الوقت- تعتبر المناطق الشمالية من افغانستان في هذه الايام مسرحا للعمليات الارهابية التي يشنها المسلحون ما يدل بأن هؤلاء المسلحين يتبعون سياسة ضرب الاستقرار في هذه المنطقة. وتشير هذه الاحداث إلي ان هناك عدة عوامل مؤثرة في تأجيج الموقف هناك، فبالاضافة الى دور الدول الاجنبية والمؤثرة في افغانستان في هذه الاحداث الدامية هناك ايضا قضايا مثل الخلافات في داخل حكومة الوحدة الوطنية والفقر الاقتصادي الذي يعاني منه سكان هذه المنطقة.
وفي احدى العمليات التي شنها المسلحون دخل 250 مسلحا يلبسون الملابس السوداء ولاية بدخشان الافغانية وقتلوا القوات الامنية واستولوا على 20 مركزا عسكريا. كما تجري اشتباكات عنيفة بين القوات الامنية والمسلحين في ولاية قندوز، تسببت بتشريد اكثر من عشرة آلاف مدني أفغاني من مناطقهم.
وفيما يشبه رئيس البرلمان الافغاني عبدالرؤوف ابراهيمي الاوضاع الامنية في شمال افغانستان بالاوضاع في وزيرستان الشمالية في باكستان، باتت مسألة وجود آلاف المقاتلين الاجانب في هذه المعارك واضحة للعيان. فبعدما سعت جماعة طالبان الى جر المعارك من الولايات الجنوبية والشرقية المضطربة نحو الولايات الأخرى، اعتبرت الجماعة ان الولايات الشمالية والمركزية والغربية ستكون مناسبة لتصبح ساحة للمعارك.
المسلحون الاجانب
تعتبر المناطق الشمالية الافغانية متاخمة لحدود آسيا الوسطى وهي تضم ستة ولايات هي بدخشان وتخار وقندوز وبلخ وجوزجان وفارياب وبادغيس. وتشهد هذه الولايات في الأشهر الاخيرة تصاعدا في عدد العمليات العسكرية، حيث يلعب المسلحون الاجانب دورا كبيرا في هذه الاشتباكات وهناك اسباب مباشرة وغير مباشرة لحدوث مثل هذه الهجمات العسكرية، من ضمنها نجد العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الباكستاني في منطقة وزيرستان الشمالية في داخل باكستان وقد تسببت هذه العمليات بدفع المسلحين التابعين لجماعة طالبان الباكستانية وعسكر طيبة وما يسمى بالحركة الاسلامية الاوزبكية بالهروب نحو افغانستان وسعيهم للوصول الى المناطق الشمالية منها. وقد اشتملت هذه الجماعات المسلحة على مسلحين شيشان وجماعات ارهابية من العرب والطاجيك وحتى بعض المتشددين من اصول اوروبية وامريكية.
وفي هذا السياق يقول والي بلخ عطا محمد نور ان مسلحي داعش قد وصلوا الى ولايات فارياب وجوزجان وسربل وبدخشان في شمال افغانستان وان هناك المئات من عوائل هؤلاء المسلحين يسكنون في بدخشان وباقي مناطق الشمال الافغاني.
ومن جهة أخرى يجب الاشارة ايضا الى الدور الذي تلعبه اجهزة المخابرات الغربية والامريكية في ضرب الاستقرار الامني في شمال افغانستان ودول آسيا الوسطى، بهدف الإضرار بالمصالح الروسية ايضا. فبامكان الدول الغربية والعربية ايضا ان تستغل تنظيم داعش لزعزعة امن روسيا عبر ارسال عناصر هذا التنظيم من باكستان وافغانستان الى دول آسيا الوسطى، لأن زعزعة الامن في آسيا الوسطي تعني ضرب الأمن الروسي.
وفي هذا السياق يقول مستشار الامن القومي الافغاني حنيف اتمر ان تنظيم داعش يريد نقل نشاطاته الى دول آسيا الوسطى ودول الجوار الافغاني عن طريق الاراضي الافغانية. كما يقول عطا محمد نور والي بلخ ايضا ان هناك برنامجا استراتيجيا لداعش لنقل نشاطاته الى آسيا الوسطى عبر نقل عناصره من افغانستان الى هناك، وفي هذا السياق ايضا يمكن تفسير القلق الروسي والطاجيكي المعلن ازاء الاحداث الامنية التي تشهدها المناطق الشمالية من افغانستان.
الخلافات الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية
يتسبب الفقر والتخلف الاقتصادي والبشري بايجاد بيئة مناسبة لانتشار ظاهرة الارهاب ويضاف اليه عدم اكتمال بناء الدولة الافغانية حكومة وشعبا وتشديد النزاعات القومية، حيث تتسبب هذه الامور بأن نشهد يوما بعد يوم خروج المناطق الافغانية عن سيطرة الحكومة المركزية ووقوعها تحت سيطرة الجماعات المسلحة. كما ان هناك حالة تذمر من السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة الافغانية توجد حالة يأس واحباط لدى بعض فئات المجتمع التي تقع في احضان الجماعات المتطرفة المعادية للحكومة.
وتضاف الى ما ذكرنا الخلافات التي تقع بين الرئيس الافغاني والرئيس التنفيذي للحكومة الافغانية واتباعهما حيث يمكن الاشارة على سبيل المثال الى مسالة عدم تعيين وزير للدفاع حتى الآن بسبب هذه الخلافات التي تؤدي بدورها الى ايجاد حالة من انعدام الامن تفيد الجماعات المتطرفة الداخلية والاعداء الاجانب.
الدور الباكستاني
يعتقد الكثير من الافغانيين أن الجماعات المسلحة الباكستانية هي التي تزعزع الاستقرار في شمال افغانستان، ويضيف هؤلاء ان وصول هذه الجماعات المسلحة المتطرفة الى شمال افغانستان يأتي ضمن مخطط رسمي باكستاني لضرب الاستقرار في شمال افغانستان.
واضافة الى ذلك لا يمكن تجاهل دور الدول العربية وخاصة السعودية وبعض دول الخليج الفارسي في دعم الجماعات المسلحة في افغانستان، حيث تؤدي كل الاسباب التي ذكرناها الى ان نشهد تصاعد حالة انعدام الامن في شمال افغانستان خدمة لمشاريع اجنبية وأهداف الجماعات المتطرفة والمتشددة التي تريد التمدد في افغانستان وباكستان في آن واحد.