الوقت- بعد أن أضحت عملية التطبيع بين دويلة عيال زايد والكيان الإسرائيلي حقيقةً واقعة، ومضى أولئك الصبية في عملية التطبيع على قدمٍ وساق مُتجاوزين كل الخطوط الحمراء التي وضعها العرب والمُسلمون لأنفسهم، تداعى عدد من الحركات العاملة في مواجهة التطبيع إلى التأكيد على أنّ الخطوة الإماراتية هذه خرجت عن الإجماع العربي الذي تم التأكيد عليه أكثر من مرّة، لتغرد الإمارات مُنفردة ومُتناغمة مع إيقاع الكيان الإسرائيلي، وضاربةً بعرض الحائط بكل الثوابت العربية والإسلامية، مُفضلةً تطبيق الإملاءات الأمريكية علّها تستطيع الحصول على البعض الأسلحة المُتطورة لتقتل بها شعوب المنطقة أو لتصدأ في مخازنها.
مقاومة شعبيّة
كُثيرات هُنَّ الحركات اللواتي رفضن الخطوة التطبيعية الإماراتية، غير أنّ أبرز تلك الحركات كانت "الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع" والتي تأسست مع بداية التطبيع بين دولة الإمارات والكيان الإسرائيلي، حيث تشكّلت الرابطة من النشطاء الإماراتيين الرافضين للتطبيع، ولتخرج هذه الرابطة في بيانها رقم واحد مؤكدةً أن رفض الشعوب يجعل تطبيع دول عربية وخليجية مع الكيان الإسرائيلي "بلا قيمة".
وبمشاركة رموز من دول الخليج العربية أقامت ندوة حواريّة إلكترونية عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "المقاومة الشعبية الخليجية للتطبيع مع الكيان الصهيوني"، ليؤكد المُشاركون بها على حُرمة التطبيع وآثاره السّيئة على الإمارات أولاً على المدى البعيد.
الرابطة التي أنشأها عدد من الأسماء والشخصيّات البارزة في المنطقة وهم مجموعة من المثقفين والأكاديميين الإماراتيين تهدف إلى مضاعفة حجم الوعي بين صفوف المواطنين للتحذير من خطورة التعاون المتبادل مع الكيان الإسرائيلي، مؤكدة أنّ تغطية اتفاق التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بغطاء التوقف المؤقت لضم مُستوطنات الضفة الغربية من قبل الكيان الصهيوني يُعتبر فضيحة تفوق فضيحة التطبيع بحدِّ ذاتها، وأنّ مشاريع الضّم توقّفت بشكلٍ مؤقت، وليس بشكلٍ دائم، كما أنّ السؤال الذي يفرض نفسه هنا، ماذا سيكون موقف الإمارات في حال واصل الكيان تنفيذ مخططات الضّم، هل سينسحب من اتفاق التطبيع؟.
ومن أبرز الحركات الأخرى التي رفضت اتفاق التطبيع هي "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" وهي مجموعة مغربيّة، حيث أعلنت المجموعة وبشكلٍ قاطع رفضها لاتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني واصفة هذه الخطوة بـ "الخيانة الكبيرة"، مطالبة الحكومة المغربية وبكل مؤسساتها باتخاذ موقف سياسي ودبلوماسي حازم وعاجل.
وطالبت المجموعة حكومة المملكة المغربية التي ترأس لجنة القدس باتخاذ موقف يتماشى مع حجم المسؤولية المُلقاة على عاتقها، وذلك من موقع مسؤوليات المغرب في رئاسة لجنة القدس، بالإضافة إلى أنّ أيّ موقف يصدر عن الحكومة يجب أن يتماشى مع مواقف المغربيين الرافضة للتطبيع، والداعمة للقضيّة الفلسطينيّة وحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.
الـBDS
أبرز الحركات التي وقفت وبشدّة ضد اتفاق التطبيع الإماراتي كانت حركة حققت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات والمعروفة اختصاراً بـ (BDS)، حيث انتقدت هذه الحركة وبشدة في بيان لها اتفاقية التطبيع الأخيرة بين الإمارات والكيان الإسرائيلي واصفة هذا الاتفاق بـ "الخيانة"، داعية الإماراتيين إلى مقاطعة أي نشاط للكيان الإسرائيلي في بلادهم.
وقالت الحركة في بيانٍ لها ردّاً على اتفاق التطبيع إنّ المجتمع المدني الفلسطيني يقف إلى جانب الأغلبية الصامتة في الإمارات والعالم العربي في إدانة شديدة للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكام المستبدين للإمارات والكيان الإسرائيلي بدعم من البيت الأبيض في عهد ترامب، هذه هي أخطر خيانة للنظام الإماراتي للنضال من أجل تحرير الفلسطينيين وتقرير المصير.
كُثر من انتقدوا اتفاق التطبيع بين الإمارات والكيان الإسرائيلي، غير أنّ حركة (BDS)، تُشكّل منعطفاً قويّاً في الوقوف بوجه اتفاق التطبيع، لما تمتلكه الحركة من تمثيل سياسي قوي في المُجتمعات الأوروبية والأمريكية، حيث حققت الحركة تقدماً كبيراً في السنوات الأخيرة من خلال تشجيع المقاطعات الاقتصادية والأكاديمية والثقافية للكيان الإسرائيلي، وساعدت حملات المقاطعة رفيعة المستوى التي قامت بها الحركة بإقناع كبرى الشركات الدولية والمستثمرين بالتخلي عن سوق الكيان الإسرائيلي.
ويأتي بيان الحركة كضربة قاضية لاتفاق التطبيع، حيث أكدت الحركة في بيانها أنّ الإعلان عن اتفاق التطبيع تمّ بينما كان الكيان الإسرائيلي يقصف مرة أخرى قطاع غزة المحاصر والفقير ويقوم بمهاجمة الفلسطينيين العزّل في الضفة الغربية، وذلك في إشارة من الحركة إلى أنّ دويلة الإمارات لن تفعل شيئاً للحد من هجمات الكيان الإسرائيلي الوحشية على الشعب الفلسطيني.
وفي النهاية؛ تؤكد الحركة أن ادعاء النظام الإماراتي بأن ثمن انتهاكه للمبدأ المركزي للشعوب العربية المتمثل في الالتزام بالقضية الفلسطينية هو تجميد إسرائيل لخططها لضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة رسمياً هو كذب محض، حيث إنّه وبعد توقيع اتفاق التطبيع أعلن "رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو" أن خطط الضم ما زالت قائمة، لكنها تأجلت مؤقتًا للسماح بالتوصل إلى اتفاق مع ترامب حول أفضل السبل لتطبيقها.
وطالبت الحركة بالامتناع عن السفر إلى الكيان الإسرائيلي والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك المسجد الأقصى، حيث إنّ الذّهاب بموجب هذا الاتفاق أمرٌ غير أخلاقي، مُطالبةً أيضاً بعدم المشاركة في مبادرات "غسيل الأديان" والتي نتج عنها اتفاق ما يسمى "اتفاق إبراهيم".
