الوقت- أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الولايات المتحدة تشعر بقلق متزايد إزاء تصاعد وتيرة الهجمات بواسطة طائرات مسيرة صغيرة على مواقعها في العراق. ونقلت الصحيفة يوم الجمعة الماضي عن مسؤولين أمريكيين أن جماعات مسلحة معارضة لواشنطن شنت خلال الشهرين الماضيين ثلاث هجمات على الأقل بطائرات مفخخة تحت غطاء الليل على قواعد عسكرية تستخدمها الولايات المتحدة لتنفيذ عمليات خاصة.
ضربات الطائرات من دون طيار على مقرات وكالة المخابرات المركزية والقيادة المركزية الأمريكية
وأوضحت الصحيفة، نقلا عن ثلاثة مسؤولين مطلعين، أن الهجوم الأول استهدف قبل منتصف ليل 13 على 14 أبريل حظيرة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في مطار أربيل. وسبق أن أفادت الصحيفة بأن هذا الهجوم، على الرغم من عدم وقوع إصابات بشرية من جراءه، استدعى قلقا بالغا لدى البيت الأبيض والبنتاغون. وفي فجر الثامن من مايو، استهدفت طائرة مسيرة أخرى قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار والتي تستخدمها الولايات المتحدة لتشغيل طائرات مسيرة قتالية من طراز "إم كيو-9 ريبر". وأكد المتحدث باسم التحالف الدولي واين ماروتو أن هذا الهجوم لم يسفر عن وقوع إصابات لكنه ألحق ضررا بحظيرة طائرات. وبعد ثلاثة أيام، ضربت طائرة مسيرة مطارا في ناحية حرير شمالي أربيل تستخدمه قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية. وأفادت "نيويورك تايمز" بأن هذا الهجوم لم يخلف إصابات أو أضرارا لكنه زاد من قلق المسؤولين في التحالف. وأكد ثلاثة مسؤولين أمريكيين للصحيفة العثور على أجزاء من حطام كل الطائرات المسيرة تلك، قائلين إن التحليل الأولي كشف أنها إيرانية الصنع أو تعتمد على تكنولوجيات منتجة في إيران.
وأوضح المسؤولون أن هذه الطائرات المسيرة تتجاوز من حيث الحجم "درونات" مدنية عادية، لكنها أقل من "ريبر"، مشيرين إلى أن تلك الطائرات الجديدة تستطيع، حسب المحللين العسكريين، نقل ما بين 10 و60 رطلا (4.5-27 كيلوغراما) من المتفجرات. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الطائرات المسيرة تحلق على ارتفاعات منخفضة ما يمنع المنظومات الدفاعية من رصدها. وحمّل الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية ومسؤول كبير معني بالسياسات في الشرق الأوسط ضمن البنتاغون، "مايكل بي مالروي"، فيلق القدس الإيراني المسؤولية عن تزويد الفصائل في العراق بتكنولوجيات الطائرات المسيرة، وحذر من أن "الدرونات" تزداد تطورا على الرغم من تكلفتها المنخفضة نسبيا، واصفا إياها بأنها "أحد أخطر التهديدات التي تواجهها قواتنا هناك".
وحسب البيانات الرسمية التي نشرتها الاستخبارات الأمريكية في أبريل الماضي، شنت الفصائل العراقية منذ أواخر عام 2019 أكثر من 300 هجوم على مصالح الولايات المتحدة في العراق، ما أسفر عن مقتل أربعة مواطنين أمريكيين و25 شخصا من مواطني دول أخرى معظمهم عراقيون. كما أفاد تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، بأن الولايات المتحدة تكافح مع التهديد السريع والمتطور من الطائرات المسلحة بدون طيار والتي تسببت في ضرب بعضا من اكثر الاهداف الامريكية حساسية في هجمات تمكنت من التهرب من الدفاعات الجوية الامريكية . وذكر التقرير، أن "الطائرات المسيرة تمكنت على الاقل خلال الشهرين الماضيين من اصابة الاهداف الامريكية في هجمات ليلية بما في ذلك قواعد تستخدمها وكالة المخابرات المركزية. ووحدات العمليات الخاصة الأمريكية".
واضاف.. إن "قائد القيادة المركزية الامريكية الجنرال كينيث ماكنزي كان قد صرح في وقت سابق بأن الطائرات من دون طيار تشكل تهديدًا خطيرًا وأن الجيش كان يسارع إلى ابتكار طرق لمكافحتها"، فيما قال ضابط وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية "مايكل ب. مولروي"، إنه "مع التكنولوجيا الحديثة أصبحت الطائرات من دون طيار أكثر تطوراً وبتكلفة منخفضة نسبيًا"، مضيفا إن "الطائرات من دون طيار صفقة كبيرة ، ومن أهم التهديدات التي تواجه جنودنا هناك". وتابع، إنه "ومنذ اواخر عام 2019 نفذت فصائل المقاومة العراقية اكثر من 300 هجوم على المصالح الامريكية ما اسفر عن مقتل اربعة امريكيين و 25 آخرين من جنسيات مختلفة، فيما لا توجد تقارير عن اعداد الجرحى لدى الطرفين".
واوضح التقرير، أن الدقة المتزايدة لضربات الطائرات من دون طيار هذا العام تشير إلى تصعيد جديد عن هجمات صواريخ الكاتيوشا الأكثر شيوعًا والتي اعتبرها المسؤولون الأمريكيون مضايقات، و في المقابل، يقول بعض المحللين الامريكيين إن الهجمات تستهدف الآن مواقع حساسة و حتى حظائر طائرات محددة ، حيث تتمركز طائرات بدون طيار مسلحة متطورة من طراز( MQ-9 Reaper ) وطائرات استطلاع توربينية يديرها المقاول في محاولة لتعطيل أو شل قدرة الاستطلاع الأمريكية الحاسمة في العراق. وقال مسؤولون إنه "بينما أقامت الولايات المتحدة دفاعات لمواجهة الصواريخ والمدفعية وأنظمة المورتر في منشآت في العراق، فإن الطائرات المسلحة من دون طيار تحلق على ارتفاع منخفض للغاية بحيث لا يمكن لتلك الدفاعات اكتشافها".
واشار التقرير الى أنه "في الرابع عشر من نيسان الماضي استهدفت غارة بطائرة بدون طيار حظيرة طائرات وكالة المخابرات المركزية داخل مجمع المطار في مدينة أربيل شمال العراق، وعلى الرغم من انه لم ترد أنباء عن إصابة أي شخص في الهجوم، لكنه أثار قلق مسؤولي البنتاغون والبيت الأبيض بسبب الطبيعة السرية للمنشأة وتعقيد الضربة، كما ضربت في شهر ايار الماضي طائرة بدون طيار أخرى بعد منتصف الليل بقليل في مطار حرير ، شمال أربيل ، يستخدم من قبل العمليات الخاصة المشتركة السرية للغاية للجيش الامريكي ". ومن جانبه قال "مايكل بريجينت"، زميل بارز في معهد هدسون وضابط مخابرات أمريكي سابق منتشر في العراق إنها "طريقة ناجحة للغاية للهجوم، حيث تتيح هذه الهجمات أن تنطلق من مناطق خارج الوجود العسكري الأمريكي في العراق"، مضيفا إن "المراقبة عبر الأقمار الصناعية، بطبيعتها، يمكن استخدامها لتغطية أجزاء أخرى من العراق فقط لفترات محدودة ولا يمكنها تتبع الأهداف المتحركة".
تاريخ الهجمات على القواعد الأمريكية
جاء في هذا المقال أيضا أن "إيران وحلفاءها على خلاف مع القوات الأمريكية منذ عام 2003 أثناء احتلال العراق. ومنذ مطلع عام 2019، أطلقت المقاومة العراقية أكثر من 300 صاروخ على قواعد عسكرية أمريكية، منها قاعدة عين الأسد والسفارة الأمريكية في بغداد ومطار أربيل ومطار حرير ومعسكر فيكتوريا في مطار بغداد. ولقد أسفرت الهجمات عن مقتل أربعة جنود أمريكيين و 25 من جنسيات أخرى، مما أجبر القوات الأمريكية على إخلاء بعض قواعدها والتركيز على القواعد الرئيسية". لقد انتهجت الميليشيات العراقية مؤخراً تكتيكاً جديداً معتمدة على ضربات الطائرات من دون طيار بهدف استهداف دقيق لأهداف مثل الطائرات القتالية من دون طيار مثل "MQ9"، والتي استخدمت في عملية اغتيال الشهيد "قاسم سليماني، وهذه الاستراتيجية تختلف عن هجمات العامين الماضيين، والتي تم تنفيذها بشكل أساسي من خلال إطلاق صواريخ كاتيوشا صغيرة عيار 107 ملم والتي لم تكن دقيقة وفعالة للغاية.
طائرة انتحارية مجهولة من دون طيار محطمة في منطقة بجنوب العراق
نشر الجيش الأمريكي أنظمة دفاعية مثل نظام C-RAM للدفاع عن قواعده من الهجمات الصاروخية والمدفعية وقذائف الهاون، لكن حجم هذه الطائرات من دون طيار الهجومية صغيرة جدا بما يكفي لعدم اكتشافها واعتراضها من قبل ذلك النظام الأمريكي.
نظام الدفاع C-RAM
في منتصف ليل 14 نيسان من هذا العام، استهدف طائرة انتحارية حظيرة طائرات مملوكة لوكالة "السي آي إيه" الأمريكية في مطار أربيل، وهو ما أكدته مصادر أمنية أمريكية رسمية. ووفق البنتاغون، فإن الهجوم لم يسفر عن أي إصابات، ولكن نظرًا لطبيعة الهدف وتعقيد العملية، فقد كانت هذه العملية بمثابة تحذيرًا للجيش والأجهزة الأمنية في البلاد.
صورة أقمار صناعية للمقر الرئيس المستهدف لوكالة المخابرات المركزية في أربيل
في الساعات الأولى من صباح 8 أيار الماضي، نفذت طائرات مسيرة غارة مماثلة على قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار. وهذه القاعدة هي المقر الرئيسي للقوات الجوية الأمريكية ومركز عمليات الطائرات من دون طيار الهجومية مثل MQ9 Reaper و MQ1-C Gray Eagle. ووفق الناطق باسم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الكولونيل "واين ماروتو"، فإن الهجوم لم يسفر عن أي إصابات، لكنه استهدف وألحق أضرارًا في حظيرة الطائرات في القاعدة. وبعد ثلاثة أيام فقط، وفي منتصف ليل 11 أيار الماضي، استهدفت طائرة مسيرة انتحارية المبنى المركزي لقاعدة الحرير الجوية شمال شرق أربيل. وتُعرف قاعدة الحرير باسم مركز العمليات الخاصة للجيش الأمريكي في العراق، وعلى الرغم من أن هذا الهجوم لم يُسفر عن وقوع إصابات في صفوف القوات الأمريكية، إلا أن المخاوف من استمرار مثل هذه الهجمات تضاعف في صفوف القوات الأمريكية.
صورة من الأقمار الاصطناعية لانتشار منظومة الدفاع "باتريوت" في اربيل
في الساعات الأولى من يوم 6 يونيو (هذا الشهر)، استهدفت طائرتان انتحاريتان من دون طيار قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار العراقية، لكن لا يوجد تقرير دقيق عن آثار الهجوم والأضرار المحتملة. وعلى عكس الهجمات الصاروخية السابقة، في الحالات الأخيرة التي نفذتها طائرات من دون طيار، لم تعلن الجماعات والفصائل العراقية مسؤوليتها عن الهجمات، ما أثار الشكوك حول أن إيران وراء تلك الهجمات.