الوقت – ادراج حزب الله على لائحة الارهاب الخليجية، التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، ملف الرئاسة وأزمة النفايات في لبنان اضافة لموضوع الهدنة السورية، هي مواضيع طرحناها في الحوار مع العميد والباحث في الشؤون الإستراتيجية ومكافحة الإرهاب الدكتور "هشام جابر"، والذي جاء في نصه:
الوقت: حول مسألة اعتبار حزب الله منظمة ارهابية من قبل السعودية وبعض الدول العربية، ما هو رأيكم بهكذا خطوة؟ وما هو رأي النخب والمثقفين اللبنانيين بهكذا إجراءات عربية؟
د.جابر: "يعني بالواقع هذا القرار خطير جداً رغم أننا نعلم أن المملكة العربية السعودية طالما اعتبرت حزب الله تنظيماً إرهابياً، إنما أن يصدر هذا القرار من دول الخليج مجتمعة، أنا برأيي هذا كلام خطير جداً لأن المقاومة التي قاومت العدو الصهيوني لا تكافئ بمثل هذا القرار، وهذا ما يزيد التفكك العربي والضعف العربي، وكما قال لي أحد النخب المفكرين هذا يأتي بخطورة قرار أنور السادات الذهاب الى القدس حيث تفكك المجتمع العربي، فاليوم المستفيد الأول من هذا القرار هو العدو الاسرائيلي، ثانياً إن هذا القرار لا يلزم كل الدول فهذا ليس قراراً أممياً، ولكن ربما تكون له تداعيات سيئة على لبنان، يعني أولاً على اللبنانيين الذين يعملون في دول الخليج لأن القرار جاء بحق كل ما يمت الى حزب الله بصلة أو علاقة وهذا شيء خطير جداً، اذ أن حزب الله يمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين، كما أنه ربما يؤثر اقتصادياً على لبنان، إنما لن يكون له تداعيات بالحجم الذي كان ينتظر منه على الساحة اللبنانية، لأن اللبنانيين يعرفون جيداً أن حزب الله مشارك في الحكومة ومشارك في الدولة، ولا يمكن عزله عن الحياة السياسية في لبنان اطلاقاً، هذا بشكل عام، ولكن اسمح لي أن أقول لك إن هذا القرار هو اتهام سياسي لحزب الله، وقد قلت في العديد من المناسبات اذا كان هناك من مأخذ ما وهناك صفات تتعلق بالتدخل والإرهاب بحزب الله فليتفضلوا ويبنوا على الشيء مقتضاه وليحضروا ملفاً موثقاً بالشهود والوثائق والاعترافات والأسماء، ملف قضائي كامل يحاورون به الدولة اللبنانية، إنما وكما هو ظاهر ليس هناك أي إثبات، وهكذا جاء الاتهام العام وهو اتهام سياسي"
الوقت: الدول العربية عندما اتهمت حزب الله ادعت أن الحزب يمس بالأمن القومي العربي، فعلى ماذا استندوا في ذلك؟
أجاب د.جابر: "هذا الكلام سياسي وعام، أنا سبق وذكرت اذا كان هناك مس بالأمن القومي العربي، الأحرى بهم اذا كانوا جدّيين ويهتمون بأمنهم القومي فليبنوا ملفاً كما ذكرت مدعوماً بالوقائع والاسماء والشهود والاعترافات، وهذه الأشياء غير موجودة ولن يجدوها، وأنا برأيي الاستناد في الاتهام أتى باعتبار أن المملكة العربية السعودية تعتبر حزب الله خصماً لها، وباعتبار أن سياستها في سوريا لم تثمر وحزب الله يقاتل في سوريا ويؤيّد الشعب اليمني ولا أقول يشارك في الحرب اليمنية كما أنه يؤيد المعارضة السلمية في البحرين وكذلك الوضع في سوريا وهذا طبعاً ضد السياسة السعودية، لذلك فإن كل هذه الأمور اجتمعت وأدت لاتخاذ هذا القرار، وهذه في الأسباب."
واستطرد قائلاً: "أما الغاية والهدف منه فهو محاولة التضييق على حزب الله عالمياً واقليمياً ولبنانياً، أما عالمياً فلن يستطيعوا باعتقادي، لأنه حتى ألد أعداء حزب الله يعني الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا فصلت بين الجناح العسكري والجناح السياسي، هذا أقسى ما ذهبت اليه أمریكا والدول الغربية بضغط اسرائيلي، فيأتون هم ويضعون الجميع في سلة واحدة! أظن أن الهدف بالتضييق على الحزب عالمياً لم ولن يحصل، أما إقليمياً فنعم ربما مع الدول التي لها مصالح مع المملكة العربية السعودية كالسودان وغيرها، أما لبنانيا فصحيح أنه الى حد ما ربما يستنفر بعض المعادين سياسياً، انما الدولة اللبنانية اجابت على لسان أكثر من مسؤول بأن حزب الله لا يمكن أن يكون تنظيماً ارهابياً وهذا ما حصل في اجتماع وزراء الداخلية العرب."
الوقت: اتهام حزب الله كان المساس بأمن الدول العربية، كيف بهذه الدول تضع حزب الله على لائحة الارهاب في حين انه يحارب التنظيمات الارهابية على غير جبهة، ولا تضع منظمات ارهابية خطرة تمس فعلاً بالأمن القومي العربي؟ لا بل تدافع عنها لكي لا تضعها على لوائح الإرهاب العالمية؟
د.جابر: "اساساً هي وضعت حزب الله لوحده على لائحة الإرهاب في حين أنها لم تضع جبهة النصرة أو القاعدة على هكذا لائحة في وقت نرى في الميدان اليمني توسعاً كبيراً للقاعدة و نرى 12000 غارة جوية شنت على الشعب اليمني ولا أي غارة على القاعدة، وهذا واضح جداً، لذا لا لزوم للنقاش فيه، فالكل يرى والعالم يتكلم عن تمويل بعض دول الخليج للمنظمات الارهابية والتي لا تزال تمولها في وقت تعتبر فيه ارهابية ومنها جبهة النصرة."
الوقت: هل نحن أمام مشهد فيه جبهة حزب الله ودول الممانعة مقابل الدول الخليجية متحدة مع الكيان الإسرائيلي؟ هل نحن أمام تمهيد أولي لإعلان التطبيع العلني مع الكيان كما يتداول اعلامياً؟
اعتبر د.جابر: "نعم وللأسف العرب بأغلبيتهم وباستثناء بعض الدول العربية التي لا تزال تحترم القضية العربية وقضية فلسطين تدرك أن ايران هي التي تدافع عن قضيتنا الأولى ولو أن ايران تركت هذه القضية لما عانت من الحصار قبل اتفاق رفع العقوبات، اذاً فقد تخلّوا عن القضية الأساس فلسطين ولا مجال لإخفاء الوقائع، وكلنا رأينا وسائل اعلام العدو تتكلم عن أن وفدا اسرائيلياً رفيع المستوى زار السعودية، ونسق معها على أن هناك عدواً مشتركاً هو ايران وحزب الله، وهذا واضح جداً، ولكن الى متى تستمر هذه الجبهة، لا اعتقد بأنها فترة طويلة فلا زال هناك أمل بالشارع العربي والشعوب العربية التي لا يزال عندها البعض من المشاعر الوطنية القومية في كل البلاد العربية، التي رأينا بالأمس ردات الفعل فيها كالمغرب وتونس والجزائر والعراق التي استنكرت ولم توافق على قرار العرب وسوريا طبعاً في الخط نفسه ولبنان أيضاً، لذا القرار أسهم في انشاء جبهة وربما تشجيع الكيان الصهيوني على القيام بعمل عسكري في لبنان والذي لا يحتاج الى تشجيع ولكن لا يمكنه الاقدام على ذلك بسبب قوة الردع التي يشكلها حزب الله، أما اذا تم اشغال حزب في فتنة داخلية في لبنان فهم يعتقدون بأنه لن يستطيع القتال على ثلاث جبهات معاً، ولكن باعتقادي حزب الله لن ينجر الى فتنة داخلية مهما حصل لذلك تبقى الأمور في اطار الخطة والمحاولة فقط."
أما فيما يخص الملف الداخلي اللبناني سألنا د.جابر: أين اصبح ملف النفايات؟ هل بات الحل قريباً بسبب ضغط رئيس الحكومة على الوزراء؟ وهل يمكن أن يفرط عقد الحكومة فعلاً كما هُدد في حال فشلت حلول أزمة النفايات؟ وفي الرئاسة أيضاً نسمع البعض يتحدث عن حلحلة وتفاؤل، إلى أين نحن ذاهبون في هذا الملف أيضاً وهل كان لعودة الرئيس سعد الحريري دور ايجابي؟
فأجابنا: "أولاً النفايات أنا لا أحب أن أتحدث عن هذا الواقع اللبناني المرير، علماً أن مشكلة النفايات يمكن اختصارها في كلمة واحدة "الفساد، الفساد، الفساد" والسرقة، اذ بالأمس قام الوزير "ميشال المرّ" بعرض حل في منطقة المتن ولكن لم يستمعوا وكأن شيئاً لم يكن، فهم يريدون السرقة وحل النفايات برأيي يكون باعطاء كل بلدية أموالها وحقوقها أو اتحاد بلديات ويتولوا تصريف النفايات في مناطقهم وعلى مسؤوليتهم بمطامر أو محارق .. وهو الدور الطبيعي للبلديات في مختلف دول العالم، لكن تصور أنهم سألوني في قناة روسيا اليوم عن موضوع الفساد وأن هناك أربع مليارات دولار أو أكثر أنفقت خلال العشرين سنة الماضية أو أكثر حتى خمسة مليارات دولار صرفت ولم يصدق أحد ان هذه الأموال أعطيت لشركة سوكلين، نحن نتكلم عن مليارات الدولارات، وانا بمعلوماتي أن سوكلين أخذت ربع هذا المبلغ والباقي على الأقل ثلاثة مليارات دولار منه وزعوا على السياسيين في لبنان."
الوقت: حسناً في ظل ما تفضلتم به، إلى أين نحن ذاهبون في هذه الأزمة الحرجة على اللبنانيين؟ هل هناك حل؟
د.جابر: "نعم يجب أن يكون هناك حلّ قريب، يجب أن يخجلوا، المثل يقول "إن لم تستحِ افعل ما شئت" "واذا بليتم بالمعاصي فاستتروا" ولكن بُليوا بالمعاصي ولم يستتروا، يعني هناك جشع وسرقة، ورئيس الحكومة لا يتكلم ولا يجرؤ على قول الحقيقة هو مسكين ونحن نشفق عليه، لذلك هو لوح بالإستقالة فليتفضل لأنه لا يجوز أن يبقى هذا السم والمرض الذي يقتل اللبنانيين، كما أنه أضر بالسياحة وجلب لنا السمعة السئية، يضاف اليه أن اللبنانيين في ضرر دائم فالمستشفيات مليئة بالأمراض، هؤلاء يجب زجهم بالسجن لا أن يكفوا يدهم عن الملف فقط."
وتابع قائلاً: "أما في موضوع الرئاسة وعن حلحلة بسبب عودة الرئيس الحريري فلا جديد والدليل أنه فشل في مشروعه وأتى السعودي بمنع المساعدات عن لبنان فوراً لأنه برأيي أنا الذي كنت أقوله منذ زمن والبارحة أيضاً ذكرته صحف "اللوموند" و"الغارديان" بأن السعودية استثمرت الكثير من المال في حلفائها في لبنان ولكن لم يكن لها المردود السياسي الذي أرادته، لذلك 14 آذار تفككت وسعد الحريري لم يؤد الدور المطلوب ولم يعط النتائج المرجوة منه، لذلك الحلحلة بلبنان بعيدة باعتبار أن تاريخ لبنان يقول إن انتخاب الرئيس يأتي بقرار اقليمي ودولي وللبنانيون حصة صغيرة فيه وهذا تاريخ لبنان حتى هذه الساعة وحتى آخر رئيس، والذي انتخب في الدوحة وليس في بيروت، لذا أرى أنه في ظل هذا التوتر السعودي الايراني هناك شك باقتراب انتخاب رئيس لمدة ست سنوات، وهناك اقتراح من قبل الرئيس "حسين الحسيني" الرجل الحكيم والوطني وكل اللبنانيين يتداولون هذا الكلام بأنه وبظل استحالة انتخاب رئيس لمدة ست سنوات يصعب على هذا الفريق تحمله أو العكس، ليتم انتخاب رئيس لسنة أو سنتين يسعى فيها هذا الرئيس المؤقت الى استحداث قانون انتخابات واجراء انتخابات وأن يأتي مجلس نواب بانتخابات نسبية وينتخب رئيساً جديداً."
واختتمنا معه القول: الحديث معكم لا يُمل منه لغناه وجماليته ولكن الوقت داهمنا ففي ختام حوارنا نحب أن نعرف رأيكم باختصار عن الهدنة السورية وهل تعتبرونها ناجحة؟
فصرح د.جابر: "نعم بالطبع ناجحة، وكما لم يتوقعها البعض، فيها خروقات حتماً ولكنها ليست مهمة سهلة، أنا أعتقد أن القرار الأمريكي الروسي الذي أصبح قراراً أممياً صدر عن مجلس الأمن لن يُتراجع فيه، هناك اخفاقات وخروقات وفريق ثالث يحاول العرقلة وهناك فريق متضرر وهي السعودية وتركيا اللتان ربما أعطيتا جوائز ترضية، إنما الأمور ذاهبة الى الأفضل والى طاولة المفاوضات لأن ايران تريد ذلك وروسيا تريد ذلك وسوريا النظام تريد ذلك وأيضاً أمريكا واوروبا تريدان ذلك، والموضوع هكذا من حيث الشكل، انما المخاض عسير وليس بهذه السهولة، ولكن برأيي الشخصي لا بديل عن هذه الخطة الا بالفوضى وتقسيم سوريا الذي يعني تقسيم المنطقة بأسرها."