الوقت - لا يختلف اثنان ان المرجعية الدينية في النجف الاشرف لعبت دوراً مهماً واستراتيجياً في حفظ وحدة الشعب العراقي رغم المحاولات الكثيرة التي بذلتها امريكا وحلفاؤها الغربيون والانظمة الرجعية والعميلة في المنطقة لتمزيق العراق خدمة للمشروع الصهيو امريكي في هذه المنطقة الحساسة والمهمة من العالم.
وتجلى هذا الدور المحوري لمرجعية النجف الاشرف بوضوح من خلال فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها العام الماضي للدفاع عن العراق ومقدساته بوجه الهجمة الشرسة التي تشنها الجماعات الارهابية على هذا البلد لاسيما تنظيم " داعش" الارهابي وفلول حزب البعث المنحل في العراق.
ومنذ إطلاق هذه الفتوى تمكنت القوات العراقية وبمساندة قوات الحشد الشعبي وابناء العشائر الذين لبّوا نداء المرجعية الدينية من تحقيق انتصارات باهرة أذهلت العالم وأدخلت الرعب في قلوب الاعداء وأثلجت قلوب الاصدقاء، وقد تجلت هذه الانتصارات بأبهى صورها في تحرير مدن تكريت وديالى ومناطق كثيرة في اماكن اخرى من العراق كجرف الصخر "جرف النصر" جنوب العاصمة بغداد.
ويؤكد الخبراء العسكريون ان هذه الانتصارات قد قصمت ظهر "داعش" وباقي التنظيمات الارهابية، مشددين على ان الفتوى الجهادية التي أطلقتها المرجعية الدينية في النجف الاشرف هي التي مهدت السبيل لتحقيق هذه الانتصارات، ولولا هذه الفتوى لتمكنت قوى الارهاب من تدمير مناطق اخرى في العراق غير التي احتلتها ودمرتها في بداية دخولها العراق في حزيران / يونيو الماضي ومن بينها محافظات الموصل والانبار وصلاح الدين وديالى والتي عاثت بها فساداً من قتل للابرياء بشتى الاساليب الوحشية والبشعة واغتصاب للاعراض وتخريب للممتلكات والآثار وبصورة همجية لا نظير لها في التاريخ.
وأثبتت المرجعية الدينية في النجف الاشرف وعلى رأسها مرجعية آية الله السيد علي السيستاني انها تمثل صمام الأمان للعراقيين والمنقذ الحقيقي لهذا الشعب من العصابات الاجرامية وفي مقدمتها "داعش".
في المقابل أثبت العراقيون من خلال تلبيتهم لنداء المرجعية واندفاعهم الكبير للالتحاق بصفوف الحشد الشعبي لمساندة القوات الامنية والمسلحة عمق وعيهم وإدراكهم لحقيقة ما يجري من مؤامرات تحيكها امريكا والكيان الاسرائيلي ومعهما بعض الدول الغربية كفرنسا وبريطانيا والانظمة العميلة والرجعية في المنطقة وفي مقدمتها قطر والسعودية وتركيا.
ونتيجة هذا التلاحم المصيري بين الشعب العراقي ومرجعيته الدينية باءت جميع المؤامرات بالفشل رغم محاولات الادارة الامريكية لشق صفوف العراقيين وعرقلة تقدمهم في ساحات المعارك من خلال تدخلها بالشأن العراقي بحجة مكافحة الارهاب في وقت أيقن فيه الجميع ان أمريكا لا تريد الخير للعراقيين ولا تدعمهم؛ بل على العكس من ذلك تدعم اعداءهم وفي مقدمتهم الجماعات الارهابية لاسيما "داعش" وهذا ما ثبت بالدليل القاطع من خلال الصور وافلام الفيديو التي وثقت إنزال الطائرات الامريكية للاسلحة والذخيرة العسكرية والاغذية وكل ما تحتاجه الجماعات الارهابية كي تساعدها في تنفيذ جرائمها البربرية ضد الشعب العراقي ومقدساته وبناه التحتية.
الانتصارات الكبيرة والمهمة التي حققتها القوات العراقية والحشد الشعبي على الارهابيين بفضل التزامهم وتنفيذهم لفتوى المرجعية أغاظت المحور الامريكي – السعودي الداعم للارهابيين بمختلف انواع الدعم التسليحي والاستخباري والمعلوماتي واللوجستي، ما دفع هذا المحور للضغط على الحكومة العراقية التي يترأسها السيد حيدر العبادي والتي تفاعلت بقوة منذ البداية مع فتوى المرجعية ونظمت صفوفها بسرعة واستفادت من الطاقات الهائلة التي وفرها الحشد الشعبي لتحقيق انتصارات ثمينة جداً على داعش تمثل آخرها بتحرير مدينة تكريت بالكامل من دنس العصابات الارهابية والذي مهد الارضية لتحرير المناطق المحتلة من قبل هذه العصابات في محافظتي الانبار والموصل.
هذا التلاحم بين المرجعية الدينية والشعب العراقي ووقوف هذا الشعب الى جانب مراجعه وعلمائه ليس بالأمر الجديد، فقد أظهرت الوقائع التي شهدها تاريخ العراق بصورة جلية العلاقة الوثيقة بين هذا الشعب ومرجعيته كما حصل في ثورة عام 1920 التي عرفت باسم ثورة العشرين والتي سطر فيها الشعب العراقي وعلماؤه أروع الملاحم ضد القوات البريطانية الغازية ما أدى الى اندحارها وتحرير البلد من دنسها بعد أن تكبدت خسائر فادحة بالارواح والمعدات.
ولا زال الشعب العراقي بجميع أطيافه وفئاته يكن احتراماً شديداً للمرجعية الدينية في النجف الاشرف باعتبارها الملاذ الحقيقي الذي يهرع اليه في الملمات والمنعطفات التاريخية والخطيرة كما حصل بعد احتلال ارهابيي داعش لمناطق متعددة من البلد بدعم من امريكا والكيان الاسرائيلي وحلفائهما الغربيين وعملائهما في المنطقة.
وتجدر الاشارة الى ان قوات الحشد الشعبي تعد اليوم جزءاً لا يتجزأ من الشعب العراقي، وقد أثبتت هذه القوات بتلبيتها لنداء المرجعية عمق وفائها وإخلاصها لهذه المرجعية من أجل حفظ العراق وأهله ومقدساته والتصدي للهجمة البربرية الشرسة التي تستهدفه. وقد أعلنت جميع الفصائل والكتائب المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي منذ انطلاقها وفور سماعها لفتوى المرجعية استعدادها التام لتنفيذ أوامر المرجعية وتقديم الغالي والنفيس حتى تحقيق النصر الكامل مهما كانت التضحيات ومهما كانت الظروف.