الوقت - تعيش الأزمة السورية تحدياتٍ جديدة، تكمن في الحديث الدائر عن إمكانية إشتعال جبهة الجنوب السوري. فيما يبدو جلياً، تركيز واشنطن في حربها على تنظيم داعش الإرهابي، وقيامها بتحييد جبهة النصرة.
إشعال جبهة الجنوب السوري، وخداع أمريكا في حربها على الإرهاب، هي من المواضيع التي طرحناها في الحوار مع رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد والباحث في الشؤون الإستراتيجية ومكافحة الإرهاب الدكتور "هشام جابر"، والذي جاء في نصه:
الوقت: هناك معلومات صحفية تتحدث عن نية لدى جبهة النصرة بالتعاون مع عدد من التنظيمات الأخرى، من أجل إشعال جبهة الجنوب. ما رأيكم بذلك؟ خصوصاً في هذا التوقيت؟ وكيف يمكن تحليل أثر ذلك من الناحية العسكرية؟
العميد جابر: "استطاعت جبهة النصرة مع التنظيمات التكفيرية الأخرى، إعادة خلط الأوراق في جنوب حلب، منذ شهرين تقريباً، من خلال احتلالها تلال العيس والسيطرة على نقاط استراتيجية هناك. كما أن روسيا منذ شهرين تطلب من الأمريكيين ضرب جبهة النصرة لإعتبارها تنظيماً إرهابياً، فيما ترفض أمريكا ذلك لأن معها تنظيمات أخرى كجيش الإسلام والفتح، لا تعتبرها واشنطن إرهابية. مُبررةً بأنها تحتاج لثلاثة أشهر لفك الإرتباط بين جبهة النصرة وهذه التنظيمات. وهو ما يُعتبر مماطلةً وكسباً للوقت، يستفيد منه التنظيمات الإرهابية.
نعم من الممكن لهذه الجماعات التحرك في الجنوب السوري، ومن الوارد أن يقوم الكيان الإسرائيلي بدعمهم خصوصاً في منطقة حوران. لكن هناك وضع استجد منذ يومين عندما تعرض الأردن لعمل إرهابي، الأمر الذي من الممكن أن يدفع الأردن للقيام بإستدارة ما تجاه دعمه لجبهة النصرة.
أما الكيان الإسرائيلي فإنه وبناءاً على تجربة جيش الفتح في إدلب واستطاعته الوصول الى جسر الشغور، وتجربته في ريف حلب الجنوبي تحديداً في تلال العيس وخان طومان، والسيطرة على المنطقة هناك، فإن هذه التجارب تدفع الكيان الإسرائيلي بدعم النصرة، للقيام بتجربة ثالثة في سهل حوران في الجنوب السوري."
الوقت: عادةً ما كان الجنوب السوري خطاً أحمر بالنسبة للكيان الإسرائيلي. فأين مصلحة الكيان اليوم، في إشعال الجبهة الجنوبية؟
العميد جابر: "لقد كانت القوات الإسرائيلية وما تزال تدعم التنظيمات التكفيرية في سوريا وتدربها. كما كانت تستقبل جرحاهم في المستشفيات الإسرائيلية. وتدخلت أكثر من مرة وعبر السلاح المدفعي لدعمهم. الخط الأحمر الإسرائيلي يتعلق بمنع الجيش السوري من السيطرة على الأرض في الجنوب. وهو ما تسعى تل أبيب لمنعه.
أما بالنسبة لإشتعال الجنوب السوري كجبهة، فلا مشلكة لدى الكيان الإسرائيلي من حصول ذلك، خصوصاً أنه يعتبر جبهة النصرة طرفاً يمكن إدارته وبالتالي تحقيقه للنتائج العسكرية على الأرض."
الوقت: ماذا حول التركيز الأمريكي على داعش، وتحييده جبهة النصرة؟ وكيف يؤثر ذلك على استراتيجية أمريكا في سوريا؟
العميد جابر: "أمريكا تتجاهل جبهة النصرة لأن حلفاء أمريكا وتحديداً السعودية وقطر، يمولون النصرة بالمال والسلاح. وبالتالي فإن أمريكا تحافظ على جبهة النصرة لأداء مهامها التي تخدم المشروع الأمريكي. وهو ما يدخل في باب الخداع والمماطلة وكسب الوقت، مما يخدم التنظيمات التكفيرية. وهو ما أشرنا له في بداية الحديث. لذلك فإن أمريكا غير صادقة في حربها على الإرهاب، خصوصاً أنها وضعت جبهة النصرة على لائحة الإرهاب."