الوقت- ربما يضعنا التساؤل المطروح في عنوان هذا المقال أمام أمر واقع يتبلور يوما بعد يوم، ويشكل هاجسا لدينا يجعلنا نعيد حساباتنا من جديد بعد أن كنا نشاهد هذا الأمر في أفلام الخيال العلمي.
إذا نحن اليوم أمام تحدي حقيقي قد يغير مفاهيم ومنظومة الحياة برمتها، خاصة بعد هذا التطور الهائل والمتسارع للتكنولوجيا الذي يجعلنا تائهين نبحث عن أي طريقة تنقذنا من خسارة وظائفنا المضطرد والتي تسلبها منا الروبوتات، ولعلكم سمعتم عن خبر استغناء شركة فوكسكون " Foxconn" الصينية العملاقة عن خدمات 60 ألف عامل لديها واستبدالهم جميعا بروبوتات العام الماضي 2016. الروبوتات لا تخطيء، الروبوتات لا تشتكي، الروبوتات لا تطالب بزيادة في الأجر، والروبوتات لا تعاني مثلنا نحن البشر.
ظاهرة أتمتة الوظائف والأعمال حول العالم ترعب الجميع، قد يظن البعض أن أتمتة الوظائف تقتصر على بعض الأعمال التي لا تحتاج إلى تفكير كخطوط التجميع والتركيب في المصانع الكبيرة، لكن على ما يبدو تناسى البعض فكرة "الذكاء الاصطناعي" التي اقتحمت أعقد الوظائف كـ" التدريس، النظافة، التصوير، الشرطة والطب" ولا أحد يستطيع أن يتنبأ إلى مدى ممكن أن تصل هذه التكنولوجيا في تطورها.
الروبوت والذكاء الصناعي
وصل العلماء إلى مرحلة متقدمة جدا في الذكاء الاصطناعي وربطه بالروبوتات الحالية، وحاليا يستطيع الذكاء الصناعي أن يؤمن لأي روبوت قدرة كبيرة على التفاعل وتحليل الأسئلة بدقة مرتفعة للغاية، وتجهيزه بإمكانات تصوير ومسح ضوئي متطورة، يمكن أن يحل الروبوت محل نسبة كبيرة من المدرسين، ومراقبي الامتحانات، ومرافقي السفر من المرشدين السياحين، وضباط المرور، وحتى الأطباء مع توفر مستشعرات رصد الحرارة وقياس ضربات القلب ومستوى السكر والمسح السيني والتشخيص الظاهري! والرائع والمخيف هنا، أننا نتحدث عن أمور تمت تجربتها بالفعل بل ونستخدمها شخصيا! على سبيل المثال، ساعة أبل الحديثة Apple Watch ما هي إلا روبوت صغير حول معصمك يستطيع قياس ضربات قلبك ومستوى السكر في دمك ومعدل التعرق ومنحك تقريرا حول هذا ضمن أمور أخرى بشكل دوري كل بضعة ساعات خلال اليوم. سيارة تسلا الحديثة التي تبهر العالم، تحوي في الواقع قائدا خفيا ذو ذكاء اصطناعي متطور يتحكم بها ويتخذ القرارات بدلًا منك وبنسبة خطأ تقارب الصفر. وشرطي دبي الآلي الذي دخل الخدمة بالفعل منذ أسابيع قليلة بالإمارات العربية المتحدة هو نموذج واضح وصريح لما نتحدث عنه هنا.
اختبر وظيفتك إن كانت ستسلب منك
قام كل من مبشر إقبال وديميتر رايكوف بتصميم موقع بسيط وفيما بعد تطوير هذا الموقع بالاعتماد على ورقة بحثية نشرها عالما اقتصاد بجامعة أوكسفورد بخوارزمية للتنبؤ بالوظائف التي يرجح أتمتتها في المستقبل بشكل كبير.
وما عليك لتعلم ما إذا كانت وظيفتك سيسلبها منك الروبوت أم لا سوى إدخال اسم الوظيفة على موقع الثنائي إقبال ورايكوف " Willrobotstakemyjob.com"، ومن ثم تختر أقرب وصف وظيفي لمهنتك من القائمة التي ستظهر لك؛ لنجد مثلًا وظيفة Teacher Assistant أو مساعد مدرس تبلغ فرص أتمتتها 56% وهكذا. يمكنك تجربة وظيفتك أو أي وظيفة أخرى من باب الفضول والتعرف على ما قد يحدث مستقبلًا بسوق العمل.
ويخبرك الموقع أيضا ببعض البيانات الأخرى المهمة، كمعدل النمو المتوقع لتلك المهنة بالمستقبل، وكلك متوسط الراتب، وعدد الأشخاص العاملين بكل وظيفة ابتداءً من عام 2016، وعما إذا ما كان يتوجب عليك القلق أم لا.
يقول إقبال عن الموقع وعن آلية عمله أن " شيء كهذا لا يمكن أن يكون دقيقا أو صحيحا بنسبة 100%، ولا أعتقد أن أحدا قد يعتقد بهذا أبدًا. مع ذلك، فهو مفيد للغاية في تحديد توجهات السوق ومساعدة الناس في تحديد توجهات الأتمتة وأين تتركز حاليا ومستقبلا".
لا أحد منا أبدا يستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، ربما تحدث حرب بين الروبوتات والإنسان في المستقبل، ويتوحد ساسة العالم بسبب هذا الأمر، لا أحد يعلم ما سيحدث لكن الأيام القادمة ستكشف لنا المستور وتنبأنا بما كنا نجهله.