الوقت- منذ الـ 25 نوفمبر من هذا العام، واجه مسار نقل المواد البترولية من الموانئ الغربية للسعودية الواقعة على ساحل البحر الأحمر إلى المحافظات الجنوبية من البلاد العديد من الهجمات وانعدام الأمن بشكل غير مسبوق في تلك الموانئ. ولقد أدت تلك الهجمات، التي لم تعلن أي جماعة أو دولة مسؤوليتها عنها حتى الآن، إلى حدوث أضرار بالغة في ما لا يقل عن ثلاث ناقلات نفطية مستأجرة للسعودية كانت تقوم بنقل المنتجات البترولية المنتجة في مصافي شرق البلاد من ميناء "ينبع" إلى موانئ جنوبية مثل ميناء جدة والشقيق.
وفي الهجوم الأول الذي وقع في الـ 25 من تشرين الثاني الماضي، كانت ناقلة النفط اليونانية "أغراري" تنقل الوقود من ميناء "ينبع" إلى محطة كهرباء ميناء الشقيق" جنوبي البلاد، وأصيبت بلغم أرضي عند مدخل الميناء وتضررت بشكل كبير. ولقد جاء هذا الهجوم بعد يومين من سقوط صاروخ على خزان وقود في ميناء جدة السعودي. ولقد أعلنت السعودية أن الناقلة اليونانية لم تتعرض لأضرار بالغة وأنها ستدخل عملية الإصلاح.
صورة للناقلة اليونانية عند مدخل ميناء الشقيق السعودي
وفي الهجوم الثاني، أفادت وسائل إعلام عالمية، صباح يوم الـ 14 من كانون الأول، بحدوث انفجار في ميناء جدة على الساحل الغربي للسعودية. ووفق المعلومات الصادرة عن وزارة الطاقة السعودية، فقد تعرضت سفينة الشحن "BW_Rhine" التابعة لشركة "هافنيا" السنغافورية لهجوم من قبل مجموعة مجهولة واشتعلت فيها النيران. ووفقا للعديد من التقارير الاخبارية، ففي الساعة الـ 4 فجراً من صباح يوم الـ 14 من كانون الأول الماضي، كانت ناقلة النفط السنغافورية تفرغ شحنة من الديزل تم تحميلها من ميناء "ينبع" في ميناء جدة، وفي ذلك اليوم تم استهدافها بزورق انتحاري مجهول ولقد تعرضت هذه الناقلة لأضرار بالغة ومن المحتمل أنه لن يتم اصلاحها قريباً. ولفتت تلك التقارير إلى أن مسؤولي النظام السعودي القوا باللوم في هذا الانفجار الذي حدث للناقلة باستخدام زورق انتحاري، ووجهوا أصابع الاتهام إلى جماعة "أنصار الله" اليمنية، لكن حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء نفت هذه المزاعم معتبرة أنها لا أساس لها من الصحة. وأشار مصدر ميداني يتابع التطورات في اليمن عن كثب إلى تفاصيل وكواليس السيناريو السعودي لاتهام صنعاء وقال: "لقد جاءت هذه المزاعم السعودية بعدما تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيق الكثير من الانتصارات خلال الفترة الماضية في العديد من محاور القتال ضد قوات ومرتزقة تحالف العدوان السعودي".
وأعرب المصدر قائلا: "المسؤولون اليمنيون على دراية بهذا التكتيك السعودي ولقد واجهوا سيناريوهات مماثلة في الماضي. وفي البداية أعلنوا أنهم لم يتدخلوا في الهجوم على السفينة التي تحمل وقوداً وقالوا بأنهم لو قاموا بعملية عسكرية ضد الرياض فلن يخيفهم شيء للإعلان عنها وتقبل المسؤولية". وأشار المصدر الميداني إلى الهدف الأساسي للنظام السعودي من هذا السيناريو الأخير، وقال: "لا ينبغي أن نتفاجأ إذا تكررت هجمات مماثلة في الأيام المقبلة على الشواطئ السعودية أو المنشآت النفطية، لأن السعوديين يحاولون التوصل إلى إجماع ضد قوات صنعاء وتوجيه أصابع الاتهام إليهم لتأليب المجتمع الدولي عليهم ووضع حركة أنصار الله في قائمة الجماعات الإرهابية". وأشار هذا المصدر الميداني، إلى أن السعوديين يحاولون استغلال الأيام الأخيرة من رئاسة "ترامب"، وأضاف قائلاً: "الرياض تنوي الضغط على قادة البيت الأبيض بدولارات النفط وجماعات الضغط السياسية قبل أن يتولى بايدن منصبه لوضع حركة أنصار الله على قائمة الجماعات الإرهابية".
وعلى هذا المنوال نفسه وفي ظل فشل السعودية في حماية موانئها البحرية، علّق "محمد الحوثي" عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، على الحادث الأخير ساخراً بالقول: "قد ندرس حماية الموانئ السعودية في حال طُلب منا ذلك، وخصوصاً مع فشل أمريكا وبريطانيا كما يبدو". وأضاف إن "الحادث إرهابي كما أعلنت السعودية، والمؤسسة الأمنية والعسكرية اليمنية لديها خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب الأمريكي وفروعه". ومن جانبه، نفى "نصر الدين عامر" وكيل وزارة الإعلام في العاصمة صنعاء، أيّ علاقة لقوات صنعاء بحادثة جدة الأخيرة. وأكد، في تصريح صحافي، أن عمليات الجيش واللجان الشعبية لن تخفى على احد، جازماً في الوقت نفسه بأن لا شيء يمنعنا من القيام بعمليات عسكرية كبيرة في العمق السعودي، وأضاف قائلا: "كل شبر من أراضي المملكة تحت مرمى ضربات قواتنا طالما استمر العدوان على أبناء الشعب اليمني".
وفي الحالة الثالثة من الهجمات على المسار البحري السعودي بالبحر الأحمر، استهدفت ناقلة نفط مرة أخرى بقذيفة هاون بحري مساء الـ 25 من كانون الأول كانت تقوم بنقل مواد بترولية من ميناء ينبع إلى جنوب السعودية ولم يتضح مستوى الضرر الذي لحق بهذه الناقلة النفطية حتى الان. وحول هذا السياق، أفادت منظمة "عمليات التجارة البحرية في بريطانيا"، بأنه تم إغلاق ميناء جدة السعودي، الذي يعد أكبر ميناء في المملكة، بعد الانفجار في ناقلة نفط بريطانية. ولقد أكد مصدر مسؤول في وزارة الطاقة السعودية، تعرض سفينة مخصصة لنقل الوقود، كانت راسية في المنطقة المُخصصة لتفريغ الوقود في جدة، في الدقائق الأولى من صباح الاثنين الماضي، لهجوم بقارب مُفخخ، نتج عنه اشتعال حريق صغير. وقال المصدر السعودي، إن "وحدات الإطفاء والسلامة تمكنت من إخماد الحريق، ولم ينجم عن الحادث أي إصابات أو خسائر في الأرواح، كما لم تلحق أي أضرار بمنشآت تفريغ الوقود، أو تأثير في إمداداته". وأكد المصدر السعودي خطورة مثل هذه الأفعال وتأثيرها المدمر على حركة الملاحة البحرية، وأمن الصادرات البترولية، وحرية التجارة العالمية، إضافة إلى تهديد السواحل والمياه الإقليمية بالتعرض لكوارث بيئية كبرى، يمكن أن تنجم عن تسرّب البترول أو المنتجات البترولية. وأوضح أن العالم بات اليوم أكثر من أي وقت مضى، في حاجة مُلحة للوقوف صفاً واحداً، ضد مثل هذه الأفعال، واتخاذ إجراءات عملية رادعة ضد جميع الجهات التي تنفذها وتدعمها.
على الرغم من أن هذه السلسلة من الهجمات واسعة النطاق وغير المسبوقة التي وقعت خلال الفترة القليلة الماضية والتي لم يتم الإعلان عن مسؤوليتها حتى الآن من قبل أي فرد أو جماعة أو دولة، إلا أنها تسببت في حالة من الذعر الشديد بين المسؤولين السعوديين وعطلت طريق عبور الوقود في البلاد إلى المحافظات الجنوبية السعودية مثل جيزان وعسير. وذلك لأن شحنات الوقود للاستهلاك الحضري والصناعي إلى جنوب السعودية تتم فقط عبر هذا المسار للبحر الأحمر، ومع استمرار هذه الهجمات، قد ترفض السفن الأجنبية التي استأجرتها حكومة "آل سعود" نقل شحنات النفط في هذا البلد وستواجه البلاد أزمة كبيرة من حيث الأمن البحري لسواحلها.