الوقت- رحب الرئيس السوري بشار الاسد بأي توسع للوجود العسكري الروسي في المرافئ السورية، معتبرا ان هذا الموضوع من شأنه ان يعزز استقرار المنطقة، وذلك في لقاء مع عدد من وسائل الاعلام الروسية أمس الجمعة .
وقال الاسد “الوجود الروسي في أماكن مختلفة من العالم بما فيها شرق المتوسط ومرفأ طرطوس السوري (غرب) ضروري جدا لخلق نوع من التوازن الذي فقده العالم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي ”.
وأضاف الرئيس الأسد في مقابلة مع ثماني وسائل إعلام روسية وهي صحيفة روسيسكا ياغازيتا ووكالة تاس ووكالة روسيا سيفودنيا وإذاعة سبوتنيك وقناة زفيزدا وقناة روسيا 24 وقناة ارتي العربية ووكالة سبوتنيك: “بالنسبة لنا كلما تعزز هذا الوجود في منطقتنا كان أفضل بالنسبة للاستقرار في هذه المنطقة، لان الدور الروسي دور مهم لاستقرار العالم”. وتابع الاسد “اننا بكل تأكيد نرحب بأي توسع للوجود الروسي في شرق المتوسط وتحديدا على الشواطىء وفي المرافىء السورية لنفس الهدف الذي ذكرته ”.
واوضح “لكن هذا الشيء طبعا يعتمد على الخطة الروسية.. خطة القيادة الروسية السياسية والعسكرية لنشر القوات في المناطق المختلفة وفي البحار المختلفة وخطة التوسع بالنسبة لهذه القوات ”.
ولروسيا قاعدة عسكرية بحرية في مرفأ طرطوس السوري على بعد 220 كلم شمال غرب دمشق موروثة من العلاقات الوثيقة التي تربط موسكو بدمشق. وقد أنشئت بموجب اتفاق أبرم في عام 1971 ابان الحقبة السوفياتية. وهي تضم ثكنات ومباني تخزين وأحواضاً عائمة وسفينة للقيام بأعمال صيانة، بحسب وسائل الاعلام الرسمية الروسية. وتصف موسكو القاعدة بانها “نقطة إمداد عسكري تقني للبحرية الروسية”. وتنشر روسيا بشكل دائم سفنا حربية في شرق البحر المتوسط منذ بداية الازمة السورية قبل اربعة اعوام .
وفي سياق متصل أعلن مصدر في هيئة الأركان العامة للقوات البحرية الروسية “أن أي قرار لتحديث البنية التحتية لمركز الإمداد المادي والتقني الروسي في طرطوس السورية لا يمكن أن يتم إلا بعد اتخاذ قرار سياسي بهذا الخصوص يجري بالتنسيق مع الجانب السوري ”
وأضاف المصدر “إنه إذا تم اتخاذ قرار سياسي مناسب بهذا الخصوص من قبل القيادة السياسية الروسية فإن المركز المذكور سيجري تحديثه إلى حد كبير بمراعاة الموقف السياسي والعسكري في منطقة البحر المتوسط ”.
وأشار المصدر إلى أن التحديث سيشمل “تعزيز جميع أنواع حماية المشروع بما في ذلك الدفاع المضاد للجو ضد المخربين وسيجري بالتنسيق مع الجانب السوري”. الى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الروسية الأمس أن سفينة “سيفيرومورسك” الحربية المضادة للغواصات اتجهت إلى غرب البحر المتوسط لإظهار وجود روسيا العسكري في تلك المنطقة .
من جهة اخرى، علق الاسد على المبادرة الروسية القاضية بجمع ممثلين عن الحكومة والمعارضة السوريتين تمهيدا لحوار محتمل لحل الازمة، فوصفها بانها “مهمة وضرورية لانها اكدت على الحل السياسي وبالتالي قطعت الطريق على دعاة الحرب في الدول الغربية”. وأردف قائلاً: "إن المصالحات الوطنية في سوريا حققت نجاحات كبيرة وهي التي أدت إلى تحسن الأوضاع الأمنية للكثير من المواطنين السوريين في مناطق مختلفة وسنستمر في هذه السياسة التي أثبتت نجاحها ريثما يكون هناك تقدم على المسار السياسي"واكد الاسد في الوقت ذاته ان إنجاح هذه المصالحات “يتطلب الا تتدخل الدول الاخرى وان يكون الحوار سورياً”، مشيرا الى ان الدور الروسي “دور تسهيلي لعملية الحوار بين السوريين وليس دورا يفرض عليهم اي افكار ”.
وجمعت موسكو في كانون الثاني/يناير الماضي 32 ممثلا عن مجموعات معارضة مقبولة من النظام ووفدا حكوميا لبدء البحث في اسس الحوار .
وتنوي موسكو عقد جولة ثانية من المشاورات بين ممثلين عن النظام والمعارضة في بداية الشهر القادم لإيجاد مخرج لنزاع مدمر أوقع اكثر من 215 الف قتيل. واعتبر الاسد ان رفض الائتلاف المشاركة في لقاء موسكو سببه الضغوط من الدول الداعمة له .
من جانب اخر أكد الاسد أن الإرهابيين لم يعتدوا على الأقليات السورية فقط بل على الجميع، واعتبر الاسد أن الموضوع ليس له علاقة بالطوائف والأديان وإنما القضية هي مجرد إرهاب مدعوم من الخارج، مضيفاً: "أن الأقليات لم تكن مستهدفة وحدها، لكن هذه العناوين كانت ضرورية بالنسبة لهم لخلق شرخ داخل المجتمع السوري، ولو قمنا بهذا العمل، أي حماية ما يسمى الأقليات، فهذا يعني أننا نطبق ما يريده الإرهابيون، الدولة السورية يجب أن تكون لكل المواطنين السوريين، تهتم بالجميع، وتدافع عن الجميع ".
اما بخصوص العلاقة بين سوريا والدول العربية وتحديداً مصر تمنى الرئيس الأسد أن يرى قريبا تقاربا سوريا مصريا لأهمية العلاقة السورية المصرية بالنسبة للوضع العربي بشكل عام وقال: "إن هناك وعياً في مصر بشكل عام على مستوى الدولة وعلى مستوى الشعب لحقيقة ما حصل في سوريا مؤخراً، وهناك علاقة ولكن في إطار محدود جداً بين الدولتين، عملياً على مستوى الأجهزة الأمنية." خاصة أن مصر عانت من محاولات تدخل بعض الدول العربية وتمويل القوى الإرهابية ولو بشكل أقل وأخف مما حصل في سوريا. واعتبر الأسد أن العلاقات العربية العربية الآن تخضع للرغبات الغربية الغربية وليست علاقات مستقلة. فهي على المستوى العربي العربي غير موجودة وعلى المستوى السوري العربي أيضا غير موجودة .
وفيما يتعلق بالحرب ضد تنظيم داعش الارهابي اعتبر الاسد أن الجيش السوري يضرب "داعش" أضعاف ما يضربه التحالف الدولي، وبين الرئيس السوري أن سلاح الجو السوري الصغير جدا يقوم في اليوم الواحد بعدد من الضربات يعادل أضعاف ما يقوم به تحالف مكون من ستين دولة "لأنه من الناحية السياسية لا يمكن لتحالف مضاد للإرهاب أن يتكون من دول هي نفسها التي تقوم بدعم الإرهاب ".
اما فيما يتعلق بموضوع نشر قوات حفظ السلام في المنطقة اعتبر الاسد أن قوات السلام تنشر بين دول متحاربة وعندما يتحدثون عن نشر قوات السلام من أجل تنظيم داعش، فهذا يعني أنهم يعترفون بأنه دولة. وهذا الكلام غير مقبول وهو كلام خطير واعتبر ان اقتصار الحديث عن داعش لا يجوز، فجبهة النصرة ايضاً تنظيم ارهابي مرتبط بالقاعدة . وأكد الأسد أهمية مبادرة دي ميستورا بالمضمون، قائلا "ونحن نعتقد أنها واقعية جداً بمضمونها وفرص نجاحها كبيرة إن توقفت تركيا والدول الأخرى التي تمول المسلحين عن التدخل، وأحد أهم أسباب عوامل نجاحها هو أن معظم السوريين يرغبون بالتخلص من الإرهابيين ".
اما بالنسبة لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن الحوار مع دمشق، قال الأسد إن العالم اعتاد أن يقول المسؤول الأمريكي شيئا، ويقول عكسه في اليوم التالي بشكل مستمر، لكن هناك ظاهرة أخرى وهي أن يقول مسؤول شيئا ويأتي مسؤول آخر بنفس الإدارة ليقول شيئا معاكسا معتبراً انه يوجد صراع داخل الادراة الامريكية بهذا الشأن .