الوقت- أكد مجلس أمن إقليم كردستان العراق سيطرة قوات البيشمركة التابعة للإقليم على بلدة (شنكال) (قضاء سنجار) بعد تحريرها بالكامل من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي. وتقع (شنكال) ذات الأغلبية الكردية في شمال غرب العراق، وهي تعد الموطن التاريخي للطائفة الإيزدية في العراق. وتسكنها أيضاً أقلية من المسيحيين الآثوريين والعرب السنة.
وتتبع (شنكال) من الناحية الادارية إلى محافظة نينوى وتبعد 140 كم عن مركز المحافظة (الموصل) وهي تقع إلى الغرب من إقليم كردستان العراق، وتعد من المناطق المتنازع عليها بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد وفق المادة 140 من الدستور العراقي.
وكانت (شنكال) قد أحتلت من قبل تنظيم "داعش" الإرهابي في آب/أغسطس من العام الماضي وذلك بعد انسحاب قوات البيشمركة الكردية منها إثر سلسلة من الهجمات الانتحارية التي قام بها عناصر "داعش" والتي أدت إلى وقوع فاجعة انسانية كبيرة راح ضحيتها مئات الأكراد الإيزديين وتم خلالها أيضاً أسر الآلاف من النساء الايزيديات من قبل "داعش".
وبعد مرور عدة أشهر من الاستعدادات المكثفة تم تحرير (شنكال) من "داعش" على يد قوات البيشمركة وباقي القوات الكردية شبه العسكرية وبدعم من طيران التحالف الدولي. وحملت هذه العمليات اسم "غضب الملك طاووس".
وتم تنفيذ هذه العمليات من ثلاثة محاور وتمكنت خلالها البيشمركة من السيطرة على عدّة طرق إستراتيجية في (شنكال) والمناطق المحيطة بها حسبما أكد عدد من قادة البيشمركة الذين أشاروا إلى ان قواتهم أرغموا عناصر "داعش" على الهرب من هذه المنطقة خلال هذه العمليات.
وذكر المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لإدارة التحالف الدولي (بريت مكورك) ان طيران التحالف شن أكثر من 40 غارة على (شنكال) قبل البدء بتحريرها من قبل قوات البيشمركة، مشيراً إلى ان هذه الغارات أدت إلى مقتل 70 عنصراً من "داعش".
وفور تحرير (شنكال) عقد رئيس إقليم كردستان العراق والقائد العام لقوات البيشمركة مسعود بارزاني مؤتمراً صحفياً على سفح أحد الجبال المطلة على هذه البلدة، وهنّأ الأكراد وخصوصاً الإيزديين بهذا الانجاز الكبير، قائلاً "لن نسمح برفع أي علم في (شنكال) سوى علم إقليم كردستان"، فيما أعلن نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان في تصريح صحفي "أن حكومة الإقليم ستسعى لتأمين كافة الخدمات والمستلزمات لإعادة الحياة إلى (شنكال) ومناطقها والعمل بأقرب فرصة على تحويلها إلى محافظة تابعة للإقليم بعد الاتفاق مع الحكومة المركزية في العراق".
الاهمية الإستراتيجية لتحرير (شنكال)
1 - قطع الاتصال بين مدينتي الموصل العراقية والرقّة السورية اللتين يسيطر عليهما تنظيم "داعش" الإرهابي. وهذا سيؤدي بالتالي إلى تضييق الخناق على هذا التنظيم ويحول دون تمكن عناصره من التنقل أو نقل الأسلحة والمعدات بين المدينتين.
2 - بعد تحرير (شنكال) من قبل أكراد العراق وسيطرة أكراد سوريا على مناطق مهمة في شمال شرق هذا البلد وتحريرها من عناصر "داعش" سيواجه هذا التنظيم الإرهابي أوضاعاً صعبة، وسيمهد ذلك الأرضية لتحرير مدينة الموصل وباقي المناطق التي يسيطر عليها هذا التنظيم.
3 - محاصرة "داعش" في المنطقة الواقعة بين الحدود الشمالية الغربية العراقية والحدود الشمالية الشرقية السورية، وهذا الأمر سيهيئ بدوره الظروف المناسبة لتحرير مدينتي الموصل العراقية والرقّة السورية، وسيشكل ذلك ضربة قاصمة لهذا التنظيم الإرهابي.
4 - تحرير شنكال (سنجار) من عناصر "داعش" سيقلص من حجم الانتقادات الموجهة إلى قوات البيشمركة خصوصاً التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني والتي أُتهمت بالتقصير في إحتلال (شنكال) من قبل "داعش".
ووصفت الكثير من وسائل الاعلام الغربية والإقليمية عملية تحرير (شنكال) بالمهمة والإستراتيجية، مشيرة إلى أن أكثر من 600 عنصر من "داعش" كانوا داخل (شنكال) قبل تحريرها وكانت مهمتهم تفخيخ المدينة.
وذكرت هذه المصادر ان (شنكال) تعد رمزاً تاريخياً للأكراد الإيزديين من الناحية المذهبية، مشيرة كذلك إلى انها المنطقة الكردية الوحيدة المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد والتي كانت تقع خارج سيطرة الاقليم.
من جانب آخر اعتبر الكثير من المراقبين بأن تحرير (شنكال) من قبل البيشمركة سيثير من جديد أزمة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد وقد يؤدي ذلك إلى تأزيم الاوضاع أكثر من السابق بين الجانبين، حيث يعتقد هؤلاء المراقبون أن الأكراد لن يتركوا بسهولة إدارة (شنكال) للحكومة المركزية العراقية.
وتشير بعض التقارير إلى أن قوات حزب العمال الكردستاني الـ (ب. ك. ك) سارعت إلى مساعدة أهالي (شنكال) وسعت إلى نشر عناصرها وتفعيل نشاطاتها السياسية في هذه المدينة بعد تحريرها من قبل البيشمركة، وهذا الأمر لا يروق بالتأكيد لقيادة إقليم كردستان العراق لأنها تعتقد أن ذلك سيؤدي إلى إضعاف موقفها السياسي في أوساط الأكراد الإيزديين.
ختاماً ونظراً للصراع التاريخي بين إقليم كردستان العراق (خصوصاً الحزب الديمقراطي الكردستاني) وحزب العمال الكردستاني يرجح المراقبون أن تتصاعد حدّة التوتر بين الجانبين في المستقبل القريب.