الوقت- بعد أقل من 10 أيام من انتهاء مونديال قطر، تم الإعلان عن أخبار كرة القدم المثيرة للجدل في المملكة العربية السعودية باعتبارها الدولة العربية المجاورة لقطر، وذكرت وسائل إعلام سعودية أن رونالدو وقع عقدًا لمدة عامين ونصف براتب. 200 مليون يورو سنويا ينضم فيه إلى النصر السعودي للعب في دوري أبطال آسيا!. وعلى الرغم من أن رونالدو بدا أكثر فخرًا من قبول تراجعه في هذا الوضع ولم يكن مستعدًا للهجرة إلى بطولات الدوري الهامشية مثل الدوريات العربية أو MLS مثل النجوم الأخرى في السنوات الأخيرة، إلا أن العرض المالي الثقيل للسعوديين يمكن أن يكون مغريًا لأي شخص.!
وسُمعت همسات هذا الانتقال التاريخي للكرة السعودية والآسيوية منذ انطلاق المونديال في قطر، لكن الكثيرين لم يصدقوها حتى أعلنت القناة الإعلامية السعودية "العربية" التوقيع النهائي على عقد لمدة عامين، وبعد ذلك. أفادت وسائل إعلام عربية أخرى موثوقة بهذا الخبر، واعتبرته قطعيًا ورسميًا. وحسب التقارير، فإن عقد رونالدو مع السعوديين ساري المفعول حتى عام 2025 والراتب سيقترب من 200 مليون يورو سنويًا، لكن الصفقات التجارية ستدرج أيضًا في هذه الحزمة.
عين على قطر
لا تدرك أندية كرة القدم السعودية هذا القدر من الدخل وهي تعتمد بشكل أساسي على الحكومة، لذلك تحاول الحكومة السعودية تعظيم استخدامها الدعائي للفرق الرياضية، وخاصة كرة القدم. والنقطة المهمة هي أن الإعلان عن العدد الفلكي للسعوديين للاعب كرة قدم يمكن أن يكون نوعا من الدعاية للرياض. وتحاول الرياض جاهدة تقديم صورة رياضية عن نفسها في المنافسة مع قطر بعد مونديال قطر، والآن يمكن للشخصية الفلكية أن ترضي عطش السعوديين في كرة القدم.
الأهداف الخفية للسعوديين من الاستثمار في الرياضة
كثفت المملكة العربية السعودية جهودها لتجاوز الإمارات العربية المتحدة وقطر كمحور تجاري وثقافي وجغرافي استراتيجي للخليج الفارسي، وسعت مؤخرًا إلى تحدي جيرانها الصغار في مجال تحويل هذا البلد إلى أهم وجهة رياضية في الشرق بعد استضافة قطر في مونديال 2022.
ومن ناحية أخرى، هناك أنباء متضاربة حول جهود السعوديين لاستضافة مونديال 2030. وبينما أُعلن سابقًا أن المملكة العربية السعودية تخطط لتقديم عرض إلى جانب مصر واليونان لاستضافة كأس العالم 2030، ولقد أعلن موقع "اتحاد الرياضي" الإماراتي مؤخرًا فوز السعوديين بهذا الامتياز والمشاركة في استضافة الكأس في عالم 2030. ولكن وزارة السياحة السعودية نفت اقتراح الاستضافة المشتركة لكأس العالم 2030 مع مصر واليونان وأكدت أن هذا الموضوع لن يتم بحثه.
ومع ذلك، فإن راتب السعوديين مقابل شراء البرتغالي رونالدو أثبت أن السعوديين لا يزالون يهتمون بالرياضة لصرف الرأي العام العالمي عن أفعالهم، وبالتالي فهم على استعداد للاستثمار بكثافة في الرياضة. في الواقع، فإن تركيز ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على نهج الأنشطة الرياضية العالمية يتماشى مع أهداف خفية، بما في ذلك تحويل أفكار الشباب العاطلين عن العمل في المملكة العربية السعودية.
وتعتقد السعودية أنه من خلال صناعة الرياضة والتنافس مع قطر، يمكنها تلميع صورتها التي تشوهت بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ولقد تناول معهد حقوق الإنسان "جرانت ليبرتي"، في تقرير له، النفقات الباهظة التي تتحملها حكومة المملكة العربية السعودية في مجال إقامة المسابقات الرياضية، واعتبرها إجراءً لاستعادة صورة السعودية في مجال حقوق الإنسان.
مغسلة الرياض الرياضية
في العام الماضي، أنفقت الحكومة السعودية ما لا يقل عن مليار ونصف المليار دولار على الأحداث الرياضية المهمة. وتعرضت هذه القضية لانتقادات من قبل نشطاء ومنظمات حقوقية، الذين يعتبرونها مثالاً على "الاغتسال" الذي تم من أجل تنظيف وجه هذا النظام. وبالطبع، فقد تم استخدام مصطلح "غسيل" مؤخرًا، حيث تمت صياغته وفقًا لمفاهيم مثل "غسيل الأموال". وبهذا المعنى، تسعى المنظمات والحكومات والمؤسسات إلى تحقيق أهدافها السياسية والثقافية والاستراتيجية من خلال الاستفادة من القدرات الرياضية. ويمكن أيضًا رؤية مثال على هذا المفهوم في الرياضة، وخاصة كرة القدم، حيث تنشغل دول الخليج الفارسي وتنفق أموالًا كبيرة. كما قام السعوديون وولي العهد الشاب لهذا البلد في السنوات الماضية بعدة أنشطة للاستثمار في مجال الرياضة، مثل شراء أسهم بعض أندية كرة القدم الأوروبية مثل نيوكاسل وإنتر ميلان، وكذلك استضافة بعض المسابقات الرياضية العالمية بما في ذلك النهائيات. وتأتي الألعاب العالمية للملاكمة ضمن جهود السعوديين لإزالة الغبار عن وجوههم من خلال الرياضة.
ينتهج النظام السعودي اللجوء إلى الغسيل الرياضي بهدف التغطية على الانتهاكات وتلميع الصورة في ظل سجله الحقوقي الأسود. وتكثف اللجوء إلى هذا الأسلوب في عهد ولي العهد محمد بن سلمان الذي دفع المليارات بغرض الحصول على المصداقية والشرعية الدولية. ومؤخرا عرضت السلطات السعودية على لاعبَي الملاكمة الرياضي “أنتوني جوشوا” و “تايسون فيوري” 100 مليون جنيه إسترليني للمشاركة في نزال رياضي. ووجهت خديجة جنكيز خطيبة الصحفي الراحل “جمال خاشقجي” نداء عاجلاً لهما كي لا يقبلا بعرض مالي بقيمة نحو 100 مليون جنيه إسترليني.
ويحاول النظام السعودي الحصول على سمعة ومصداقية دولية، عبر شراء صدى إعلامي واسع مهما كان الثمن، ودفع مبالغ فلكية لذلك. إذ أنفق النظام السعودي ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار على الأقل في الأحداث الرياضية الدولية البارزة في محاولة لتعزيز سمعته وتبيض جرائم ولي عهدها. ومليارات الدولارات كانت المملكة غنية عن إنفاقها لو لم يرتكب الحاكم الطائش جرائمه البشعة بحق الشعب السعودي والمعارضين منه.
وأشار تحليل “جرانت ليبرتي” إلى الحجم الهائل لاستثمارات المملكة في “الغسيل الرياضي”. وهو عبارة عن ممارسة الاستثمار أو استضافة الأحداث الرياضية في محاولة لإخفاء سجل حقوق الإنسان السيئ للمملكة، والترويج لنفسها كموقع عالمي جديد رائد للسياحة. وتقول صحيفة “الغارديان” البريطانية إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أطلق الخطة الرئيسية “رؤية 2030” للمملكة قبل خمس سنوات. لكن الخطة التي تم الترويج لها على أنها نقطة تحول في المملكة من شأنها إحداث تحول اجتماعي واقتصادي ، أعقبتها حملة واسعة على المعارضة، بما في ذلك اعتقال الناشطات النسويات ورجال الدين. وقادت المملكة تدخلاً في اليمن، كجزء من حرب أسفرت عن مقتل أكثر من 100000 شخص من بينهم ما لا يقل عن 12000 مدني. ويقدر المراقبون أن ما لا يقل عن ثلثي هذه الوفيات نتجت عن حملة الضربات الجوية السعودية العدوانية.