الوقت- منذ أعلنت السعودية عدوانها على اليمن في 26 آذار/مارس 2015، وهي تخوض حملة إعلامية لا تقل سخونة عن نظيرتها الميدانية حيث استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الإعلامية.
حاولت السعودية تلميع صورة عدوانها عبر قميص الشرعية، ورغم الدعم الأمريكي والغربي لعاصفة الحزم وما تلاها، إلا أن فظاعة المجازر التي ارتكبتها حالت دون السكوت الأممي الذي بدأ مع العديد من التقارير التي صدرت عن منظمتي "هيومن رايتس واتش" و"العفو الدولية"، ومرّ بالقائمة السوداء لتقرير الأمم المتحدة حول الأطفال في اليمن، لينتهي بإعلان منظمة أطباء بلا حدود إجلاءها لموظفيها من 6 مستشفيات في شمالي اليمن، إثر قيام طيران العدوان السعودي باستهداف المستشفى الريفي بعبس في محافظة حجة.
لم تتوان السعودية في حربها الإعلامية من استخدام الأسلحة المحرّمة أخلاقياً كالكذب والافتراء والتضليل الذي فاق الحد المسموح به لدى بعض وسائل الإعلام، بل حاولت الرياض التمسك بأي قشه تسمح بتعويم حربها، وإظهار الجيش السعودي بمظهر المحافظ على البلاد و المناصر للشرعية التي قضت حتى كتابة هذه السطور على الألاف من أبناء الشعب اليمني.
تنقسم الإستراتيجية الإعلامية السعودية إلى قسمين رئيسيين، قسم داخلي يستهدف الشعب السعودي، وقسم آخر يختص بالإقليم والعالم.
الاستراتيجية الإعلاميّة الداخلية
تستخدم الرياض قبضة حديدية في إعلامها الداخلي حيث لا تسمح بانتشار أي وقائع وأحداث لا تصب في صالح العائلة الحاكمة. هذا الأمر لا يقتصر على السعودية بل على العديد من دول العالم، إلا أن الانتهازية السعودية، تميط اللثام عن مستوى متدني يقبع في الحضيض الإعلامي، في ظل استخدام قاعدة واحدة "الغاية تبرّر الوسيلة".
الوسائل الإعلامية السعودية تمنع نشر أي ضربة يتلقّاها الجيش وقوات هادي، وتكتفي بنقل صورة مجتزئة مزوّدة ببعض الأباطيل، فضلاً عن عدم السماح بتداول أي معلومة عن واقع الجبهة الحدودية في عسير ونجران وجيزان.
في الداخل، تتمسّك السعودية بكل كبيرة وصغيرة، فلو ارتدى مواطن يمني قميصا لنادي سعودي، يصبح الأمر خطّاً عريضاً للشاشات السعودية نظراً للإفلاس الإعلامي وضعف الحجّة والدليل الذي يمكن تقديمه للمجتمع السعودي.
مكرمة الملك سلمان إثر عودته من المغرب، فصل آخر من فصول الترويج الإعلامي الذي يهدف لشرعنة العدوان في الداخل السعودي. هذه "المكرمة" التي تؤدي إلى التسابق بين الجنود السعوديين الذين يشجعهم الحكام على سفك المزيد من دماء اليمنيين الأبرياء وخاصة الأطفال والنساء، انتشرت كالنار في الهشيم السعودي، بغية إظهار هؤلاء المجرمين على شاكلة الأبرياء والمدافعين عن حدود الوطن.
كثيرة هي الشواهد الدينية والاقتصادية والإعلامية المماثلة التي تؤكد استخدام الإعلام السعودي لسياسة الاستجداء، بالتزامن مع التضليل وتغييب حقائق الجبهات، حتى أن المجتمع السعودي بات يستهزأ بقنواته فيما يخص اليمن حيث تؤكد منذ 17 شهر أنها تتقدّم وباتت على مشارف صنعاء، ما دفع بالبعض للقول بأن الصين أقرب من صنعاء!
الاستراتيجية الإعلاميّة الخارجية
لا تختلف السياسية الإعلامية السعودي في الخارج كثيراً عن الداخل، حيث تعتمد على الإنكار والمماطلة، وتخوين كل من تسوّل له نفسه مهاجمة "عاصفة الحزم". السعودية تنكر استهدافها لمنظمات أطباء بلا حدود التي تعرّضت للقصف الجوي والمدفعي حوالي 5 مرّات منذ بدء العدوان، وفي حال ثبت الأمر، كما هو الحال في استهداف عدد من مستشفيات المنظّمة، وتقرير الأمم المتحدة حول الأطفال، تستخدم سياسة المماطلة وإلصاق تهم الإرهاب بالطرف المقابل.
خارجياً أيضاً، أتقن آل سعود شراء ذمم ألإعلاميين العرب الذين يسبحون بحمد سلمان والأمير الشاب، لدرء خطر مهاجمتهم، وفي حال فشل هذا الأسلوب تبدأ الرياض باستخدام سياسة الإرهاب الإعلامي لتشويه صورة منتقديهم.
يبدو أن السعودية، حتى الساعة على أقل تقدير، نجحت إعلامياً حين فشلت ميدانية مستخدمةً سياسة "البترودولار". ولعل هذا الزخم الإعلامي الذي بدا ينقشع مع مرور الوقت، يفسّر استمرار العدوان حتى يومنا هذا.
ولكن الواقع يشي بعكس ما تشتهيه الرياض، فالسعودية التي كانت في الفترة السابقة تتمتّع بقدرة ناعمة تمنع أحداً من النيل من أفعالها، تفشل حالياً، رغم استخدمها للقدرة الصلبة في الحفاظ على هيبتها السابقة.