الوقت- أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية , وفي دراسة تقييمية سنوية تصدرعنها , تستطلع فيها أحوال الدولة العبرية والجيش وأبرز الأحداث المتوقعة التي تشكل تهديدا للكيان الاسرائيلي , أصدرت تقريرا يطال الاحداث المتوقعة عام 2015 , تناولت فيه غزة والضفة الغربية وما يجري فيهما من مستجدات خطيرة على مستوى الصراع العسكري.
التقرير جاء في مضونه أن العام القادم 2015, هو عام يحمل حربا مع غزة ويشهد اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية.
«الکس فیشمن» محلل صحافي صهيوني شهير يكتب في صحيفة «یدیعوت آحارنوت» قال : " وفق تقديراتنا , إن العام 2015 , سيشهد اشتباكات بدرجات متفاوتة في غزة والضفة الغربية . وعلى هذا الاساس , يجب اصدار تعليمات للقيادة العسكرية من اجل الاستعداد لهذه المواجهات."
وأضاف, هذه التقديرات تشير الى ان اي نوع من الاشتباك, ناجم بين حماس والسلطة الفلسطينية واسرائيل , له أبعاد خطيرة ويحمل آثارا خطيرة على الوضع الأمني في المنطقة.
فیشمن ادعى أن حماس منذ زمان انتهاء الحرب الأخيرة على غزة في صيف 2013, قامت بالتسلح والاعداد مع أنها تعلن عدم نيتها القيام بحرب.
تأثيرات هذه الحرب _ القادمة وفق التقديرات الاسرائيلية :
المراقب للحرب الاخيرة على غزة , حيث منيت اسرائيل بقيادتها السياسية والعسكرية , بهزيمة استراتيجية يمكن قراءتها من زاوايا متعددة ليس أقلها دخول تل أبيب الى منطقة التهديد الصاروخي من قبل المقاومات الفلسطينية , التي نجحت في استهداف المدينة التي لم تهدد في تاريخ الكيان الاسرائيلي , ها هي تعرضت للقصف ودخلت الى منطقة المديات الصاروخية المؤثرة لحركات المقاومة .
زاوية اخرى تشير الى ضعف شديد في مستوى تأثير القصف الجوي الاسرائيلي الذي يوما بعد يوم يظهر مدى ضعف فعاليته في ضرب القدرة الصاروخية للمقاومة . ومن منطلق اخر فإن فشل الدفاعات الجوية الاسرائيلية فيما يعرف بنظومة الدرع الصاروخي حيتس وغيرها المختصة في التصدي للصواريخ القادمة الى الاراضي الاسرائيلية والتعامل معها واسقاطها قبل بلوغ الهدف , فإن هذه البطاريات التي تعول عليها الدولة العبرية في حل الازمة الصاروخية , لم تكن على مستوى الطموح الاسرائيلي وفشلت في تأدية المهمات الموكلة اليها وبالتالي استمر تساقط الصواريخ على الاهداف الاسرائيلية دون نتيجة تغير في المعادلة الصاروخية بين اسرائيل والمقاومة.
وأما العامل الكبير الذي دخل على المواجهة , أظهر استحالة الجيش الاسرائيلي قيامه بعمل بري يمكنه من السيطرة على أي بقعة جغرافية في غزة حيث فشل الاقتحام البري من امكانية تحقيق اي تقدم معتد فيه فضلا عن تعرض قوة اسرائيلية للأسر والحاق خسائر كبرى في صفوفها.
جبهة غزة
هذا الواقع الذي أظهر مدى هشاشة وضعف الجيش الاسرائيلي , جعل المقاومة الفلسطينية تكسب المزيد من الثقة بمستوى الشلل الذي يصيب هذا الجيش الدعائي الاستعراضي المدمر, العاجز عن تحقيق اي اهداف مؤثرة في صراعه مع المقاومة, ويفضح يوما بعد يوم نقاط ضعف اسرائيل ويمكن المقاومة من تعزيز قدراتها وامكاناتها بمجاراة نقاط ضعف العدو للعمل على استغلالها.
اليوم وفي ظل عجز اسرائيل عن تحقيق اي انجاز كاسر للتوازن, يمكنها من تحقيق تفوق في المواجهة , نجدها تتخبط وتخسر القدرة الفعلية على الاقدام والفعل , وتخسر السيطرة التي كانت تتغنى بها ضد الجيوش العربية , ها هي تخوض حربا تلو الاخرى على غزة دون تحقيق أي نتائج متعد بها تغير من المعادلة القائمة , لا بل في كل معركة يرتفع سقف المواجهة ومعه غليان الشارع الفلسطيني وحرج الشارع العربي الغارق في الاقتتال الطائفي , ويعيد الانظار الى اسرائيل باعتبارها تقاتل غزة السنية وتلحق بها المجازر ويخرج الدعم الايراني السوري كباب وحيد يمد غزة بأسباب الانتصار , ويفضح تآمر وتخاذل الدول العربية التي تتغنى بالثورات !!
موقف محرج لاسرائيل التي تراقب تسليح المقاومة في غزة ومدى تطور اساليب المواجهة , ومدى تزايد حجمها عددا ونوعية , ولا تستطيع أن تقف ساكتة امام هذا التمدد الخطير للمقاومة من جهة , ومن جهة أخرى لا تستطيع أن تحرز أي تقدم فعلي يمكنها من حل هذه الازمة المتنامية التي بات مستوى تهديدها يطال العمق الاسرائيلي ولا تعتمد المواجهة فيها على اسلحة تقليدية , بل وصلت الى حدود صواريخ ذات قدرة تدميرية معتبرة , ومدها يغطي مساحات كبرى في داخل الكيان المصطنع , فما مصير اسرائيل في أي مواجهة قادمة مع غزة ؟؟
جبهة الضفة الغربية:
في المقابل فإن التقرير الامني الاسرائيلي , يشير الى امكانية اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية , وهذا عامل مهم جدا هو ثمار ونتاج التعنت الاسرائيلي والتشدد الذي يصيب سياسته ومجتمعه , وتزايد الحقد والاعتداء على الفلسطينيين واستكمال التمدد الاستيطاني دون أي مداراة ولين من قبل اسرائيل , كل هذا أدى الى تعطيل افق المفاوضات التي كانت تنفس الاحتقان في الضفة الغربية , ومع انسداد افق التفاوض يذهب الصراع الى مواجهة مسلحة , بدأت شرارتها منذ شهور مع ما عرف بمقاومة الدهس والطعن التي طالت عملياتها الاسرائيليين في الضفة وال 48, واشعلت النقمة المسلحة المكبوتة داخل الشعب المضطهد.
فشل السلطة الفلسطينية والمفاوضات يترك الساحة لفراغ تسده حركات المقاومة المدعومة بتجربة غزة المنتصرة , وستدفع بالمواجهة الى الضفة وما تحمله الضفة من حساسية كبرى في الصراع العسكري , لما تمثله من مكانة استراتيجية في عمق الاحتلال الاسرائيلي وعلى تماس مباشر مع القلب فيما يعرف بمناطق ال1948 وهذا ما يسدد ضربات امنية وعسكرية في قلب المجتمع الاسرائيلي المصطنع ويؤثر على بنيته الامنية والاقتصادية من الداخل , فحيث تجهد المقاومة في تسديده الى الاسرائيلي من غزة, ستتمكن من تحصيله في الضفة بقليل من السلاح والتخطيط لتوافر التماس المباشر ووفرة الاهداف , وسط مجتمع فلسطيني محقون داخل الضفة .
هذا التوجه لاشعال الضفة الغربية , هو نتاج حماقة وطبيعة الاسرائيلي الحاقد ومجتمعه المتجه نحو التعصب والاصولية التي تحدثنا عنها في تقرير منفصل , ومن جهة اخرى , هو نتاج نجاح تجارب المقاومة وتصاعد الثقة الشعبية فيها , والثقة بالتجربة التي ما زالت الحل الوحيد أمام الشعوب لمواجهة هكذا عدو , والسبيل الوحيد للتخلص من معاناته ومأساته , ولهذا فإن تصدير شعلة الانتفاضة الى الضفة هي اولى الهموم التي تجهد المقاومة في تحقيقها وتعمل عليها امنيا وعسكريا في ظل تواجد البيئة والارضية , وقد وجه سماحة السيد القائد علي الخامنئي في خطابه الشعب الفلسطيني عبر دعمه وتأييده واعلان استعداد ايران للمساهمة في تسليح الضفة الغربية ووقوفها الى جانب معاناة اهلها . وهذا يرسم سياسة واضحة لخط الممانعة المقاوم من طهران الى بيروت ودمشق الى القدس في خصوص الجبهة الداخلية الاسرائيلية.
السنة القادمة, سنة صعبة جدا على الاحتلال الاسرائيلي
يمكننا القول , السنة القادمة , سنة صعبة جدا على الاحتلال الاسرائيلي , فإسرائيل أمام واقع لا تحسد عليه , فأي مواجهة قادمة ستحمل لاسرائيل مزيدا من التصدع على مستوى الجيش والطاقم السياسي , وسيفقد الشارع الاسرائيلي الثقة اكثر بقيادته وجيشه , وسينقل الصراع مع حركات المقاومة الى منطقة متقدمة أكثر تطرح فيها المقاومة أنواعا واساليب جديدة في المواجهة المسلحة , وتنقل الاسرائيلي الى مرحلة ساخنة أكثر من المواجهة وتلحق فيه الهزائم الكبرى وستضع اسرائيل في موقف صعب ومحرج جدا..
اسرائيل وبالدليل المنطقي , أمام أزمات تحكي عنها اجهزة استخباراتها بلسان حالها , تمر في سنين مصيرية من وجودها . كنا تحدثنا عبر مقالات سابقة عن واقع الكيان الاسرائيلي بجوانبه المتعددة , تناولنا فيها المجتمع والقيادة والانتخابات والبنية الداخلية لاسرائيل والسياسة الخارجية والسلوك السياسي الاسرائيلي وكلها تفيدنا بمؤشرات حساسة وجدية , ليست أمنيات وآمال , انما تخبرنا عن واقع خطر يعاني منه الكيان الاسرائيلي له نتائج استراتيجية تمس حقيقة تواجد اسرائيل في قادم الايام , هذا ما يتيح لكم قراءته.