الوقت - تطرح التطورات الأخيرة أسئلة بشأن آفاق ومستقبل العلاقات بين المغرب و"إسرائيل"، وحول ما إذا كانت تطوراتُ قادم الأيام في غزة ستدفع لوقف مسار التطبيع مع كيان الاحتلال.
العلاقات الدبلوماسية بين المغرب و"إسرائيل" "لم ترق إلى مستوى تبادل السفراء"، بعد أن اكتفت الرباط باستقبال مكتب اتصال إسرائيلي وافتتاح آخر في تل أبيب، وهو ما اعتبره بعض المحللين أن "المغرب جعل مسار استكمال تطوير العلاقات بين البلدين رهينَ السلوك الإسرائيلي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية".
حيث دعا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي المعارض عبد الإله بنكيران إلى إعادة النظر في اتفاق التطبيع بين بلاده و"إسرائيل"، معتبرا أنه "لم يعد له مبرر أخلاقي".
وفي كلمة مصورة خلال اجتماع الأمانة العامة لحزبه بالعاصمة الرباط بثتها الصفحة الرسمية للحزب على موقع فيسبوك، قال بنكيران إن "الاتفاقات التي تجمع دولتنا بما تسمى إسرائيل لم يعد لها مبرر معقول أو منطقي أو أخلاقي".
وأضاف "لا بد أن يعاد النظر في اتفاقات التطبيع بين المغرب وما تسمى إسرائيل".
وحول الحرب التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، قال بنكيران "حتى وإن كان الناس ساكتين فإنهم يشعرون بأن هذه الرصاصات اخترقت أجسادهم وأنها قتلت إخوانهم" قائلاً "حتى إن كان الناس ساكتين فإنهم يشعرون بأن هذه الرصاصات اخترقت أجسادهم وقتلت إخوانهم".
ولفت رئيس الحكومة المغربية السابق إلى أن "قتل ثلاثة جنود صهاينة (على المعبر الحدودي مع الأردن) يجب أن يفهم على أنه حالة عامة في الإسلام، وأنه لا يحول دون أن تتوجه الأمة بكاملها لمساندة إخوانها في فلسطين والقتال معهم والاستشهاد معهم والانتصار معهم، إلا الضبط الذي تقوم به الأنظمة التي لها اجتهاد آخر، سواء تعلق الأمر بالأنظمة المجاورة أو البعيدة أو التي دخلت في التطبيع أو التي لم تدخل بعد".
وفيما يتعلق بالتصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان، قال بنكيران "نتقدم لإخواننا في لبنان بتعازينا، ونترحم على موتاهم، والمقاومة هناك لا تزال صامدة وثابتة".
وأضاف: "الحرب يوم لنا ويوم علينا، وفي جميع الأحوال وفي النهاية فإن الأمة التي يطلب أبناؤها الشهادة ستنتصر".
ووصف بنكيران تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيَين في لبنان، بأنه "تصرف وحشي ولا قانوني"، مضيفا إن إسرائيل "دولة خرجت عن كل المقاييس ولم تحترم الأخلاق ولا القواعد والقوانين الوضعية التي توافق عليها الناس".
يجب أن يُفهم أنه حالة عامة في الإسلام، وأنه لا يحول دون أن تتوجه الأمة بكاملها لمساندة إخوانها في فلسطين والقتال معهم والاستشهاد معهم والانتصار معهم، إلا الضبط الذي تقوم به الأنظمة التي لها اجتهاد آخر سواء تعلق الأمر بالأنظمة المجاورة أو البعيدة أو التي دخلت في التطبيع أو التي لم تدخل بعد، مؤكدا على أن أمة الإسلام لن تقبل أن تتحمل شريحة منها ضريبة الدفاع عن أرض فلسطين التي هي أرض الإسلام.
وأضاف: إنه “من يسمع هذا الكلام وُيرجِع هذه الفئة التي توجد في فلسطين بمؤامرات خارجية لا علاقة لأمة الإسلام بها منذ أكثر من قرن من الزمن اغتصابا وقتلا وتشريدا، وهذا الذي يتخوف منه سواء تعلق بالأردني الشهم والجريء الذي قام ببعض واجبه للثأر لإخوانه في غزة، فإن هذا سيقع وسيتكرر إذا لم يكن هناك حل سياسي لهذا الموضوع لأن النهر لا يغلب البحر وإن كانوا مسنودين بالخارج فإن الزمان سيرهق الجميع”.
وأكد على أن “هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفاعيل لا أظن أنهم سيكونون معنا منصفين وكرماء وسيساعدوننا وخاصة الدول المطبعة، فهذا الكلام غير منطقي.
وقال: "إسرائيل بهذه الطريقة لن تصل إلى حل، طبعا يمكنها أن تقتل العشرات والمئات من الناس، ولكن هذه الأمة ولودة ودودة قوامها ما يقارب ملياري شخص، وحتى إن استطاعت أن تفني هذه الأمة لا قدر الله، فإن هذه الأمة ستتكرر وستوجد مرات كثيرة لأن العنف والقوة لن يوصلا إلى أي نتيجة".
وشدد زعيم الحزب الإسلامي على أن القضية الفلسطينية إن لم تحل سياسياً "كما يتمناه العقلاء، فإن النتيجة ستكون زوال إسرائيل وهذه قناعة جازمة عندي".
يذكر أن الحرب الإسرائيلية الظالمة على غزة خلفت أكثر من 137 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وعن تفاصيل العلاقات المغربية يذكر أن المغرب و"إسرائيل" وقعا اتفاق تطبيع العلاقات بينهما في الـ 10 من ديسمبر/كانون الأول 2020، وجرى التطبيع في ظل حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي.
وكان المغرب رابع دولة عربية تطبّع علاقاتها مع "إسرائيل" في 2020 بعد البحرين والإمارات والسودان.
وقبل هذه الدول الأربع طبّعت مصر العلاقات مع "إسرائيل" في عام 1979 وتلاها الأردن عام 1994.
ومنذ تاريخ الإعلان عن الاتفاق على استئناف العلاقات بين المغرب و"إسرائيل"، عاش الحزب الإسلامي على صفيح ساخن، جراء تباين مواقف هيئاته التنظيمية من خطوة التطبيع، بين موقف رافض لها عبّرت عنه كل من حركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوية للحزب، والتنظيم الشبابي، وموقف آخر تجنب إعلان موقف صريح مباشر تمثل بالأمانة العامة للحزب.
ووجدت قيادة الحزب -الذي يبني عقيدته السياسية منذ نشأته على رفض التطبيع- نفسها في موقف محرج أمام قواعدها والرأي العام، فيما كان لافتاً حينها حجم الغضب من الأمين العام السابق، والذي وصل إلى حد المطالبة بإقالته والدعوة إلى مؤتمر استثنائي لإطاحته من رأس الحزب.