الوقت- شهدت جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن حلب السورية تصعيد في اللهجة الأمريكية والفرنسية والبريطانية ودول أخرى في وجه روسيا وصل حد إتهام الروس بجرائم حرب في سوريا، في الوقت الذي رد الروس بضراوة على الهجوم برد الإتهامات بأخرى تتهم أمريكا وشركائها بدعم الإرهاب بالسلاح والتغطية الميدانية، هذه الأمور وغيرها من المستجدات حول الأزمة السورية كانت محور حديثنا مع الكاتب والمحلل السياسي أحمد صوّان.
الوقت: رأينا صدام جاد بين الأمريكيين وحلفائهم من الفرنسيين والبريطانيين في وجه الروس خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن حلب، وصل حد إتهام الروس بجرائم حرب في حلب وسوريا ككل في مقابل الرد الروسي الصارم الذي رأيناه جميعاً، ما مراد أمريكا من هذا التصعيد في هذا الوقت بالذات؟
الصوان: "واضح جداً أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد إنهاء الأزمة في سوريا، وهذا التصعيد يخدم مخططها فيما يتعلق باستمرار نزيف الدم في الداخل السوري ومحاولتها الفعلية بأن تبتز روسيا فيما يتعلق بمواقفها الواضحة والصادقة و الجادة في إنهاء هذه الأزمة على أساس وطني سوري وعلى أساس مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، الموقف الأمريكي على النقيض من ذلك تماماً فهو يريد فعلاً إضعاف الدولة السورية وإضعاف الجيش السوري، بالتالي يريد إستمرار الإستنزاف وزيادة التعقيدات والتشابكات في هذه الأزمة بخلط الأوراق مجدداً، لذلك نجد الآن أن هناك تحولات كبيرة على الأرض وحتى في تحالفات وعمليات الفرز على الأرض فيما يتعلق بالموقفين أو المشروعين الأمريكي بمواجهة المشروع الروسي الإيراني العراقي السوري، بمعنى آخر إن الولايات المتحدة الأمريكية وفي هذه المرحلة بالذات لا تمتلك أي أوراق إستراتيجية في الداخل السوري سوى دعم الإرهابين وبالتالي دعم هذه الأدوات من أجل استمرار حربها المتوحشة إضافة لتوجيهها الإتهامات والإفتراء والتجني على سوريا فيما يتعلق بما تدّعيه من ظروف إنسانية قاسية وجرائم حرب و قصف للقوافل الإنسانية الذي لا يتعدى كونه هراء لا يستند على دليل، وبات من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المشكلة الأساسية فيما يتعلق بالأزمة في سوريا الأمر الذي اضطر إيران وروسيا وحزب الله وسوريا وهذا التحالف الذي يواجه الإرهاب على إرغام أمريكا على التسليم بقيم ومعطيات وسبل إنجاح الحل السياسي الوطني الأمر الذي ظهر واضحاً في توزيع الأدوار أو الخصومات والنزاعات التي ظهرت بين وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع البنتاغون حول إتخاذ القرارات في سوريا."
الوقت: رأينا المسؤولين الروس يردون على الهجمة الأمريكية على روسيا و كان آخر الردود ما صرح به الكريميلين برد الإتهامات الأمريكة و إتهامها بتعطيل الحل في سوريا، إلى ماذا قد تؤول الأمور أكثر من ذلك؟
الصوان: "باعتقادي أن الروس يردون على الولايات المتحدة الأمريكية فقط ولم يصعدوا من تلقاء أنفسهم وبالتالي هناك صمود روسي حقيقي وهجوم سياسي دوبلوماسي و دعم حقيقي لسوريا فيما يتعلق في مواجهتها لكل التحولات الخاطئة الحاصلة على الأرض، وبإعتقادي أن لا معركة بين روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية و كل ما يقال عن وجود مواجهة عالمية وتصعيد كبير و إدخال المنطقة في بحر من التوتر و الغليان هو مجرد عمل على تخويف هذا المحور، ولكن نحن أمام إدارة أمريكية عاجزة و غير قادرة في هذه المرحلة على إتخاذ أي قرار لا سيما و أنها امام إنتخابات رئاسية وهي المرحلة التي تعيش فيها الإدارة الراحلة حالة من عدم السيطرة و القدرة على إتخاذ قرارات حاسمة، لذا هم مجبرون على التصعيد وإستخدام كافة أدواتهم، وهم غير قادرون على الفصل بين ما يسمونه معارضة معتدلة و تنظيمات إرهابية من داعش والنصرة، وهم في حالة من المراوغة و البحث عن أي فسحة تعطيهم أوراق إستراتيجية تعطي فرص للمقايضة عليها في أي حل سياسي وخاصة أن مجلس الأمن أكد أن الأزمة السورية لها علاقة بكل أزمات المنطقة، لذا الأمور ستظل في هذا الإطار من مراوغة ولعب في الوقت الضائع لعجزهم عن إحداث أي تغيير لمصلحتهم في وقت يتقدم فيه المحور المقابل و يثبّت إنجازاته."
الوقت: سمعنا المندوب الروسي في مجلس الأمن يتهم الامريكيين بدعم الإرهاب وضرب الجيش السوري في الرّقة لمصلحة تقدم داعش في تلك المنطقة، في وقت رأينا تصرّيح لقيادي في جبهة النصرة لصحيفة فوكس الألمانية قال فيه: أمريكا بجانبنا و تمدنا بالسلاح و الصواريخ مباشرة، ما رأيكم بذلك؟
الصوان: "منذ بدء الأزمة وأمريكا تدعم الإرهاب و الإرهابيين وتخلق هذه الأدوات وترعاها وتغطّيها، وهي المايسترو والقائد في هذه الحرب الإرهابية غير المسبوقة على سوريا، لذا عندما تقوم أمريكا بكيل الإتهامات لكل من روسيا وسوريا وإيران فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب والإرهابيين فهذا يعني أنها تغطي هذا الإرهاب وتحاول العمل على إستمراره لإستنزاف محور المقاومة وإشغاله عن إسرائيل، ولا خروج من الأزمة إلا بإرغام أمريكا على أن تسلم فعلاً بمصالح شعوب المنطقة والشعب السوري خاصة والإلتزام بالشرعية والقوانين الدولية الملزمة."
الوقت: كيف يمكن إرغام الامريكيين على هكذا أمر؟
الصوان: "من خلال الصمود أكثر سياسياً و ميدانياً، وتقوية التحالف القائم لمكافحة الإرهاب ومواجهته والمتمثل بروسيا وإيران وسوريا وحزب الله ودول اخرى عدة، ورفع وتيرة مواجهة المخططات الأمريكية وإحباطها، ورفض أي تدخل خارجي في الشأن السوري وكل الأجندات الخارجية، والتأكيد على ضمان وحدة الأراضي السورية ووحدة القرار الوطني السيادي السوري، والإصرار على إحراج الأمريكيين في المحافل الدولية وأمام الرأي العام العالمي بالتعاون مع الأمم المتحدة ومد اليد للحلول السياسية الممكنة."