الوقت- خلال الأسبوع الماضي، اجتاحت موجة من الاضطرابات وانعدام الأمن أنحاء العراق. فمن جهة، ازدادت تحركات الجماعات الإرهابية، ومن جهة أخرى ازدادت الهجمات على مواقع القوات العسكرية في مناطق متفرقة من العراق، بسبب تقاعس الحكومة عن طرد قوات الاحتلال الأمريكية.
إن الهجوم بالقرب من مرقد الكاظمين والهجوم علی مواقع الأمريكيين الإرهابيين في قاعدة عين الأسد، أعاد مجدداً موضوع الأمن العراقي إلى محط اهتمام الإعلام والتيارات السياسية.
وسط النقاشات حول انعدام الأمن في العراق، کان هناك انتقاد واسع النطاق لأداء مجلس الوزراء، تركز الانتقادات على أن الحكومة تميل إلى التعاون مع المحتلين بدلاً من التركيز على مهمتها الرئيسية المتمثلة في الحفاظ على الأمن القومي.
الاعتداء على مرقد الكاظمين والضعف الأمني
أفادت وسائل إعلام عراقية، مساء الخميس الماضي، بانفجار قرب مرقد الكاظمين (ع)، أسفر عن استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة ما لا يقل عن 23 شخصاً.
قيل في البداية إن السبب هو انفجار عبوة غاز بالقرب من مطعم في هذه المدينة، لكن تنظيم داعش الإرهابي تبنى بعد ذلك المسؤولية عن الانفجار. وبالأمس أيضًا - الأحد الماضي- أفادت بعض المصادر الإعلامية باعتقال عناصر من التنظيم الإرهابي المسؤول عن الانفجار.
وفي هذا الصدد، أفادت وزارة الداخلية العراقية باعتقال عصابة على صلة بهذا الهجوم الإرهابي. وبحسب التقرير، تمكن فريق خاص من وكالة المخابرات العراقية من اعتقال مشتبه به من الدرجة الأولى في الانفجار بعد أقل من يوم على الحادث، وقد اتضح أن هذا المتهم تابع لوزارة الداخلية وهو من القوات الخاصة المساندة لأمن مدينة الكاظمين.
واعترف هذا الشخص بالتدخل في تسهيل تسليم المتفجرات إلى مكان الحادث، وكذلك مراقبة المنطقة وتوفير المعلومات لشبكة داعش المتورطة في الانفجار. وقد أدت اعترافات هذا العنصر الأمني العراقي إلى اعتقال متهم آخر، واعتقال أحد أعضاء هذه الشبكة من قبل قوات جهاز الأمن الوطني العراقي.
ومع ذلك، أدى هذا الحادث الإرهابي الآن إلى نشر الأجواء الأمنية في مدينة الكاظمين، وتعرض تحرك الحكومة في مواجهة هذا الحادث لانتقادات شديدة من التيارات السياسية العراقية.
وفي هذا الصدد، كتب "أكرم الكعبي" الأمين العام لحركة النجباء العراقية، في تغريدة على تويتر ردًا على الهجوم الإرهابي الأخير في مدينة الكاظمية العراقية، قائلاً إن الانفجار كان ناجمًا عن اختراق كبير، وأن الحكومة يجب أن تتحمل المسؤولية.
وأکد الكعبي أننا "نعرب عن استيائنا الشديد من الإهمال في دعم المواطنين والمقدسات، وخاصةً في المناطق التي يجب أن تكون آمنةً تماماً".
وأضاف "كان هناك قدر كبير من الاختراق، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في هذه القضية المهمة. وخاصةً أن هناك معلومات تفيد بأن تنظيم داعش الإرهابي مستعد لمهاجمة بعض المناطق في العراق من أجل استهداف الأبرياء."
هجوم بطائرات مسيرة على قاعدة عين الأسد
تزامناً مع الهجوم الإرهابي علی مدينة الكاظمين، ترددت أنباء عن هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة عين الأسد نفذته قوات المقاومة المناوئة للولايات المتحدة صباح الأحد الماضي.
حتى قبل الضربة الجوية، أفاد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق بإطلاق صاروخ على القاعدة، قائلاً إنه لم يسفر عن وقوع إصابات، وسقط بالقرب من مركز الدعم الدبلوماسي للتحالف في العاصمة العراقية بغداد.
لكن تنفيذ هذا الهجوم في الأساس ليس بأي حال من الأحوال قضيةً جديدةً وقد تم القيام به عدة مرات في الماضي، لكن نشر التقارير المتعلقة بإسقاط القوات الأمريكية لطائرتين من دون طيار أصبحت قضيةً مهمةً وملحوظةً.
وبحسب وكالة المعلومات الأمنية العراقية، فإن "منظومة الدفاع الجوي في قاعدة عين الأسد الجوية بمحافظة الأنبار، أسقطت طائرتين من دون طيار في الساعات الأولى من صباح اليوم(الأحد، 00:30 بتوقيت العراق).
لكن الأدلة تشير الآن إلى أن الأمريكيين كانوا على علم بالضربة الجوية بالطائرات من دون طيار على قاعدة عين الأسد. وفي هذا الصدد، قال مصدر عراقي لم يذكر اسمه لموقع "روسيا اليوم" الإخباري، إن القوات الأمريكية کانت لديها معلومات عن هجوم على قاعدة عين الأسد في غرب العراق الليلة الماضية.
وبحسب المصدر العراقي، فقد وصلت معلومات إلى القوات الأمريكية قبل ساعات قليلة من الهجوم، وهم كانوا بدورهم مستعدين لمواجهة طائرتين من دون طيار وإسقاطهما.
لا شك في أن الاحتكاك بين وجهات نظر المقاومة العراقية وحكومة الكاظمي آخذ في الازدياد. حيث اعتُقل الأسبوع الماضي قاسم محمود مصلح، أحد قادة الحشد الشعبي في محافظة الأنبار، بناءً على أوامر الكاظمي بتهمة التورط في اغتيالات سياسية في العراق.
وكان بعض القادة قد اعتُقلوا في السابق بتهم ملفقة أيضًا، لكن أُطلق سراحهم لاحقًا لأن الحكومة أخفقت في إثبات مزاعمها.
وفي حين أن المستفيدين الرئيسيين من زيادة الضغط علی الحشد الشعبي هم القوات الأمريكية وداعش، إلا أن قوات الأمن العراقية، من خلال إلقاء القبض على قيادات الحشد، ضيقت الخناق عملياً علی الجماعات والأحزاب التي تدعم الحشد الشعبي.
ضلال الحكومة ودور الولايات المتحدة في تعزيز داعش
أثارت أنباء علم القوات الأمريكية بالضربة على قاعدة عين الأسد بالطائرات من دون طيار، الشكوك في أن بعض المصادر الحكومية ربما تكون قد سربت مثل هذه المعلومات إلى الإرهابيين الأمريكيين المحتلين، لکن اللافت في هذه القضية هو أن هذا الحادث وقع قبل أيام قليلة من وقوع انفجار بالقرب من ضريح الكاظمين(ع)، وأعلن إرهابيو داعش مسؤوليتهم عنه.
وفي مثل هذه الأجواء، يمكن الآن طرح ثلاث قضايا جادة. أولاً، بدلاً من التركيز على مهمتها الأساسية في محاربة الجماعات الإرهابية، وخاصةً تحديد ومواجهة تحركات شبكات داعش السرية بين المجتمع وحتى الجيش والحكومة، تتجه الحكومة العراقية في خطوة غير مبررة نحو التعاون الأمني مع الإرهابيين الأمريكيين والتعارض مع مصالح الشعب العراقي، الذي يريد تطبيق قانون طرد القوات الأجنبية من البلاد.
والمسألة الثانية التي يمكن طرحها هي أن تصرفات جزء من الحكومة العراقية في اتجاه التعاون الاستخباراتي والعسكري مع الإرهابيين الأمريكيين هي ضد الإرادة العامة للمواطنين العراقيين.
على مدى السنوات القليلة الماضية، كان طلب طرد الإرهابيين الأمريكيين في صميم مطالب المواطنين العراقيين، وكانت الحكومة دائمًا مترددةً في تنفيذ هذا القانون الذي أقره البرلمان.
وفي المستوى الثالث، هناك أدلة على أن جزءًا من الحكومة غافل عن حقيقة أن الأمريكيين لعبوا دورًا رئيسيًا في ظهور وتقوية ودعم الخلايا السرية لداعش في العراق، والحادث الإرهابي في مدينة الكاظمية هو أيضاً مؤامرة جديدة منهم لزيادة انعدام الأمن في العراق، من أجل تمهيد الطريق للبقاء في هذا البلد.