الوقت- الضفة الغربية هي جزء لا يتجزأ من الجسد الفلسطيني، والتأريخ يشهد على أن أبناء هذه المنطقة لم يتوانوا يوماً عن نصرة إخوانهم في كل حركة ونهضة شعبية، وسقط اثر ذلك الآلاف من الشهداء، واعتقل الصهاينة عشرات الآلاف من شبان هذه المنطقة.
منذ اواسط عقد الثمانينيات في القرن العشرين فتحت صفحة جديدة من نضال الشعب الفلسطيني ضد المحتلين الصهاينة تاسياً بالثورة الاسلامية في ايران التي حققت انتصاراً باهراً على النظام الطاغوتي بقيادة الامام الخميني (رحمه الله) وقبل تلك الآونة لم تشهد الساحة اية عمليات جهادية ضد الصهاينة في عمق الاراضي الفلسطينية، حيث بدات ثورة الحجارة الاولى ومن ثم اتسع نطاقها لينفض الشعب في الاقصى وتنطلق الانتفاضة الثانية ما تمخض عنه حدوث تغييرات هامة على المستويين المحلي والعالمي فعرف العالم باسره بان الشعب والحكومة الفلسطينية لهما هوية مستقلة.
ان العالم عرف هوية الشعب الفلسطيني بعد انتفاضته الباسلة اذ ان معظم الشعوب كانت متاثرة بالاعلام الغربي المسموم الموجه ضد ابناء الشعب الفلسطيني والمدافع عن الحركة الصهيونية البغيضة رغم ان الصهاينة اقلية محدودة في الاراضي الفلسطينية لذلك بعد ان شاهد العالم الآلاف من الفلسطينيين نساء ورجالاً يقذفون الجنود المدججين بالسلاح حجارة وقطعاً صغيرة مما لديهم من خشب وحديد ادرك ان شعباً باسره يعيش في ظلام مطبق وهو يريد ان يسمع صوته ويعلن حقوقه المسلوبة.
وهذه الانتفاضة المدوية لم تقتصر اصداؤها على الاعلام العالمي فحسب بل كانت لها آثار عملية وبما في ذلك ظهور حكومة باسم "حكومة فلسطين" الى النور مما اضطر الغربيين واعداء الشعب الفلسطيني لان يتحدثوا عن دولة في الاراضي المحتلة ما عدا "دولة الصهاينة" اللقيطة بعد ان كانوا يتجاهلون الانسان الفلسطيني من الاساس وكل هذا بكل تاكيد من بركات المقاومة والنضال وعدم الاستسلام للاعداء.
لقد بدا الشعب الفلسطيني حركته الجهادية ضد الصهاينة منذ باكورة اقتحام الصهاينة للاراضي المحتلة في اواخر القرن التاسع عشر الميلادي وما زال يقاوم حتى هذه اللحظة وبالطبع فان الكيان الصهيوني ليس وحيداً والا لقضي عليه بين ليلة وضحاها لكنه مدعوم باعتى القوى العالمية الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة الاميركية.
وبمرور الزمان وجد الصهاينة انفسهم في مازق امام مقاومة الشعب الفلسطيني فتصدوا له بشتى السبل وبالتالي اضطر الغربيون لان يؤسسوا تشكيلات سياسية موالية لها وبما في ذلك سلطة الحكم الذاتي لاجل ان يعترف العالم بدولة فلسطينية تحمل مواصفات يستسيغها الغرب لاجل اعقام المقاومة الا ان ابناء الشعب الفلسطيني طوال مقاومتهم المسلحة البطولية طوال 120 عاماً اثبتوا عدم اذعانهم لما يحاك ضدهم واصرارهم على تحرير اراضيهم ومقدساتهم من براثن الصهاينة المتطرفين دون ان يتوانوا لحظة عن ذلك.
ورغم ان الاعداء تمكنوا احياناً من عرقلة مسيرة المقاومة الا انهم لم ولن يتمكنوا من القضاء عليها مطلقاً فهي تيار عارم في جميع نواحي ارض فلسطين المحتلة انطلاقاً من غزة وصولاً الى الضفة الغربية وانتهاءً بالمناطق المحتلة عام 1948 م وفي انتفاضة الاقصى تمكن المجاهدون والفدائيون الفلسطينيون من توجيه ضربات موجعة للصهاينة بحيث كانت الاحصائيات تشير الى ان الخسائر البشرية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية لا تقل عن خسائر الصهاينة لذا فان الضفة الغربية تحظى باهمية بالغة للشعب الفلسطيني لانها جزء لا يتجزأ من كيان فلسطين وتأريخها بعد ان قدمت الآلاف من الشهداء واسر من ابنائها عشرات الآلاف رغم ان مساحتها لا تتجاوز الخمسة آلاف و 655 كيلومتر مربع وحسب آخر الاحصائيات فان عدد سكانها بلغ في نهاية عام 2013 م مليونين و 754 الف و 722 نسمة.
وقد شهدت السنوات الماضية العديد من العمليات الجهادية ضد الصهاينة من قبل ابناء الضفة الغربية ما جعل بعض الباحثين يقولون انها العمق الاستراتيجي للشعب الفلسطيني والدعامة الاساسية للمقاومة فالكثير من عمليات المقاومة يتم التخطيط لها هناك وباعتراف الصهاينة انفسهم فان عمليات الضفة الغربية كبدتهم خسائر فادحة في الارواح والمعدات لذلك غيرت المعادلة على الساحة.
ولا شك في اننا عندما نتحدث عن مقاومة الضفة الغربية فاننا نقصد من ذلك اعتى جبهة تتصدى للجزارين الصهاينة وهي اليوم قادرة على توجيه اقسى الضربات لهم دفاعاً عن ابناء جلدتهم وحقوقهم المشروعة التي سلبها هؤلاء المتغطرسون كما انها تعد نقطة مواجهة مع المستوطنين الغاصبين مما يجعلها مكاناً مثالياً لزعزعة الامن الصهيوني لكونها على تماس مباشر مع الاراضي التي يقطنونها وكل هذه المواصفات حفزت الصهاينة على اتخاذ اجراءات خاصة لقمع المقاومة هناك.