الوقت - يعد الهجوم على حافلات قوات الاحتلال التابعة للنظام الصهيوني في منطقة غور الأردن حدثًا نال الكثير من الاهتمام لندرة العمليات العسكرية للمجاهدين الفلسطينيين في تلك المنطقة وطبعا سببت قلقاً هز الصهاينة الذين ظنوا أنهم جعلوا هذه المنطقة آمنة تماما.
أصيب 7 جنود من قوات النظام الصهيوني، الأحد، في إطلاق نار على حافلة في منطقة غور الأردن شرقي الضفة الغربية.
أسباب أهمية غور الأردن
غور الأردن، كما يوحي اسمه، ينتمي إلى المملكة الأردنية، وهو امتداد لمنخفض قاري يبلغ ارتفاعه 400 متر تحت مستوى سطح البحر، ويشمل منطقة البحر الميت، وهي أشهر مناطقها.
يُطلق على وادي الأردن في الضفة الغربية المحتلة اسم "سلة غذاء فلسطين" بسبب مناخه الملائم وأراضيه الزراعية الخصبة وتربية المواشي المنتشرة، وهذا الوصف يوضح الأهمية الاستراتيجية لهذا الشريط الواسع.
والأهم من ذلك، أن وادي الأردن هو أحد المصادر الرئيسية لإمدادات المياه للفلسطينيين، حيث إن معظم اكتشافات المياه في الضفة الغربية، 28 من أصل 42، تقع في وادي الأردن.
تتمتع المنطقة أيضًا بأهمية تاريخية وسياحية حيث يسافر الزوار من جميع أنحاء العالم إلى المنطقة للاستمتاع بالمناظر الخلابة والمواقع الأثرية، ومن أهم المعالم السياحية في المنطقة، نذكر المغطاس، وكذلك منطقة تعميد السيد المسيح (ع) والتي تسمى وادي الخرار، وقبر النبي لوط (ع).
تمتد منطقة وادي الأردن من بحر طبريا شمالاً إلى البحر الميت، ويسيطر الصهاينة على المنطقة الواقعة بين البحر الميت ونهايته في الضفة الغربية.
وحسب الأرقام التي تم الحصول عليها من المصادر الداخلية للنظام الصهيوني، فإن حوالي 10.000 من أصل 400.000 مستوطن في الضفة الغربية المحتلة يعيشون في غور الأردن، وتشير الإحصاءات أيضًا إلى أن حوالي 65000 فلسطيني يعيشون هناك.
ضغط واسع النطاق على الفلسطينيين في وادي الأردن
على الرغم من أنه وفقًا لقرارات مجلس الأمن، فإنه من غير القانوني بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلا أن الصهاينة انتهكوا منذ سنوات عديدة حقوق الفلسطينيين في هذه المنطقة واحتلوا المزيد من أجزاء غور الأردن، بحيث أصبح اليوم 53.4٪ من مساحة المنطقة في أيدي الصهاينة، أي أربعة أضعاف المساحة قبل عام 1967.
وحسب مركز معلومات بتسيلم التابع للنظام الصهيوني، فإن السلطات الصهيونية تمنع الفلسطينيين من استخدام حوالي 85٪ من مساحة الوادي، وتحد من وصولهم إلى مصادر المياه، وتمنعهم من بناء المنازل.
كما تم الإعلان على الملأ عن محاولة الصهاينة احتلال المنطقة بالكامل وطرد الفلسطينيين. في سبتمبر 2019، تحدث بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء النظام الصهيوني آنذاك، علانية عن هدفه بضم غور الأردن إلى الأراضي المحتلة ورفعه كواحد من الشعارات الانتخابية.
سيطرت إسرائيل على معظم أراضي المنطقة بوسائل مختلفة:
من خلال إعلان 45.7 في المئة من وادي الأردن منطقة عسكرية، فحتى لو كانت هذه المناطق قريبة من الطرق الرئيسية، وبالقرب من منازل الفلسطينيين، ومناطق مهيئة ومعبدة للسكن، فقد منح هذا الإعلان النظام الإذن القانوني لتطهير هذه المناطق من سكانها الفلسطينيين.
إضافة إلى ذلك، احتلت إسرائيل مناطق شمال غور الأردن لإنشاء حاجز ووضعت 64 حقل ألغام بالقرب من نهر الأردن.
وبهذه الطريقة تسيطر إسرائيل على 77.5٪ من أراضي هذه المنطقة وتمنع الفلسطينيين من بنائها واستخدامها. على مدى العامين الماضيين، دمرت الإدارة المدنية للنظام بشكل متكرر هياكل التجمعات البدوية في هذه المناطق، على الرغم من أن بعضها بني قبل عام 1967.
في جريمة واضحة، سيطر الصهاينة أيضًا على معظم موارد المياه في المنطقة وخصصوها للاستخدام الحصري تقريبًا للمستوطنات.
تستخرج إسرائيل حوالي 32 مليون متر مكعب سنويًا من حفر المياه في المنطقة، معظمها مخصص لاستخدام المستوطنات. ويبلغ تخصيص المياه لنحو 10 آلاف مستوطن في المنطقة عن طريق التنقيب عن المياه ونهر الأردن ومجمعات المياه الاصطناعية نحو 45 مليون متر مكعب سنويا. يسمح هذا التوزيع للمستوطنين بتطوير الزراعة بشكل مكثف خلال الفصول الأربعة من العام. وتعادل كمية المياه المخصصة للمستوطنات ثلث المياه المتاحة لحوالي 2.5 مليون فلسطيني من سكان الضفة الغربية.
وأدت تصرفات النظام هذه إلى جفاف بعض الآبار الفلسطينية وتقليص كمية المياه التي يمكن استخراجها من الآبار والينابيع الأخرى في هذه المنطقة. بلغ إجمالي كمية المياه التي أخذها الفلسطينيون من هذه المنطقة في عام 2008، 31 مليون متر مكعب فقط، أي أقل بنسبة 44٪ من الكمية التي كان الفلسطينيون يأخذونها من هذه المنطقة قبل اتفاقيات أوسلو عام 1995. نتيجة لذلك، يضطر الفلسطينيون إلى التخلي عن أراضيهم الزراعية.
أثار التوسع الإقليمي للصهاينة في المناطق التي كانت جزءًا من الأراضي الأردنية حساسيات عامة في الأردن في السنوات الأخيرة، حيث إن الأردن فيما يتعلق بنهاية فترة الإيجار البالغة 25 عامًا لمنطقتي الباقورة والغمر في عام 2019، طالبت بعدم تجديد هذا العقد وعودته إلى السيادة الأردنية، لكن الصهاينة رفضوا، كعادتهم، قبوله بدعم الدول الغربية في تحدٍ آخر للقوانين والمؤسسات الدولية.
في غضون ذلك، فإن القضية المهمة هي أنه مع زيادة حجم عمليات المقاومة في الضفة الغربية، الآن بعد هجوم الأحد، فإن الصهاينة خائفون للغاية من الفلسطينيين في منطقة غور الأردن، فهي عمليات سيستهدف استمرارها إحدى الركائز الأساسية لاقتصاد النظام.