الوقت- منذ بدء العدوان الأمريكي على العراق عام 2003 وإلى يومنا هذا لايزال العراق يواجه تحديات أمنية وعسكرية خطيرة استدعت تشكيل العديد من الفصائل والكتائب لمواجهة المخاطر التي تحيط بالعراق والشعب العراقي، ومن بين هذه الفصائل تبرز عصائب أهل الحق التي تلعب في الوقت الراهن دوراً هاماً في محاربة تنظيم داعش الإرهابي والتصدي له.
بني حجر تأسيس "عصائب أهل الحق" عام 2004، حيث انفصل الشيخ قيس الخزعلي عن التيار الصدري وشكل مجموعة جديدة لمحاربة الأمريكيين بشكل مستقل عن التيار الصدري وجيش المهدي، وفي عام 2005 بنى الشيخ قيس الخزعلي روابط جديدة مع السيد مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، وبعدها بأقل من عام أي في 2006 أعلن الشيخ الخزعلي عن تأسيس عصائب أهل الحق، التي كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى محاربة الإحتلال الأمريكي.
استطاع الشيخ الخزعلي، الأمين العام للعصائب، أن يقود مقاتلي الفصيل ضد الإحتلال الأمريكي بشكل مستقل عن جيش المهدي، هذا بالإضافة إلى أن العصائب لاقت قبولاً جماهيرياً إذ ارتفع عدد مقاتليها من ثلاثة آلاف مقاتل عام 2007 إلى ما يزيد عن عشرة آلاف مقاتل في العام 2011، كان لهم دور كبير في محاربة الأمريكيين والتصدي لهم، حيث نفذت الحركة أكثر من 6000 عملية عسكرية ضد قوات الإحتلال الأمريكي وقوات التحالف الأخرى، ويأتي على رأس هذه العمليات خطف الخبير البريطاني بيتر مور وأربعة من مرافقيه حيث تم مبادلتهم بعدد من قادتها وعناصرها، كما تبنت العصائب الهجوم على معسكر الصقر في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2006، بالإضافة إلى الهجوم على وحدة أمن أمريكية في محافظة كربلاء وذلك في 20 يناير/كانون الثاني 2007 وأسفرت العملية عن قتل جندي أمريكي واختطاف أربعة آخرين، ومن أشهر العمليات التي تبنتها عصائب أهل الحق، اختطاف المتعهد المدني لوزارة الدفاع الأمريكية عيسى سالومي، أحد المجنسين الأمريكيين في العراق، وذلك في فبراير/شباط 2010.
بعد انسحاب الجيش الأمريكي من العراق أعلن الشيخ الخزعلي هزيمة أمريكا وأن العصائب تتحضر للالتحاق بالعملية السياسية في البلاد، وفعلاً استطاعت من خلال الانتخابات التشريعية العراقية 2014 أن تنال عدداً من المقاعد النيابية تحت مسمى "كتلة الصادقون"، واعتبرت قيادات العصائب أن المقاعد التي حصلت عليها لا تتناسب مع القاعدة الشعبية التي تحظى بها في العراق.
ورغم أن الهدف الأساسي للعصائب كان طرد الإحتلال الأمريكي، إلا أنها لعبت دوراً هاماً في التصدي لتنظيم داعش الإرهابي، ليس في العراق وحده بل في سوريا أيضاً، حيث أرسلت مقاتلين تحت مسمى لواء أبو الفضل العباس وذلك لحماية مقام السيدة زينب من المجموعات الإرهابية التي هددت بتدميره وذلك منعاً لفتنة طائفية ستجتاح المنطقة في حال تهديم المقام، وكذلك فإن للعصائب دوراً أساسياً في محاربة تنظيم داعش الإرهابي في العراق، حيث تعمل مع الجيش العراقي وتحت مظلة القانون والقوات الأمنية لتحرير المناطق من سيطرة التنظيم الإرهابي.
وفي هذا السياق تؤكد قيادات في العصائب أنها لن تترك السلاح وتضعه بيد الجيش إلا بعد القضاء على عصابات داعش الإرهابية متعهدةً "بسحق تنظيم داعش الإرهابي"، ويمكن اختصار المبنى الفكري للعصائب بتصريح الأمين العام الشيخ الخزعلي لوكالة رويترز حيث قال: "نحن نعتقد ونؤمن بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد حل الأزمة بل تريد إدارة الأزمة، إنها لا تريد إنهاء داعش بل تريد استثمار داعش من أجل تحقيق مشروعها في العراق وفي المنطقة، ومشروع الولايات المتحدة الأمريكية هو إعادة تركيب شرق أوسط جديد".
في هذه الأثناء تتعرض العصائب لاتهامات تصفها بالطائفية، في حين أن الوقائع تثبت أن هناك آلاف المقاتلين في صفوفها من المسلمين السنة، حيث أن عدد المقاتلين الذين انضموا إليها من محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار فقط قد وصل إلى حدود 20 ألف عنصر، إذ يوجد 4000 عنصراً على الأقل من محافظة الأنبار فقط، من عشائر معروفة كالجغيفة والآلوسية والبونمر والبوفهد وعلوان وغيرها من عشائر أهل السنة.
رغم كل الضغوطات التي تتعرض لها الكتائب من أطراف أجنبية تسعى للإطاحة بها من الساحة السياسية والعسكرية، إلا أن الإنجازات الأمنية المهمة التي حققتها وتحققها العصائب والتي تشكل ركيزةً أساسية لحفظ العراق وحمايته تحول دون مساعي إقصاء هذه الحركة التي باتت تحظى بقاعدة شعبية تجعلها من أهم الفصائل التي تقاتل تنظيم داعش الإرهابي في العراق والمنطقة.