الوقت- ربما لم يخطر على بال الوزير الألماني السابق جوزيف جوبلز، مهندس ماكينة الدعاية الألمانية لمصلحة النازية، أن تتحول أحدى مقولاته "اكذب حتى يصدقك الناس"الى استراتيجة عامة لوسائل الاعلام الخليجية في القرن الحالي، حتى بات وجود قناة تلفزيونية مستعدة لتنفيذ أجندات الممول، أمراً ضروري و من أسياسيات دول البترودولار لكسب دور اقليمي سياسي يماثل دورها المالي والاقتصادي.
وتحولت القنوات التلفزيونية الى دور وزارات إعلام موازية للدول الداعمة لها، فالجزيرة تتحدث باسم قطر والعربية تتحدث عن السعودية، وفي الإمارات فإن أسطولاً من القنوات الفضائية العربية أو المصرية أو المستعربة كـ "سكاي نيوز" مثلت اللسان الناطق لدولة الإمارات.
وعلى الرغم من أن الدور الكبير لوسائل الاعلام استفاقت اليه الامارات مؤخرا، الا أن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد أدرك في نهاية المطاف أهمية الاعلام كسلاح ذو تأثير نوعي ودوره في الحرب الناعمة فقام بانشاء عشرات المواقع الالكترونية التابعة لأبو ظبي، كذلك دعم العديد من الصحف العربية وأغدق عليها ملايين الدولارات وجنّد عشرات الأقلام الصحفية لخدمة أجنداته الشخصية، وصولا الى انشاء ودعم قناة سكاي نيوز عربية التي تملكها شركة أبوظبي للاستثمار الإعلامي وشركة سكاي البريطانية، وعلى خطى قناة الجزيزة القطرية وقناة العربية السعودية سارت سكاي نيوز الاماراتية، والتي سرعان ما وقعت بنفس حفرة أخواتها الخليجات بعد العزف على الوتر الطائفي، ولكن لسوء حظها فقد افتضح زيف القناة مبكراً وخسرت مصداقيتها قبل حتى ان تكتسبها.
فأقنعة القنوات الخليجیة بدأت تتساقط الواحد تلو الآخر منذ عام 2010، أيّ منذ فترة ما سميّ انذاك بثورة "الربيع العربي" الذي لم يطرق الا ابواب الجمهوريات العربية، وبقيت المماليك والمشيخات المتخمة بالفساد والتي تنعدم فيها أدنى درجات حرية التعبير أو حق الانتخاب، بفضل امبراطوريات الاعلام، بعيدة عن تلك الأحداث أو لم يتم تسليط الضوء على حراكها الشعبي كما حصل في حالة في البحرين والسعودية وأخيرا حراك الريف المغربي، وبالتالي كان المخطط هو إثارة الفوضى فى الشرق الأوسط، وفق خطة مستشارة الأمن القومى الأمريكي السابقة كونداليزا رايس والتى كانت تروج له منذ عام 2002 إلى 2010 للخروج بثورات هدفها تخريب الدول العربية.
- سيناريوهات الكذب والضلال والتلفيق تنوعت عند قناة سكاي نيوز عربية خاصة فيما يتعلق بتغطية الأحداث في سوريا، حيث يظهر الارهابيون على القناة الاماراتية على أنهم ثوار وحمائم سلام بينما كل قذيفة من الجيش السوري تستهدف فقط " الأطفال و المستشفيات والمدنيين"،بحسب زعم القناة، واشهر كذبة سكاي نيوز في سوريا كانت المتعلقة بمشفى الكندي في ريف حلب حيث كتبت فوق صورة بثتها على صفحتها "مشفى الكندي يقال أنه تم تدميره من قبل القوات الحكومية السورية"، وهو كلام تفنده جميع الصور والفيديوهات، وقصة المشفى معروفة للقاصي والداني في سوريا، كذلك جعلت القناة مأساة السوريين مادة للمتاجرة السياسية وتصفية الحسابات مع الخصوم، وبسقاطة اعلامية قل نظيرها صورت القناة في اكثر من تقرير لها جميع اللاجئات السورية على أنهن ممتنهنات للدعارة.
- وفي اليمن، كان دور القناة الاماراتية لايقل كذبا وتلفيقا، وطيلت عامين ونصف من العدوان السعودي الاماراتي على الشعب اليمني، لم تنشر القناة أي خبر عن القتلى المدنيين، الا وارجعت السبب لما تسميهم "مليشيات الحوثي وصالح"، وطبعا لا يوجد اي مادة اعلامية في القناة تتحدث عن خسائر العدوان، وفي موضوع المجاعة ومرض الكوليرا التي تهدد حياة ملايين اليمنيين، فيعزى السبب(بحسب سياسة القناة) الى اليمنيين أنفسهم أو المليشيات وفق ادبيات القناة، وأخر مسلسل الكذب في اليمن كان قبل يوم من احتفال المؤتمر الشعبي في ميداني السبعين اذ خصصت القناة مساحة واسعة من بثها للحديث عن وجود حرب طاحنة بين أنصار المؤتمر الشعبي و حركة أنصار الله، إلا أن خطاب الرئيس السابق صالح، وعارف الزوكا أظهر العكس، وجرت الرياح اليمنية بما لاتشتيها السفن الاماراتية.
- سجل قناة سكاي نيوز عربية حافل بالتغطية الاعلامية المسيسية وبث الإشاعة و تضليل المعلومة، ومن الطبيعي أن توجه القناة الاماراتية سهام كذبها، الى جميع حركات الاسلام السياسي والتي من المعروف بعمق اختلافها مع النظام الاماراتي ، وكان اخر فصول القناة توجيه اتهام لزعيم حركة النهضية التونسية راشد الغنوشي بتنسيق عملية اغتيال شكري بلعيد مع القيادي الليبي السابق عبد الحكيم بلحاج الذي أدرجت دول خليجية مشاركة في حصار قطر اسمه في لائحة الإرهاب، مما دفع رئيس حركة النهضة الإسلامية لرفع دعوى قضائية ضد القناة التي بثت في حزيران الحالي تقريرا بعنوان "تورط قطر في المغرب العربي" تحدثت فيه عن دور جماعات اسلامية مدعومة في قطر بقتل بلعيد المعروف بمعارضته الشديدة لحركة النهضة.
- كذلك لم يقتصر دور القناة الممولة من محمد بن زايد في تنفيذ أجندت الاخير ضد قطر بل ايضاً سلكت القناة سلوكاً مشابها لسلوك قناة الجزيرة القطرية والعربية السعودية بتسعير الخطاب الطائفي في العراق، وصورت كل تقدم للقوات العراقية وتحرير أي منطقة من عناصر تنظيم داعش الارهابي من جهة الحديث عن ضحايا مدنيين تارة وأعداد فلكية للمهجرين تارة أخرى، ووصل الأمر للحديث بأن القوات العراقية باحتجاز نازحين ومنعهم من شرب الماء، وغصّ موقع القناة الالكتروني، بالاضافة الى شريطها الاخباري بالحديث عن "تجاوزات" للقوات العراقية في معارك ضد الارهاب، وطبعا المصدر أما شهود عيان أو مصادر خاصة أو ما الى تلك الادعاءات التي أكل عليها الزمن وشرب، ناهيك عن تخصيص القناة لأغلب برامجها لاسيما الحوارية منها لبث الفتنة في المنطقة وتجازوت القناة نظيرتها الخليجیة باستخدام المصطلحات الطائفية والعرقية في المنطقة، اذ لا يكاد يخلو خبر عن سوريا والعراق الا من لفظ طائفي أو عرقي، مما استدعى خلية الاعلام الحربي في أكثر من مناسبة للرد على القناة والتأكيد على أن قناة سكاي نيوز عربية بنقل أخبار كاذبة ومظللة وصفتها بأنها أصوات نشاز تتباكى على عصابات داعش وتخدمه إعلاميا من خلال زج الأكاذيب لتضليل الرأي العام.