الوقت - دافع الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، عن استراتيجية بلاده في استخدام طائرات بدون طيار لمكافحة الإرهاب في اليمن، موضحا عدم وجود بديل آخر، في معرض رده على انتقادات أعضاء في مجلس الشيوخ. وفي مؤتمر صحفي مشترك، عقده مع رئيس الحكومة الهندية "ناريندرا مودي"، في العاصمة "نيودلهي" في الأسبوع الماضي، أضاف أوباما أن أمريكا ستواصل ضرباتها الجوية على القاعدة في اليمن و أن هدفها القضاء على كل الارهابيين التابعين لهذا التنظيم لضان أمن و سلامة المواطنين الامريكيين.
وأعرب أوباما عن قلقه بشأن الأزمة السياسية التي تشهدها اليمن، عقب اضطرابات سياسية أسفرت عن استقالة الحكومة الأسبوع المنصرم .
الواقع على أرض الميدان لا يبدو كذلك مطلقا، فبالعودة الى احصائيات الأرشيف يتبين أن عدد من استهدفتهم الطائرات الأمريكية من دون طيار لم يكن بالعدد المؤثر على نشاط القاعدة في اليمن، حتى أنها في معظم ضرباتها لم تستهدف رموز و قيادات القاعدة بل اقتصرت أهدافها على مقاتلين يتنقلون من دون اجراءات أمنية مشددة، كما كان المدنيين في كثير من الحالات ضحايا هذه الضربات
ثم أن تقرير القاعدة فرع اليمن الذي نشرته وسائل اعلام و مواقع عديدة يؤكد فعالية هذا التنظيم داخل اليمن في المناطق التي يسيطر عليها و قدرته أيضا على القيام بعمليات أمنية و انتحارية في المناطق المختلفة و البعيدة عن سيطرته، فقد ذكر المركز الأميركي لمراقبة المواقع الالكترونية (سايت) أن تنظيم القاعدة الارهابي نشر تقريرا فصليا أكد فيه أنه المنفذ للهجمات التي طالت صحيفة "شارلي ايبدو" الاسبوعية الساخرة في فرنسا، وكشف عن أنه شنّ 204 عمليات في اليمن .
ونشر التنظيم هذا التقرير الذي يحتوي على احصاءات عن عمليات بين 25 تشرين الاول/اكتوبر و20 كانون الثاني/يناير ويتحدث عن 204 عمليات في 11 محافظة في اليمن و"غزوة باريس" في إشارة إلى الهجوم الذي نفذه الاخوان كواشي .
و يعتبر تنظيم القاعدة أن أنصار الله بقيادة السيد عبد الملك الحوثي من ألد الأعداء الذين يجب محاربتهم، و هذا ما تؤكده الهجمات الانتحارية المتنقلة و التي ضربت تجمعات شعبية في أكثر من منطقة و مناسبة و راح ضحيتها مئات الأبرياء من المدنيين العزل .
يجمع المحللون المطلعون على الشأن اليمني أن الأمريكيين يراقبون الحراك الشعبي لأنصار الله بكثير من الترقب و الحذر منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في أيلول الماضي و قد بدأوا يستشعرون الخطر على مصالحهم من مد الحراك الشعبي الذي وصل الى الحدود مع السعودية من جهة و الى البحر و مضيق باب المندب من جهة أخرى، فمن مصلحة أمريكا الان أن تحافظ على القاعدة في اليمن كورقة ضغط بوجه حركة أنصار الله التي باتت تمتلك زمام الأمور في اليمن .
لن تستطيع أمريكا أن تقدم اليمن على طبق من ذهب لأنصارالله ما يعني تثبيت الجمهورية الاسلامية الايرانية لحضورها بشكل أوسع في اليمن على حدود السعودية و مضيق باب المندب حيث تمر السفن الحربية الأمريكية و ناقلات النفط، لذا فهي لن تحرق ورقة القاعدة الان حتى و لو شنت بعض الغارات التي لن تضعف حركة مقاتلي القاعدة أو تمنعهم من تنفيذ العمليات الانتحارية ضد المدنيين، أو من خلال بحث امكانية ارسال قوات أمريكية الى اليمن لمحاربة القاعدة على زعم أمريكا، هذا الطرح الذي صرح عنه أعضاء من الكونغرس و دعوا فيه لارسال قوات اميركية الى اليمن، يذكر أن أوباما لم ينف أو يؤكد امكانية ارسال قوات برية الى اليمن عندما سأله أحد الصحفيين عن الأمر في المؤتمر المشترك مع رئيس الحكومة الهندية "ناريندرا مودي" في نيودلهي.
و على خط اخر تحاول أمريكا فتح قنوات اتصال مع أنصار الله لمحاولة التوصل الى توافق على الأمور التي تهم المصالح الأمريكية، حسب ما كشفته بعض المصادر الخاصة التي تناقلت الخبر .
تدخل أمريكا في اليمن كتدخلها في أي بلد يشهد تغيير و تحول سياسي، بل ربما أعمق نظرا لمكانة اليمن الجغرافية و عقيدة أنصار الله المقربون من الجمهورية الاسلامية الايرانية لناحية رفض المشاريع الاستكبارية و العداء لاسرائيل، ما يصعب على أمريكا امتطاء رياح التغيير كما فعلت في مصر و ليبيا و غيرها، اذا فالمصالح الأمريكية فعلا في خطر و لليمن خصوصية تصعب على أمريكا مهمتها، و أنصار الله على وعي كامل أن حجج أمريكا في محاربة القاعدة في اليمن ما هي الا شماعة لتدخلها في الشأن الداخلي اليمني، و هذا ما لن يمر على أنصار الله مرور الكرام.