الوقت- افتُتح مؤتمر إعادة إعمار العراق في الكويت يوم الاثنين 12 فبراير 2016 وانتهى يوم الأربعاء 14 فبراير 2016. وذكرت وكالة انباء ان ار تي، أن أكثر من 70 دولة وحوالي 2300 شركة دولية حاضرة في المؤتمر للمشاركة في 212 مشروعا صناعيا وتنمويا. منها 80 مشروعا يتعلق بحكومة إقليم كردستان العراق و132 مشروعا يتعلق بمناطق أخرى من العراق.
ومن الجدير بالذكر، كان من بين المشاركين كل من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي فديريكا موغريني، ووزير خارجية السعودية عادل الجبير، ووزير خارجية الامارات عبد الله بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري، ووزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة وممثلون من دول اخرى ومنظمات دولية.
وكان مؤتمر إعادة اعمار العراق المُقام في دولة الكويت قد اقيم في وقت كان فيه حيدر العبادي في الايام التي سبقت المؤتمر، قد أعلن عن حاجة العراق الى 100 مليار دولار على الأقل لبناء وإعادة إعمار المدن المتضررة الناجمة عن الحرب في البلاد.
وقال العبادي في مؤتمر إعادة إعمار العراق يوم الثلاثاء: ان "باستطاعة العراق استقطاب المستثمرين وتهئية الظروف لهم، وفي هذا الصدد تشكلت لجنة لتسهيل دخولهم وعملهم". ان ابداء هذه الملاحظات من قبل رئيس الوزراء العراقي كان بمثابة ضوء اخضر للشركات الكبيرة واستثمارات القوى الاقليمية والدولية في العراق، بيد انه خلافا للتنبؤات، كشفت التقارير ان التبرعات كانت اقل من توقعات المسؤولين العراقيين.
جمع 30 مليار دولار من المساعدات وعدم رضا المسؤولين العراقيين
ووفقا للتقديرات الأولية، فإن الحكومة العراقية كانت بحاجة إلى 80 مليار دولار كحد أدنى لإعادة إعمار ما خلفته الحرب، ولكن الحفل الختامي لمؤتمر إعادة إعمار العراق أظهر أن هذه المبالغ لم تُحصد. وأعلن وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد، أمس الأربعاء، ان الدول المشاركة في المؤتمر قد جمعت ما مجموعه 30 مليار دولار بعد ختام مؤتمر إعادة اعمار العراق في الكويت وفقا لوكالة انباء فارس.
واكد أمير الكويت أيضا في ختام اجتماع مؤتمر اعادة اعمار العراق ان بلاده والمجتمع الدولي لا يترددان في دعم العراق والتأكيد على امن البلاد، لان استقرار العراق جزء من استقرار الكويت والمنطقة. وعقب إعلان حجم التبرعات، أعلن ان وزير الخارجية العراقي ابراهيم جعفري، عن عدم ارتياحه للتبرعات وذلك في مؤتمر صحفي عقد على هامش مؤتمر اعادة اعمار العراق.
وقال الجعفري في مؤتمر صحفي "ان حجم المساعدات التي تم جمعها للعراق اقل من المبلغ المطلوب، وهذا المبلغ من المساعدات (30 مليار دولار)، على الرغم من انه سيلعب دورا في اعادة بناء الهياكل المدنية والاقتصادية للعراق، لكنه لم يكن كافيا ".
ارادة طهران القوية على تطوير التعاون مع العراق
مما لا شك فيه ان اهم جانب من جوانب مؤتمر إعادة اعمار العراق، يمكن تحديده في حضور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والوفد المرافق له.
وذكرت وكالة انباء فارس ان الوفد الإيراني طلب من جميع الاطراف المعنية والمُشاركة في هذا المؤتمر، ان تضع جانبا أية اهداف سياسية ضيقة الأفق وأي شروط جيوبوليتيكية، والتركيز على الإعمار والتقدم، الذي سيصب في النهاية لصالح جميع المطالبين بتحقيق الاستقرار في المنطقة وخارجها.
كما تم التأكيد في هذه الكلمة: "إن إيران حريصة على مساعدة الشعب والحكومة العراقية بوجود دولة مستقرة ومتقدمة ضمن حدودها. يجب على جميع الجهات الفاعلة التي تشعر بالمسؤولية أن تعالج التنوع السياسي والثقافي للعراق وأن تعمل على تعزيز توافق وطني في هذا البلد باعتباره أهم شرط مسبق للنجاح في إعادة إعمار العراق ".
وعلى مستوى آخر، اجتمع وزير خارجية إيران برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الثلاثاء 14 فبراير / شباط 2018. وقال محمد جواد ظريف: " ان إيران كما وقفت الى جانب الحكومة والشعب العراقي في محاربة الارهابيين، فأنها ايضا لن تدخر جهدا في التعاون والمشاركة مع الحكومة العراقية في اعادة اعمار العراق. واضاف: نعتبر العراق شريكا سياسيا واقتصاديا مهما بالنسبة لإيران.
واعتبر مشاركة الشركات الايرانية في عملية اعادة اعمار العراق وتنفيذ المشاريع العمرانية بانه امر يحظى بالأهمية ويستحق التقدير. وفي هذا اللقاء تابع وزير الخارجية قائلا: نظرا لرغبة المؤسسات الاقتصادية والتجارية الايرانية بالتواجد في العراق، فأننا نأمل بإيجاد قفزة كبيرة في حجم العلاقات خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وتُظهر هذه التصريحات أن إيران، كما في جميع السنوات التي تلت عام 2003، لن تدخر جهدا في دعم الحكومة العراقية والشعب العراقي، وهي مصممة على توسيع علاقاتها مع العراق.
الاستثمار، حصان طروادة النفوذ في العراق
واضافة إلى إيران، يمكن رؤية جانب هام آخر من جوانب الاستثمار والمساهمة في إعادة إعمار العراق، وهو ما يتعلق ببلدان منطقة غرب آسيا. ووفقا للتقارير التي نشرت في يوم اختتام المؤتمر، فقد أعلن وزير الخارجية التركي جاويش اوغلو ان بلاده اعدت 5 مليارات دولار في شكل قروض ومشروعات تنموية لعراق ما بعد الحرب.
كما أعلنت المملكة العربية السعودية أنها "قررت تخصيص مليار دولار في العراق لمشاريع استثمارية فضلا عن 500 مليون دولار لدعم قطاع التصدير في البلاد. كما قدمت قطر مليار دولار الى العراق على شكل قروض واستثمارات.
وقد وعدت الامارات العربية المتحدة بتقديم 500 مليون دولار بشكل استثمار ومساعدة للعراق. وقبل ذلك، أعلنت الكويت، التي استضافت المؤتمر وأطلقت هذه المبادرة، أنها ستخصص ما يقرب من ملياري دولار للحكومة العراقية لمشاريع البناء وإعادة الاعمار في شكل منح وقروض.
على الرغم من أن هذا الحجم من المساعدات ملحوظ وكبير إلى حد ما، ولكن ينبغي أيضا الأخذ بعين الاعتبار الكواليس التي تجري خلف الستار. والحقيقة أن العديد من البلدان تسعى من خلال الاستثمار في العراق، إلى توسيع نفوذها السياسي في البلاد، إضافة الى المكاسب والفوائد الاقتصادية. فعلى سبيل المثال، يحاول السعوديون ترغيب العراق الى العالم العربي وإقامة علاقات وثيقة مع الدول العربية من خلال تقديم وعود مالية ضخمة.
لا شك أن الهدف الرئيسي للسعوديين وحلفائهم العرب الآخرين من تقديم مساعدات ضخمة للحكومة العراقية هو ابعاد بغداد عن إيران. في الواقع، إنهم يعتزمون التلويح الى الحكومة المركزية العراقية بأن الدول العربية هي التي ساهمت في إعادة إعمار العراق، وبالتالي يجب على مسؤولي البلاد إيلاء المزيد من الاهتمام للعالم العربي.