الوقت- تسعى حكومات الاحتلال الإسرائيلي بقوة إلى حصار الفلسطينيين والتضييق عليهم ماليا بطرق شتى، وفي هذه المرة، كان عبر سن قانون جديد قادته الحكومة اليمينية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو. وبدأت حكومة الاحتلال في محاولة تمرير "قانون الجمعيات"؛ الذي "يمنع تقديم المساعدات من الحكومات والهيئات الأجنبية والدولية للفلسطينيين"، وفق ما ذكره موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية.
وفي مؤشر أولي على تراجع حكومة نتنياهو في هذه المرحلة عن طرح هذا القانون بسبب الضغط الدولي، أكد مسؤول سياسي كبير لموقع صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن "مشروع قانون الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، لن يطرح في اللجنة الوزارية للتشريع"، مشيرا إلى أنه "ستتم إعادة النظر في الموضوع بعمق".
وأكدت أنه "بعد الضغط الدولي على إسرائيل للامتناع عن تمرير قانون الجمعيات، الذي قد يحد من مساعدات تقدمها الحكومات الأجنبية والهيئات الأجنبية للفلسطينيين، سيتم فحص القانون، ومن المرجح أن يتم رفض إقراره". وأوضحت "يديعوت" أن تراجع الحكومة عن القانون المذكور، "جاء بعد أن خاطب وزير خارجية كل من بريطانيا وألمانيا وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، طالبين منه أن تمتنع إسرائيل عن الموافقة على القانون في اللجنة الوزارية للتشريع". كما أبدت مجموعة من الدول معارضتها الشديدة للقانون الإسرائيلي، منها حسب الصحيفة، الولايات المتحدة، فرنسا، السويد، بلجيكا، إيرلندا، الاتحاد الأوروبي.
وحسب موقع "i24" الإسرائيلي، رد كوهين على طلب كل من بريطانيا وألمانيا بامتناع "إسرائيل" عن التصديق على "قانون الجمعيات"، أن "إسرائيل لن تقبل التدخل في شؤونها الداخلية أو التدخل الأجنبي في قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وأوضح الموقع، أن رئيس الوزراء نتنياهو، "سيعقد مناقشة داخلية صباح اليوم، تقرر ما سيحدث للقانون". وبادر إلى "قانون الجمعيات" عضو الكنيست أرييل كيلنر من حزب "الليكود"، وحسب هذا القانون، "لن يتم الاعتراف بالجمعية التي تتلقى تبرعا من حكومة أجنبية كمؤسسة عامة أو كمؤسسة غير ربحية، وسيتعين عليها دفع ضريبة 65 في المئة عن كل تبرع".
ونبهت "يديعوت" إلى أن أحد الأسباب التي دفعت الحكومة لإسقاط هذا القانون أو التراجع عنه، أن "الجمعيات اليمينية الإسرائيلية قد تتضرر أيضا" ، وجاء في تعليق للسفارة الفرنسية في تل أبيب، أن "مشروع القانون مثير للقلق، نحن نؤكد التزامنا بالدور الحاسم للمجتمع المدني في حياة ديمقراطية، في إسرائيل وفي جميع أنحاء العالم، ومن مسؤولية الدول إنشاء والحفاظ على مساحة وبيئة مناسبة لعمل منظمات المجتمع المدني، حيث يمكن لمجتمع مدني مفعم بالحيوية أن يجلب ثقافة السلام والتنوع".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "الولايات المتحدة تعارض القانون، وتعتقد أنه ينبغي السماح للمنظمات المدنية بجمع الأموال في العالم"، مشددا على وجوب السماح للمنظمات المدنية بالعمل، لما لها من "دور حاسم بالنسبة للديمقراطية، لذا يجب السماح لها بالعمل في جميع أنحاء العالم دون تدخل"، وفق ما نقلته "يديعوت".
كما غرد سفير السويد لدى الاحتلال إيريك أولناغ، وكتب: "وجود مجتمع مدني حيوي وقوي ضروري لأي ديمقراطية، لهذا السبب نحن قلقون للغاية بشأن مشروع القانون الخاص بفرض الضرائب على المنظمات غير الحكومية، سيحد بشكل كبير من المجتمع المدني، لقد أثرت الموضوع وسأستمر في إثارته".
وأشارت الصحيفة، إلى أن سفارات دول أخرى مثل بلجيكا وإيرلندا نشرت تغريدات مماثلة عن الموضوع، تؤكد رفضها لـ"قانون الجمعيات" وفي الأيام الأخيرة ، أعرب عدد من الدول عن معارضتها الشديدة لقانون الجمعيات ، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا العظمى والسويد وبلجيكا وأيرلندا والاتحاد الأوروبي.
وقال متحدث الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في الإيجاز الصحفي مساء الأربعاء بواشنطن: "لن أتكهن بأشياء قد تحدث، سأقول فقط كمسألة عامة، إن الولايات المتحدة تدعم الدور الأساسي للمنظمات غير الحكومية كجزء من المجتمع المدني".
وأضاف ميلر: "نعتقد أنها ضرورية لحكومة ديمقراطية ومتجاوبة وشفافة، ونعتقد اعتقادا راسخا أن المجتمع المدني يجب أن تتاح له الفرصة والفضاء للعمل وجمع الموارد في جميع أنحاء العالم". وغرد سفراء ألمانيا وهولندا وبلجيكا بنفس نص التغريدة التي أشاروا فيها إلى أنهم سيواصلون إثارة الموضوع مع إسرائيل. وجاء في نص التغريدة، أن "مشروع قانون ضرائب المنظمات غير الحكومية هو مصدر قلق بالغ لنا وللعديد من شركاء إسرائيل الدوليين".
وأضاف السفراء الثلاثة: "تعتبر العلاقات الحيوية وغير المقيدة بين المجتمعات المدنية ذات قيمة أساسية في ديمقراطياتنا الليبرالية. سنستمر في إثارة الموضوع مع أصدقائنا الإسرائيليين". أما سفارة إيرلندا فقالت في تغريدة: "يشكل مشروع القانون الخاص بفرض الضرائب على المنظمات غير الحكومية مصدر قلق شديد لإيرلندا وللعديد من شركاء إسرائيل الدوليين".
وأضافت: "إن المجتمع المدني النشط والمستقل هو قيمة أساسية في نسيج ديمقراطياتنا الليبرالية. سنستمر في إثارة هذه القضية من خلال جميع القنوات المتاحة".
بدوره غرد سفير النرويج، كار أس: "نحن قلقون للغاية بشأن مشروع قانون ضرائب المنظمات غير الحكومية. الدور الحاسم للمجتمع المدني النابض بالحياة هو شرط أساسي للديمقراطية الليبرالية". وأضاف: "سنواصل إثارة المسألة مع أصدقائنا الإسرائيليين".
من جهته، غرد سفير السويد، إريك أوانهاج، إن "وجود مجتمع مدني حيوي وقوي أمر حاسم لكل ديمقراطية. لذلك نحن قلقون للغاية بشأن مشروع قانون ضرائب المنظمات غير الحكومية الذي من شأنه أن يحد بشدة من المجتمع المدني الإسرائيلي". وأضاف: "كصديق لقد أثرت، وسوف أواصل إثارة هذه القضية"
ويتضمن المشروع فرض ضريبة بنسبة 65% على ايرادات جمعيات تتلقى تبرعات من كيانات سياسية أجنبية، ومارست الولايات المتحدة وبلدان أوروبية ضغوطاً على نتنياهو للتراجع عن القرار.
وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن الهدف من القانون هو استهداف جمعيات ومؤسسات فلسطينية سواء في الضفة الغربية أو حتى داخل في إسرائيل، وكذلك الجمعيات اليسارية. وانتقدت ألمانيا مشروع القرار، واعتبرت أن العمل به سيضر بالعلاقات مع إسرائيل، كما حذرت الولايات من المساس بمنظمات المجتمع المدني، وأجرى وزير الخارجية البريطانية جيمس كاليفري، اتصالاً مع نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، وشدد على ضرورة وقف القرار.
وقال كوهين إن "إسرائيل لن تقبل بتدخل أي دولة في شؤونها الداخلية المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين"، قبل أن يتم التراجع عن القرار، ووجه أعضاء منتدى السياسات الخارجية الذي يضم سفراء كبار في الماضي انتقادات لاذعة إلى مشروع "قانون الجمعيات". وقال المنتدى إن "تطبيق هذا القانون على تبرعات من دول فقط وليس على جهات خاصة وأثرياء من خارج البلاد يشتم منه رائحة سياسية واضحة، وإنه في حال تم اعتماد مشروع القانون فستشابه إسرائيل روسيا والمجر وبولندا التي تعمل ضد حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني".