الوقت- تعيش ليبيا هذه الأيام على وقع خلافات سياسية بين مجلس النواب الليبي من جهة والمجلس الأعلى للدولة من جهة أخرى بشأن قوانين الانتخابات، بالإضافة إلى الصراع المفتوح بين حكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب.
ففي الآونة الأخيرة، أصدر مجلس النواب مجموعة من القرارات التي أثارت الغضب على الصعيد المحلي، أبرزها القرار الذي اتخذه في جلسة الثلاثاء، حيث أعلن فيها الناطق باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية بأغلبية أصوات 89 من أصل 113 نائباً، وقد كانت هذه الجلسة مغلقة ولم تنقل على الهواء مباشرة كالعادة.
ووقع 39 عضواً من أعضاء مجلس النواب الحاضرين لجلسة الثلاثاء، على عريضة رافضة للإجراء الأحادي المتخد من قبل رئيس المجلس، مؤكدين أنهم لم يصوتوا بالتأييد لسحب الثقة من الحكومة، وأن هذا الإجراء كان مزوراً.
كما اثار النصاب وعدد الحاضرين الكثير من الجدل. حيث قال البعض ان 113 نائبا حضروا، ووافق 89 منهم على سحب الثقة، فيما أشار آخرون إلى أن عدد الحضور كانوا بالفعل 113 نائبا لكن صوت منهم 38 ضد سحب الثقة ما يعني أن الموافقين كانوا 75 وهو أقل من عدد 86 الذي يجب أن يتم الأمر به.
وبالتالي اعتبر مراقبون أن قرار سحب الثقة مطعون فيه دستوريا، لأن النصاب القانوني لسحب الثقة من الحكومة من قبل البرلمان لم يكن كافيا، فالأغلبية التي اشترطها الإعلان الدستوري، هو وجود 121 نائبا في الجلسة وهو ما لم يحدث.
وفي وقت سابق، اعتمد رئيس مجلس النواب الليبي قانون الانتخابات الرئاسي، وقد اتهم مجموعة كبيرة من النواب المجلس بعدم التصويت عليه وقيامه بتمريره تبعاً لرأي رئاسة المجلس.
وفي جديد ردود الفعل حول تصرفات مجلس النواب، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، أنه يتوقع الوصول إلى حلّ وسط فيما يتعلق بالقوانين الانتخابية بشكل أو بآخر، مشيراً إلى رفص “الأعلى للدولة” محاولات مجلس النواب تجاوز النصوص الدستورية بعدم التشاور معهم في قوانين الانتخابات، وإبلاغهم كافة الأطراف الدولية بذلك.
وأوضح المشري أن مجلس النواب أصدر قوانين انتخابية بالمخالفة للقانون، وعطل الميزانية بالمخالفة للقانون أيضاً، مضيفاً أن قرار سحب الثقة الذي أصدره النواب شابه التزوير.
وعن قيام البرلمان بسحب الثقة من الحكومة، قال إن أي جسم جاء بالوفاق لا يمكن أن يزيل جسماً منتخباً كمجلس النواب، لكن يمكن للشعب والحكومة الضغط على الأجسام المنتخبة لتسوية أوضاعها.
ووصف المشري أداء النواب بالكارثي، مشيراً إلى أنه جلب له سخطاً شديداً وكذلك لمجلس الدولة، رغم أنهم أوفوا بكل التزاماتهم لكلا المجلسين كتُرسَيْن في ماكينة واحدة، حسب وصفه.
وكان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا قد طلب من البرلمان تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر لمدة عام على الأقل، في غياب توافق حاليا على القانون الانتخابي.
وفي سياق متصل، قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في تصريحات صحافية، الجمعة، إن مجلس الدولة لم يضمّن في الإعلان الدستوري، وهو الدستور حتى الآن؛ أي أنه غير موجود، فالتشاور معه إذاً هو لمصلحة الوطن فحسب .
وتابع عقيلة أن “التشاورات مع مجلس الدولة مستمرة لكنها لم تنجح، وهو ما اتضح لنا في ملف المناصب السيادية في بوزنيقة، حيث أرسلنا الملفات لمجلس الدولة منذ 3 أشهر ولم يردّ علينا حتى الآن”.
وأضاف أنه من الضروري إجراء الانتخابات، قائلاً: “لا نرى أي حل في ليبيا إلا عبر الانتخابات، وأخشى أن عرقلتها ستترتب عليه عواقب وخيمة وفوضى” متابعاً: “موعد الانتخابات يقترب ولا يمكن تحمل أي عرقلة في صدور القوانين بدعوى التشاور”.
بدوره قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الأحد، أنه سيطلق مبادرة من أجل الحفاظ على العملية السياسية وضمان إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في ديسمبر المقبل، وضمان شفافيتها وقبول نتائجها.
وأوضح المنفي في تغريدة عبر حسابه على تويتر إنه قد أعلن عن ذلك خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة موضحا أن التفاصيل تتمحور حول “إطلاق مبادرة ترتكز على دعوة الأطراف السياسية الفاعلة، لتيسير الوصول إلى توافق حول القاعدة الدستورية بين جميع الأطراف وقبول نتائج الانتخابات” .
وقال المنفي في تغريدته إن سبب اطلاقه لهذه المبادرة هو ضمان الحفاظ على العملية السياسية وإجراء انتخابات آمنة وشفافة ونزيهة ومقبولة النتائج .
وختم المنفي حديثه في تغريدة ثانية قائلا إنه وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق سأدعو الأطراف المعنية إلى التنازل من أجل الوطن، وعدم الترشح للانتخابات القادمة وفتح المجال لمرشحين آخرين ضمانا للوصول إلى توافق وتجنباً لأي انسداد سياسي قد يطرأ، حتى نصل بالبلاد إلى بر الأمان وحالة من الاستقرار تتيح المجال لتوافق على دستور دائم للبلاد.
وفي سياق متصل، طالب 46 عضوا في ملتقى الحوار السياسي الليبي، المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش بعقد جلسة طارئة للملتقى.
وأعلن الأعضاء في بيان، الأحد، تمسكهم بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل في ليبيا. وحذروا من "وجود تطورات خطيرة تعيق إجراء الإنتخابات في موعدها".
ودعا الأعضاء إلى عقد جلسة داخل أو خارج ليبيا لمعالجة ما يهدد خارطة الطريق الأممية و التصدي لمخاطر انهيار العملية السياسية. وجددوا، عزمهم على انقاذ ليبيا وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بموعدها.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تعيش ليبيا حالة من الفوضى والعنف الدموي والنزاعات بين قوى متنافسة في شرق البلاد وغربها. وبعد توقف القتال في صيف عام 2020 بين المعسكرين المتناحرين، تم تشكيل حكومة موحدة انتقالية بقيادة الدبيبة في مارس لقيادة المرحلة الانتقالية. ومثل تشكيل الحكومة بعد عملية سياسية رعتها الأمم المتحدة بصيص أمل بعد أن كلفت توحيد المؤسسات وإكمال الانتقال السياسي من خلال تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 24 ديسمبر.