الوقت ـ لم یکن یتوقع الشیخ «احمد کریمه» الذی ینتمی الی جامعة الازهر تعلیق عضویته فی هذه الجامعة من قبل مسؤلیها بسبب زیارته لایران والقائه خطابا فی بعض المؤسسات الدینیة والحوزات العلمیة الایرانیة. حیث اثار اصدار بیانا من قبل «احمد عجیلة» الامین العام للهیئة العلیا للشؤون الاسلامیة التی یرأسها الدکتور «احمد الطیب»، استغراب العدید من الشخصیات المهتمة بقضایا العالم الاسلامی.
واکد البیان ان الرجل علقت عضویته فی کافة لجان الازهر حتی یتم الانتهاء من التحقیقات فی التهم التی وجهت الیه من ضمنها القیام بالقاء خطاب فی المؤسسات الدینیة الإیرانیة دون استئذان مسؤلی جامعة الازهر حول القیام بمثل هذه الخطوة!. ومن المؤسف اننا نری مثل هذه التصرفات من قبل هذه الجامعة التی کثیرا ما نسمع عنها أنها منفتحة علی سائر المذاهب الإسلامیة. فان معاقبة الشیخ احمد کریمة بسبب مجرد انه القی خطابا فی الحوزات العلمیة الإیرانیة، لهذا یعنی ان الازهر لا یؤمن نهائیا بالتقارب بین المذاهب الاسلامیة الکبری خاصة تجاه المذهب الشیعی الاثنی عشری الذی یتبعه مئات الملایین من المسلمون فی شتی بقاء العالم.
إذاً فی حال کان مسؤلوا الازهر وعلی رأسهم الدکتور «احمد الطیب» لا یسمح لعلماء هذه الجامعة حتی بزیارة المراکز الدینیة فی ایران، إذاً کیف یمکن ان یشهد العالم الاسلامی تقارب فی الافکار والآراء والاتحاد لمواجهة التحدیات ومعالجة الازمات التی یعانی منها العالم الاسلامی خاصة «القضیة الفلسطینیة» باعتبارها القضیة المحوریة لکافة الشعوب الاسلامیة؟. مما لا شک فیه أن معاقبة الشیخ کریمة من قبل الازهر یعد تصرف لا یلیق بمکانة هذه الجامعة علی الاطلاق. والسؤال المهم الذی یطرح نفسه هنا تجاه هذا التصرف غیر اللائق من قبل بعض العلماء فی الازهر الشریف هو ما هی الاخطار التی یمکن ان تنتج عن مثل هذه الزیارة؟، فـ الجواب بالطبع واضح، لیست فقط هذه الزیارة ان تشکل ای خطرا علی الازهر الشریف بل تزیل العقبات و الحواجز التی تحول دون الوصول إلی الوحدة الإسلامیة والتقریب بین المذاهب و القضاء علی المؤمرات الأمریکیة التی أحیکت ضد المسلمین لتاجیج الطائفیة بین الشعوب الإسلامیة فی المنطقة.
الیوم نسمع کلاما طیبا من قبل الشعوب الاسلامیة خاصة من النخبة فی سیاق ضرورة السعی الی الوصول الی الوحدة فی العالم الاسلامی ونبذ الخلافات واحترام الرأی الآخر ویفترض أن یکون العلماء وخاصة علماء جامعة الازهر السبّاقون و الرائدون فی هذا السیاق، لکن وللاسف الشدید التصرفات السیئة التی واجهها الشیخ کریمة عند عودته الی مصر کانت مخیبة للآمال.
لاشک أن للحرکة الوهابیة والسلفیة هاتین الحرکتین التدمیریتین دورا هام فی ممارسة الضغوط علی المؤسسة الدینیة المصریة وخاصة الشیخ «احمد الطیب» حیث ادت الی اتخاذ مثل هذه القرارات البعیدة عن الصواب فی معاقبة الشیخ کریمة لقضایا تافهة ومثیرة للسخریة. ومن المؤسف ان تکون دولة کمصر بما تمتلکه من دور ریادی فی العالم الاسلامی، تصبح منصاعة الی المؤسسة الوهابیة السعودیة التی لم تسلم نقطة من العالم الاسلامی من افکارها الهدامة.
وأما السلفیة المصریة ایضا تسعی من خلال تصرفاتها المتطرفة والبعیدة کل البعد عن الاسلام السمح ان ترسم صورة سیئة وغیر متسامحة عن الشعب المصری ومؤسساته الدینیة خاصة الازهر الشریف. بالطبع فان الشعب المصری معروف بقبول الفکر الآخر فما بالک حین مایکون ذلک الآخر هو طائفة کبیرة من الامة الإسلامیة ونعنی هنا الشیعة المسلمون. فهل یعقل أن الشعب المصری لایؤید مساعی التقریب او علی الاقل التعرف علی افکار سائر المسلمین حتی یعاقب الشیخ کریمة بهذه الصورة من قبل جامعة الازهر لکی یکون درسا لسائر فضلاء واساتذة هذه الجامعة العریقة ولتخویفهم ومنعهم من الاقتراب عن سائر المذاهب الاسلامیة!.
انها حقیقة مواقف مشبوهة ویؤسف لها فی نفس الوقت من قبل الازهر، وکما اسلفنا ان لحرکتی الوهابیة والسلفیة دور کبیر فی مثل هذه المواقف لکن وبالرغم من جمیع هذه القضایا کان من المفترض علی جامعة الازهر ان تحافظ علی استقلالیتها وان لا تکون لعبة بید هاتین الحرکتین المتطرفتین الذی لایشک احد فی أنهما یلبیان طموحات الکیان الصهیونی والدول الغربیة خاصة امیرکا لبث الفتنة والخلاف فی العالم الاسلامی، لغرض الهاء الشعوب الاسلامیة بقضایا هامشیة وابعادها عن القضیة الفلسطینیة. ولو لم یکن مثل هذه المؤامرات من قبل التیارات المتطرفة التی تدعی الاسلام کـ السلفیة والوهابیة السعودیة فلم یکن یستطیع الکیان الغاصب الصهیونی البقاء طوال العقود الماضیة فی قلب العالم الاسلامی.
وفی النهایة نقول انه من الضروری ان تتحرر جامعة الازهر من الضغوطات السعودیة والوهابیة والسلفیة وان تکون جامعة لجمیع المذاهب الاسلامیة لیست السنیة فقط بل مدرسة تدرس فیها سائر المذاهب الاسلامیة التی یوحد اتباعها الله سبحانه وتعالی، ویعملون بما امرهم الله جل جلاله ورسوله الکریم. لا ان تعلّق عضویة احد اعضائها لمجرد زیارته لبعض المراکز الدینیة فی قم المقدسة حتی دون ان تکون له ای مواقف ضد القضایا المثیرة للجدل، فمثل هذه التصرفات ستقلل من مصداقیة هذه الجامعة ودعوتها لقبول الآخر.