خطواته بعناية وبحذر، فهو يريد أن يضر بإسرائيل في الوقت الذي يستغل فيه الضعف الذي تظهره حكومتها والأزمات الداخلية، وبالتالي يهدف إلى تعزيز مكانته كرجل مقاومة، لكنه في الوقت نفسه لا يريد مواجهة شاملة قد تكلفه حياته وثمنا باهظا لأنصاره.
من ناحية أخرى، وفي الجانب الآخر، يقول الباحث الإسرائيلي إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أثبت طوال سنوات ولايته أنه حذر ويحسب خطواته بمنتهى الدقة، ويمكن القول إنه على الرغم من خطاباته الحاسمة وتهديداته، فهو دائمًا متردد في استخدام القوة "ويخشى التدهور إلى مواجهة شاملة غير مرغوب فيها".
ومن جانبه، نشر امير بخبوط في مقال له على موقع واللاه، تفاصيل عن التمرين الذي أجرته قيادة الجبهة الداخلية في جيش الاحتلال، ضمن مناورة "القبضة الساحقة". وحسب بخبوط حاكى التمرين قصفا صاروخيا مكثفا، تزامن مع شنّ هجمات بواسطة عشرات الطائرات دون طيار، من قطاع غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق وإيران، في أعقاب شن الكيان المؤقت لهجمة جوية إستباقية ضد محور المقاومة. وحسب سيناريو المحاكاة، كانت الهجمات الصاروخية مركّزةً على مدينة حيفا والمناطق في شمال فلسطين المحتلة، وقد وصل قادة جيش الاحتلال الى الخلاصات الآتية:
1) التقدير بأنه خلال الحرب الكبرى ستحدث اضطرابات داخلية عنيفة للغاية في الكيان المؤقت.
2) نتيجة للضربات الصاروخية الدقيقة والثقيلة المتوقعة، سيُقتل نحو 100 مستوطن إسرائيلي، وسيصاب أكثر من ألف غيرهم.
3) سيتم تدمير حوالي ألف منشأة، من بينها 500 منشأة ستُدمر بشكل كامل. كما ستلحق أيضا بالبنية التحتية للكهرباء والمياه وقواعد الجيش الإسرائيلي والمراكز السكانية أضرار كبيرة.
وأفاد مصدر عسكري لموقع واللاه، بأن قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية مارست سيناريو "النهاية/ يوم القيامة"، مؤكداً بأنهم يستعدّون لهذا السيناريو بمنتهى الجدية. كما أوضح أن القدرة على إطلاق النار على الجبهة الداخلية، من مواقع متعددة، وعلى هذا النطاق الواسع، تنتج عدداً كبيراً من الأضرار وحجم الدمار الذي لم تشهده إسرائيل منذ قيام الدولة. أما قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال أوري غوردين – الذي تم رصده الإثنين خلال جولة له في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة – فقد توقع بأن حزب الله قادر على إطلاق 5 آلاف صاروخ يومياً خلال أي حرب مقبلة (مع الإشارة إلى أنه منذ أشهر كان يتوقع بأن تكون كمية الصواريخ 4 آلاف يومياً)، وهو رقم ضخم ومهول لن تستطيع الجبهة الداخلية للكيان التعامل معه إطلاقاً.
فالواقع الجيواستراتيجي للكيان، وتمركز مناطقه ومنشآته الحيوية والاستراتيجية في بقعة جغرافية محددّة، يجعل الهجمات المكثفة بالصواريخ والمسيّرات الهجومية ذا تكلفة باهظة الثمن. فتكدس أكثر من 70% من الثقل الاستيطاني وحوالي 80% من المرافق الحيوية العسكرية والمدنية الإسرائيلية في شريط جغرافي ضيق على الساحل، يجعل من اندلاع مواجهة متعددة الساحات يتم فيها استهداف هذا الشريط بكثافة، بمثابة سيناريو رعب للقيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب، يصدق حينها التعبير عنه بيوم القيامة. والمقاومة الإسلامية في لبنان تحديداً، تمتلك الكثير من الصواريخ القادرة على إصابة أهدافها بدقة عالية، إضافة الى الطائرات دون طيار مثل سحاب وربما شاهد – 136 الإيرانية.
وبالتالي سيكون بمقدرة حزب الله تدمير الكثير من المرافق العسكرية ذات الارتباط المباشر بقدرة إسرائيل على مواصلة الجهد الحربي، مثل القواعد الجوية والمطارات العسكرية (ما هو كفيل بتعطيل سلاح الجو وإنهاء التفوق الجوي للكيان وإضافة عامل جديد يساهم في سيناريو تحرير الجليل)، ومن ثم استهداف محطات تحلية المياه، ومحطات توليد الطاقة، ومنصات استخراج الغاز وغيرها. مع الإشارة إلى أن أحد أهم نتائج معركة ثأر الأحرار التي حصلت مؤخراً، أنها كشفت بأن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي لم تستطع صدّ أغلب الصواريخ التي أطلقتها سرايا القدس - الجهاد الإسلامي، فكيف ستكون حالها مع صواريخ حزب الله؟!