الوقت- تُطل بريطانيا من جديد عبر بوابة الإمارات، لتقوم بعرض قدراتها العسكرية في الخليج الفارسي. خطوة يقول الكثيرون أنها تهدف لإستفزاز أطرافٍ معينة. في حين يُخفف البعض من أهميتها، كونها ليست سوى استعراضية حيث لا تجرؤ بريطانيا على فعل أكثر من ذلك. لكن أسئلةً عديدة بدأ يسألها الشارع العربي والإسلامي، تتعلق بالضريبة التي تريد الإمارات لهذا الشارع أن يدفعها، جراء هكذا تعاون. خصوصاً أن التعاون الخليجي الأمريكي كلَّف الشعوب العربية الكثير. في وقتٍ لا يخفى فيه على أحد حقيقة أن بريطانيا كانت من دول الإنتداب، وهي أساس ومصدر الإرهاب في العالم. فماذا في التدريبات المشتركة؟ وما هي الأهداف المعلنة بحسب الطرفين؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟
الإمارات وبريطانيا والتدريبات المشتركة
أعلنت الإمارات بَدأها التدريبات العسكرية المشتركة "خنجر البحر 2017" بين قواتها المسلحة والقوات البريطانية في إطار التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات العسكرية. وذكر الإعلام الإماراتي أن التدريبات العسكرية المشتركة ستستمر لعدة أيام وتشمل سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة وذلك في إطار استراتيجية موحدة لتعزيز التعاون العسكري بين القوات الإماراتية المسلحة والقوات البريطانية في سبيل توحيد العمل المشترك وأسلوب التدريب الأمثل لرفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحة بما يواكب العصر.
يُذكر أن هذه التدريبات العسكرية تأتي بعد شهر من مشاركة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، في قمة دول مجلس التعاون السابعة والثلاثين.
الأهداف المعلنة للتدريبات: ادعاءات الطرفين!
بحسب الطرف الإماراتي فهو يدعي أنه من خلال التدريبات يسعى لتحقيق عدة أهداف:
-صقل القدرات والإمكانات القتالية للقوات العسكرية
-رفع مستوى الأداء والكفاءة والعمل بروح الفريق الواحد
-تفعيل الإستراتيجية العسكرية وتأمين الجاهزية القتالية
-القدرة على التعامل مع الأجهزة والأسلحة الحديثة على كافة مسارح العمليات.
بحسب الطرف البريطاني فقد أعلن أن الهدف من وراء التدريبات هو:
-تعزيز التعاون الأمني والدفاعي بين بريطانيا والدول الخليجية
-مكافحة الإرهاب والتجارة غير المشروعة
-تأمين استقرار وضمان أمن الخليج الفارسي!
التدريبات وحلم العودة البريطانية: تحليل ودلالات
عدة أمورٍ يجب الوقوف عندها نُشير لها بالتالي:
أولاً: تُعتبر بريطانيا بالمفهوم العام الخاص بشعوب المنطقة دولة استكبارية. فشعوب عالمنا العربي والإسلامي ماتزال تعيش ويلات الإنتداب البريطاني الذي كلفنا الحروب والكثير من المشاكل. وهو الأمر الذي يجب الوقوف عنده، من باب سؤال الإمارات عن السبب الحقيقي لمد اليد لمن تعتبرهم الشعوب العربية دولا إستعمارية!
ثانياً: لا شك أن تطوير القدرات العسكرية هو من الأهداف التي تسعى لها الدول كافة. لكن هناك العديد من الدول الأخرى التي تمتلك قدرات تطويرية يمكن أن تلجأ لها الإمارات، كالصين وروسيا. فيما يجري التساؤل اليوم، عن السبب الحقيقي لتفعيل الدور البريطاني في الخليج الفارسي وفي هذا التوقيت بالذات؟
ثالثاً: على الطرف الإماراتي أن يُجيب على السؤال المتعلق بالثمن الذي سيدفعه جرَّاء هذا التعاون. وهل سيكون على حساب الشعوب العربية والإسلامية، كما جرت العادة خلال التعاون الخليجي الأمريكي؟
رابعاً: إن للخليج الفارسي جغرافيا سياسية خاصة ومميزة. وهي تفرض معادلات وحسابات خاصة. حيث يُعتبر الخليج أحد أبرز أوراق القوة في المنطقة والعالم، بسبب موقعه وما يؤمنه من ممرٍ إقتصادي. فهل تستطيع الإمارات أن تكون بمستوى القدرة على تحمُّل عواقب إشراك قوات بريطانيا في هذا الممر؟
خامساً: إن ادعاءات بريطانيا بسعيها لتوفير الإستقرار وضمان الأمن في الخليج الفارسي، هي ادعاءات كاذبة، بسبب ما أشرنا له. فيما تُعتبر ادعاءاتها بأنها تهدف لمكافحة الإرهاب، كاذبة أيضاً بسبب الدور الخفي لبريطانيا في صناعة الإرهاب. وهو ما بات يعرفه العالم العربي والإسلامي بشكل كبير.
سادساً: إن الهدف الحقيقی لبريطانيا هو العودة لواجهة الدور الدولي، خصوصاً في ظل تراجع الدور الأمريكي وتدهور العلاقات الأمريكية الخليجية. الأمر الذي جعلها تجد في الدولة الخليجية بوابتها للمنطقة. في حين ستعاني بريطانيا من نظرة شعوب المنطقة لها والمحفورة في تاريخهم، خصوصاً أنهم يعتبرونها دولة استعمارية.
سابعاً: تسعى بريطاينا لجعل خبراتها محط استفادة بعض الدول العربية لأسباب تتعلق بسعيها لإستغلال خيرات الأمة العربية والإسلامية لا سيما الأموال الخليجية، وذلك بسبب الأوضاع الإقتصادية التي تعاني منها بريطانيا اليوم بعد خروجها من الإتحاد الأوروبي.
إذن، تعود بريطانيا من بوابة الإمارات الى منطقتنا العربية والإسلامية. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات، حول حقيقة الدور وسبب التعاون الذي تُفعِّله الإمارات مع دولة كانت على مرِّ التاريخ إستعمارية لشعوب المنطقة. فيما يبدو واضحاً أن بريطانيا تستخدم أسلوبها المُخادع والذي تميَّزت به طيلة التاريخ. في حين لم تعد شعوب المنطقة غافلة عن حقائق الإستعمار البريطاني. وهي تدرك اليوم حقيقة المشروع البريطاني والتواطؤ الخليجي.